خلال فترة "الصمت".. سيناريو مرجح لمسار انتخابات فرنسا
مع سيطرة "الصمت الانتخابي" على الأجواء في فرنسا، يبرز سيناريو مرجح في اقتراع غدا الأحد، استنادا إلى أرقام استطلاعات الرأي والمراقبين.
ومنذ منتصف ليل الجمعة، الموعد الرسمي لانتهاء الحملة الانتخابية للدورة الأولى من الانتخابات، دخلت فرنسا مرحلة الصمت الانتخابي، ولم يعد يحق للمرشحين الـ12 للرئاسة التحدث أو تنظيم تجمعات.
ومع ذلك، يمكن للعديد منهم المشاركة في "المسيرات من أجل المستقبل"، التي أُعلن عنها في عدة مدن فرنسية بمبادرة من منظمات يسارية.
ومع اقتراب موعد الاقتراع غدا الأحد، لا تتجه الانتخابات إلى إبراز فائز من الجولة الأولى، إذ سيصوت نحو 48.7 مليون ناخب لاختيار مرشحَين نهائيَين سيتواجهان في الجولة الثانية في 24 أبريل/نيسان.
ومن المنتظر أن يتم الكشف عن المؤشرات الأولى لنتائج الانتخابات في الساعة السادسة مساء بتوقيت غرينتش، غدا الأحد، بعد إغلاق آخر مراكز الاقتراع، علما أن الناخبين في أقاليم ما وراء البحار، بدأوا التصويت اليوم السبت.
وتفيد كل استطلاعات الرأي أن إيمانويل ماكرون وماري لوبان اللذين سبق أن تواجها في الدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية في عام 2017، هما الأوفر حظا للتأهل مجددا إلى الجولة الثانية أواخر الشهر الجاري، لكنها تشير إلى تقلّص الفارق بينهما أكثر فأكثر.
لكن الدورة الأولى قد تحمل مفاجآت، خصوصا بسبب العدد الكبير جدا من الناخبين الذين ما زالوا مترددين، وعامل الامتناع الهائل عن التصويت.
وأظهر استطلاعا للرأي نشرته شركة "إيلاب" الفرنسية للأبحاث والاستشارات، أمس الجمعة، أن ماكرون سيفوز بالمرتبة الأولى في الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية، محققا 26% من الأصوات، متراجعا نقطتين مقارنة بآخر استطلاع.
ووفق استطلاع إيلاب، ستحل لوبان في المركز الثاني في الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية بنسبة 25%، بزيادة نقطتين عن آخر استطلاع.
من جانبه، يأمل مرشح اليسار الراديكالي جان لوك ميلانشون (١٧.٥%) الذي تضعه استطلاعات الرأي في المركز الثالث بعد لوبان، في إحداث مفاجأة بالتأهل إلى الدورة الثانية، والذي يدعو منذ عدة أسابيع ناخبي اليسار المنقسم والممثل بعدة مرشحين، للتصويت لصالحه.
المرشحون الآخرون من اليسار هم: المدافع عن البيئة يانيك جادو، والاشتراكية آن هيدالغو، والشيوعي فابيان روسيل، لكن جزءا من ناخبيهم قد تغريهم فكرة "التصويت المفيد" لصالح ميلانشون.
ويأتي خلف ميلانشون بفارق كبير جدا، بحسب استطلاعات الرأي، مرشحة اليمين الجمهوري فاليري بيكريس (٨%) ومرشح اليمين المتطرف الآخر إريك زيمور (٨.٥%).
ووفق تقارير فرنسية، فإن الفوارق الكبيرة بين ماكرون ولوبان في القمة، وباقي المرشحين، ترجح بنسبة كبيرة للغاية، سيناريو جولة ثانية مكررة من عام 2017 بين الرئيس المنتهية ولايته، ومرشحة اليمين المتطرف.
لكن الجولة الثانية المرجحة ستكون في غاية التعقيد في ظل الفوارق القريبة للغاية بين ماكرون ولوبان في التصويت وجها لوجه، إذ يشير استطلاع إيلاب إلى تفوق ماكرون بـ51% من الأصوات بفارق نقطتين فقط عن لوبان التي ستحصل على 49%، لكن تفوق الرئيس الحالي يظل في نطاق هامش الخطأ، ما يفتح الأبواب أمام كل الاحتمالات.
"الجبهة الجمهورية"
في الجولة الثانية من عام 2017، تشكلت ما بات يعرف بـ"الجبهة الجمهورية" من أطياف الوسط واليمين واليسار المعتدل، تحت شعار "لن يمروا"، لدعم ماكرون، ومنع اليمين المتطرف ولوبان من المرور إلى قصر الإليزيه، ونجت بقوة بفوز السياسي البارز بـ66% من الأصوات.
وفي مواجهة احتمال فوز اليمين المتطرف بالرئاسة هذا العام أيضا، كشف بعض المرشحين عن مواقفهم التي سيعلنون عنها مساء الأحد؛ أي بعد انتهاء الجولة الأولى، إذ أكد المرشح فابيان روسيل أنه سيدعو للتصويت ضد لوبان، فيما رفضت المرشحة فاليري بيكريس التصريح لمن ستصوت في الدورة الثانية.
لكن في حملة ماكرون، هناك إقرار بأن فكرة "الجبهة الجمهورية" التي تشكلت لدعمه في الجولة الثانية عام 2017، لم تعد أمرا مسلّما، وفق "فرانس برس".
ويقول مستشار للرئيس الفرنسي المنتهية ولايته إن "مجرد شعار (لن يمروا) لن ينجح في توحيد الصفوف هذه المرة".
وبعد هزيمتها عام 2017، وشعورها بالارتباك لبعض الوقت إثر ظهور المرشح إريك زيمور في المشهد اليميني المتطرف، تجاوزت مارين لوبان تدريجيا تعثرها واستعادت بريقها إلى حد أنها قدمت نفسها خلال آخر تجمع نظمته أمس الجمعة بأنها تمثل "فرنسا الهادئة".
كما ركزت حملة لوبان على القوة الشرائية، الشاغل الرئيسي للشعب الفرنسي القلق بشأن التضخم وارتفاع أسعار الطاقة.
وفي مواجهتها، بدأ ماكرون حملته بشكل متأخر جدا، إذ حاول تقديم صورة زعيم تشغله الأزمات الصحية والدولية، وهو أمر خدمه في البداية قبل أن يجعله يبدو منفصلا عن الاهتمامات اليومية للفرنسيين.
وإدراكا منه للخطر، دعا الرئيس الفرنسي المنتهية ولايته منذ بداية أبريل/نيسان إلى "التعبئة" ضد اليمين المتطرف.
وتعليقا على مسار الحملات الانتخابية، قال جيل باريس المتخصص في الانتخابات، لصحيفة لوموند الفرنسية اليومية إن "الحرب في أوكرانيا دمرت حملة مرشح اليمين المتطرف إيرك زيمور".
وتابع: "كان موقف زيمور المؤيد لروسيا عبئًبا، بينما كانت ماري لوبان ذكية بما يكفي للتحول إلى وجهة نظر أكثر اعتدالًا"، مضيفا "كانت لوبان مستعدة لقبول اللاجئين الأوكرانيين [على الفور] ، بينما استغرق الأمر يومين حتى أدرك زيمور نفس الأمر".
وأضاف "حصلت لوبان منذ ذلك الحين على جزء كبير من أصوات إريك زيمور، وكان هذا نقطة تحول في الانتخابات".
aXA6IDEzLjU5LjIzNC4xODIg جزيرة ام اند امز