إعلان فرنسي لتمرد أوروبي.. ماكرون يهدم جسر الأطلسي بمعول ترامب
إهانة من الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب إلى نظيره الفرنسي الحالي تضع علاقة باريس وأوروبا عبر الأطلسي على جهاز إنعاش يدفع نحو تحرر القارة العجوز من وصاية أمريكا.
مقاربة شائكة تستشرف هبوطا ضوئيا بمسار العلاقات الفرنسية الأمريكية في حال عودة ترامب إلى الرئاسة في أمريكا، قبل أن تحسم أوروبا بالأساس قرارها بشأن التمرد على وصاية واشنطن.
وبحسب إحداثيات المشهد الأمريكي، فإنه من الوارد جدا أن تعيد انتخابات 2024 ترامب إلى البيت الأبيض، لكن عودته ستكون -حال تحققها- في سياق جديد تغيرت فيه موازين القوى الدولية والاصطفافات وتقدمت فيه أقطاب على حساب أخرى، في تداعيات بديهية لحرب أوكرانيا.
إهانة وصفعة
الحكاية بدأت باتهام وجهه الرئيس الأمريكي السابق لماكرون بـ"التذلل" إلى الصين، وذلك على خلفية تصريحات أدلى بها الرئيس الفرنسي حول تايوان.
وقال ماكرون خلال مؤتمر صحفي أعقب لقاء جمعه برئيس الوزراء الهولندي مارك روته في أمستردام بهولندا: "أن تكون حليفًا لا يعني أن تكون تابعًا، ولا يعني أنّه لم يعد من حقّك أن يكون لك تفكيرك الخاص".
وأضاف: "ولا يعني أننا سنتبع أشخاصًا هم الأكثر تشددًا في بلد هو حليفنا"، في تلميح واضح للمسؤولين الأمريكيين الجمهوريين الذين يهاجمون الصين بشدّة.
وكان الرئيس الفرنسي أثار استغراب الكثيرين في الولايات المتّحدة وأوروبا بدعوته الاتّحاد الأوروبي إلى ألا يكون "تابعاً" لواشنطن أو بكين في قضية تايوان.
وشدّد ماكرون على أنّ "موقف فرنسا والأوروبيين هو نفسه بالنسبة لتايوان: نحن مع الوضع القائم". وأضاف: "هذه السياسة ثابتة ولم تتغيّر".
ودخل ترامب على خط انتقاد ماكرون، وشن عليه هجوماً لاذعا بالقول إنّ "ماكرون، وهو صديق، يتذلّل للصين".
وتعليقًا على ما قاله ترامب، اكتفى ماكرون الأربعاء بإبداء أسفه لما بدر من الملياردير الجمهوري، معتبراً أنّه يساهم في "تصعيد" الموقف.
وقال ماكرون: "عندما كان رئيساً لم أكن أعلّق على عباراته، لن أفعل ذلك اليوم بعدما لم يعد رئيساً".
ماذا لو؟
بعد صفعة ماكرون في رده على ترامب بتلك الطريقة، انتقدت الرئاسة الفرنسية، تصريحات للرئيس الأمريكي السابق، موجهة سهام النقد للمصطلحات التي استخدمها للتعليق على زيارة ماكرون للصين.
مد وجزر أعادا علاقات باريس مع ترامب إلى أدنى مستوياتها، ما يفجر استفهامات عديدة في حال عاد الملياردير الجمهوري العام المقبل إلى البيت الأبيض.
عودة محتملة لن تسقط من أولوياتها التصدي لأي تقارب من الأوروبيين تجاه الصين التي ناصبها ترامب العداء خلال فترة رئاسته، أكثر من أي محور آخر.
وفي خضم التطورات الراهنة، وتحرك بوصلة العالم شرقا في ظل الحرب الأوكرانية الروسية والاصطفافات الراهنة، لا يبدو أن العلاقات عبر الأطلسي ستعود إلى ما كانت عليه قبل سنوات.
طرح يأتي في وقت أبدت فيه أوروبا، في أكثر من مرة، رغبتها في التحرر من الوصاية الأمريكية، حيث يؤكد قادتها الجدد أنها مجرد حليف، ومع تغير موازين القوى، فإنها قد تنزل إلى ما دون ذلك بكثير.
نهاية شهر العسل؟
تصريحات ماكرون خلال زيارة أجراها مؤخرا إلى الصين، جددت الجدل حول مساعي فرنسا والقارة العجوز عموما لانتهاج سياسة مستقلة عن واشنطن.
ومع أن خبراء قللوا من احتمال تجسد المسار، معتبرين أن إخراج تلك التصريحات إلى حيز الوجود يتطلب عملا أكثر بكثير من الكلمات، لكن آخرين أكدوا بالفعل نهاية شهل العسل بين أوروبا وأمريكا.
وعقب زيارته، دعا ماكرون خلال مقابلة متلفزة مع إعلام فرنسي، إلى بدء تقليل اعتماد أوروبا على الدولار الأمريكي، وضرورة إيقاف تبعية القارة لأمريكا وتحقيق استقلالها الاستراتيجي.
كما شدد على ضرورة تقليل اعتمادها على السلاح ومصادر الطاقة الأمريكية، وتجنب الانجرار لمواجهة بين بكين وواشنطن بشأن أزمة تايوان.
تصريحات تعكس الكثير بشأن العلاقات عبر الأطلسي، وتضع نقاط استفهام كثيرة حول مصيرها في حال عودة ترامب بالذات إلى البيت الأبيض، وهو الذي لطالما كانت علاقاته متوترة مع قادة أوروبا، رغم إصراره على وصفهم بأصدقاء أمريكا.
aXA6IDMuMTM4LjEyNS44NiA=
جزيرة ام اند امز