ما سر الزيارات الأوروبية إلى ليبيا؟.. خبراء يجيبون
وفود أوروبية وغربية تصل من كل حدب وصوب إلى العاصمة الليبية طرابلس، رافعة شعار دعم الحكومة الجديدة في مهمتها، بعد أسابيع من منحها الثقة.
تلك الوفود التي سئمت دولها التعامل مع عدة أطراف في ليبيا، تأتي حاملة في جعبتها عدة رسائل، أساسها ضرورة توحيد المؤسسات الليبية ووضع حد لحالة الانقسام التي أشعلت نيرانها أطراف خارجية، وخروج القوات الأجنبية والمرتزقة من ليبيا، في إطار خارطة الطريق التي وضعتها الأمم المتحدة للبلد الأفريقي.
خبراء ليبيون أكدوا في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، أن الدول الأوروبية تسعى من خلال فتح سفاراتها وإيفاد دبلوماسييها إلى ليبيا، إلى تحقيق عدة أهداف، بينها الحصول على نصيب من كعكة إعادة الإعمار، وضمان مصالحها في ليبيا، والتي تعد البوابة الخلفية لأوروبا.
وزار وزراء خارجية فرنسا وإيطاليا وألمانيا أواخر مارس/آذار الماضي، العاصمة الليبية طرابلس، حيث أكدوا خلال مؤتمر صحفي مشترك، ضرورة إجلاء المرتزقة نهائيا من البلاد للعودة للاستقرار، مشيرين إلى دعم الاتحاد الأوروبي الانتقال السلس للسلطة في ليبيا، وضرورة إجراء الانتخابات المقررة أواخر ديسمبر/كانون الأول المقبل.
وفيما وصل رئيس الوزراء المالطي روبرت أبيلا، اليوم الإثنين، إلى العاصمة الليبية طرابلس، لإجراء محادثات رفيعة المستوى حول الهجرة والأمن في المنطقة، يصل غدًا رئيس الوزراء الإيطالي ماريو دراجي، إلى طرابلس في أول زيارة رسمية له للخارج منذ توليه مهام منصبه.
الكعكة الليبية
عادل ياسين، رئيس مجلس العلاقات الدولية الليبية، قال في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، إن إيفاد الدول الأوروبية لدبلوماسييها وحكوماتها إلى ليبيا، يهدف للحصول على أكثر قطعة من الكعكة الليبية، والتي تقدر بـ110 مليارات دينار ليبي (24 مليار دولار).
وأشار ياسين إلى أن الحكومات الأوروبية تتصارع على ليبيا، وتسابق كل منها الزمن لإعادة فتح سفاراتها وقنصلياتها في طرابلس، وتقدم كل الدعم للحكومة الليبية، لضمان مصالحها لا أكثر.
مصالح جيوسياسية
البرلماني الليبي إبراهيم الزغيد، قال في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، إن الزيارات المكوكية للدول الأوروبية إلى ليبيا، تهدف إلى تحسين علاقاتها مع ليبيا، بعد تشكيل الحكومة الوطنية وأخذ الشرعية من مجلس النواب (الجسم الشرعي الوحيد في دولة ليبيا).
وتوقع البرلماني الليبي أن تحذو دول إقليمية وغربية حذو الدول الأوروبية، للمحافظة على مصالحها الجيوسياسية والاقتصادية، ولمحاولة الحصول على نصيبهم من الكعكة الليبية.
محمود زاقوب المحلل السياسي الليبي، قال لـ"العين الإخبارية"، إن توافد الوفود من كل حدب وصوب إلى ليبيا يمكن قراءته من عدة مستويات، أولها اقتناع المؤسسات الدولية بأن الأزمة الليبية دخلت مرحلة جديدة وهي المرحلة النهائية للصراع المسلح.
وأشار إلى أن الأطراف الدولية سئمت التصعيد المستمر للأزمة، معلنة عزمها إنهاء الأزمة الليبية، لما يمثله موقع ليبيا من أهمية استراتيجية لتلك الدول، والتي تعتبر ليبيا بوابتها الخلفية.
كنز اقتصادي
وأوضح المحلل السياسي الليبي، أن تلك الدول تسعى للوقوف بحزم ضد إحداث أي تغيير في الخريطة الجيوسياسية في المنطقة، وهو ما أكدته وفودها بضرورة إخراج كل القوات الأجنبية المتواجدة على الأراضي الليبية.
وأكد أن ليبيا تمثل لتلك الدول كنزا اقتصاديا (نفط.. موارد أخرى)، فضلا عن مشروع إعادة إعمار ليبيا الذي سترصد له المليارات وتتسابق كل الأطراف لأن تكون لها الأولية فيه.
وأشار إلى اتفاقيات وقعتها بعض الدول، مع ليبيا أثناء الفترة السابقة، وهو ما تسعى للحفاظ عليه، وسط سعي بعض الأطراف إلى إلغائها أو التخلص منها.
وحول دور تلك الزيارات في توحيد المؤسسات الليبية أو حل الأزمة السياسية في البلاد، قال المحلل السياسي الليبي، إن المؤسسات ذات الطابع المدني تعتبر في حكم الموحدة الآن، إلا أن المعضلة تبقى في المؤسسات ذات الطابع العسكري، التي تنتظر الحسم، مشيرًا إلى أن الدول الخارجية تريد التعامل مع طرف واحد، ما قد يكون عاملا مشجعًا للمؤسسات العسكرية لأن تتوحد.
المحلل السياسي الليبي عز الدين عقيل، فصل لـ"العين الإخبارية"، نوايا بعض الدول الأوروبية تجاه ليبيا، قائلا، إن إيطاليا تعتقد نفسها الوريثة الإمبريالية لليبيا، خاصة في ظل عودة الكثير من دول العالم الثالث منذ العقد الثاني من هذا القرن إلى أجواء زمن الاستعمار والمد الإمبريالي.
وأشار إلى أن اقتراب إيطاليا من ليبيا لم يبدأ اليوم بل ومنذ بداية الأزمة خاصة وأنها تلقت ضوءا أخضر من طبقة من وصفهم بـ"سياسيي الصدفة" الذين حكموا ليبيا، خاصة حكومة فايز السراج المنتهية ولايتها على زيادة تدخلها بالشأن الليبي.
شرق المتوسط
وتابع المحلل السياسي الليبي أن اليونان لها مصلحة مباشرة في إبعاد ليبيا عن ثروة شرق المتوسط، مؤكدًا أنها تدفع الليبيين لرفض حقوقهم البحرية التي أظهرتها تركيا مكرهة، على حد قوله.
وأكد أن مالطا تحاول استغلال ظروف ليبيا الراهنة، بتحريض مباشر من قوى غربية، للحصول على نصيب من حصة ليبيا النفطية والسمكية بالمياه الاقتصادية الليبية المقابلة للمياه المالطية، بجانب رغبتها في إيجاد صيغة قانونية يوافق عليها الجانب الليبي تحت ضغوط أجنبية، لتوريط ليبيا أكثر بتحمل أعباء أزمة الهجرة غير الشرعية.
aXA6IDE4LjE5MS44Ny4xNTcg جزيرة ام اند امز