إحصاءات صادمة.. الإخوان تسللوا عميقًا في مجتمعات الشباب المسلم بفرنسا
أثار استطلاع حديث أجرته مؤسسة إيفوب حول انتشار أفكار تنظيمات الإسلام السياسي بين الشباب المسلم في فرنسا صدمة واسعة في البلد الأوروبي.
ورفعت فرنسا خلال العام الجاري من منسوب التأهب لمواجهة ما تعتبره أفكارًا ضد قيم الجمهورية، مع رصدها نشاطًا كثيفًا لتنظيم الإخوان وهيئات ومؤسسات تابعة له.
وفي ظل هذه الأجواء، كشفت نتائج الاستطلاع، بحسب صحيفة "لوجورنال دو ديمانش"، عن مستوى مرتفع من تغلغل الإسلام السياسي ومحاولته استقطاب الشباب المسلم في فرنسا، ما يعيد إلى الواجهة السؤال القديم حول التوازن بين العلمانية الفرنسية ومشاريع الإسلام السياسي التي تسعى، بصورة مباشرة أو غير مباشرة، إلى فرض حضورها في المجال العام.
وفقًا للاستطلاع، يتعاطف عدد كبير من جيل الشباب المسلم في فرنسا مع تنظيم الإخوان والمؤسسات المنتمية له، ما يسلط الضوء على تنامي التوجهات المتطرفة بين الشباب بعد عقود من العلمانية.
ونقلت الصحيفة الفرنسية عن الباحث والمؤرخ جان مارك ألبرت تعليقه على هذه النتائج بالقول إن مفاجأة الرأي العام ليست مفاجئة بالقدر الذي تبدو عليه، فإشارات التباعد بين الأجيال الجديدة والمجتمع الفرنسي تتصاعد منذ عقود.
وكان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قد حذّر في وقت سابق من العام الجاري من مشروع سياسي لجماعة الإخوان يهدف إلى تقويض قيم الجمهورية وفصل المسلمين عن المجتمع.
وفي تصريحات متعددة، شدد ماكرون على أن مواجهة هذا التغلغل الفكري لا تقوم على محاربة الإسلام كدين، بل على التصدي للأيديولوجيات التي تستغل الدين لتكريس الولاء التنظيمي وبناء شبكات نفوذ داخل المؤسسات التعليمية والجمعيات المحلية.
من جانبه، حذر المؤرخ الفرنسي من تطرف الشباب المسلم المسالم في الأساس في فرنسا نتيجة تعاطفه مع تنظيم الإخوان، وهو قلق طالما تم التحذير منه سابقًا، والآن أصبح مؤكدًا وفقًا للاستطلاع.
وأشار إلى أن هذا التوجه الجديد يمثل تحديًا حضاريًا أكثر من كونه مجرد مسألة روحية، إذ يطرح مسألة مدى قدرة النموذج الجمهوري الفرنسي على الدمج، مقابل دعوات أخرى تؤكد أن الحل يكمن في الاندماج الكامل.
لكن التحدي الرئيسي، وفقًا للخبير الفرنسي، ديموغرافي بامتياز، فحتى مع إجراءات صارمة للحد من سلوكيات الانعزال، لا يمكن التغلب على الأرقام والإحصاءات على المدى الطويل.
إذ تشير توقعات معهد "إيفوب" إلى أنه خلال أربعين عامًا، ستتقاطع نسبة الشريحتين الرئيسيتين في فرنسا (اليمين المتطرف والإسلام السياسي)، وهو ما يطرح أسئلة حول مدى فعالية سياسات العلمانية التقليدية في مواجهة هذا التحول الاجتماعي والديني.
وأشارت الصحيفة الفرنسية إلى أنه في الوقت الذي يرفع فيه بعض المثقفين الراية العلمانية كحصن ضد الانقسام، قد يكون الوقت قد فات لضمان استمرار نموذج التعايش التقليدي، ما يجعل موضوع الإسلام السياسي والشباب المسلم في فرنسا قضية استراتيجية لا تقتصر على المجال الديني فحسب، بل تشمل مستقبل الهوية الوطنية والتماسك الاجتماعي.
ووفقًا للصحيفة الفرنسية، يشكل تصاعد حضور الإسلام السياسي في فرنسا، وبخاصة تأثير جماعة الإخوان، مصدر قلق للعديد من المراقبين.
وبحسب تقارير وتحقيقات صحفية متعددة، هناك بعض الجمعيات والهياكل المجتمعية التي تُعرض على أنها ثقافية أو خيرية، لكنها تُستخدم أحيانًا كوسيلة لتعزيز المشروع الأيديولوجي للإسلام السياسي في الفضاء العام الفرنسي.
وقالت "لوجورنال دو ديمانش" إن هذا التغلغل ليس موحدًا، ويتركز بشكل أكبر في بعض المدن والأحياء التي تقل فيها الرقابة الجمهورية.
وأوضح جان مارك ألبرت: "نلاحظ نوعًا من التغلغل التدريجي، ليس كمشروع فجائي، بل كاستراتيجية صبورة طويلة المدى: تشكيل قادة المستقبل، تعبئة العائلات، وبناء شبكة موازية قادرة على التأثير في المجتمع الفرنسي".
aXA6IDIxNi43My4yMTYuOTEg جزيرة ام اند امز