"الصدمة الاقتصادية بالغة القسوة".. فرنسا تتألم من كورونا
باريس تتوقع انكماش الاقتصاد الفرنسي بنسبة 11% خلال 2020
رغم عودة الحياة إلى طبيعتها تدريجيا في العاصمة الباريسية فما زالت تداعيات فيروس كورونا المستجد تلقي بظلالها القاتمة على مؤشرات الاقتصاد الفرنسي، والذي كشفت توقعات حديثة عن انكماش مرتقب بنحو 11% خلال العام الجاري.
وقال وزير المالية الفرنسي برونو لو مير اليوم الثلاثاء إن اقتصاد بلاده سينكمش 11% هذا العام بسبب أزمة فيروس كورونا وإجراءات العزل العام المُتخذة لاحتواء الفيروس على مستوى البلاد.
- بمؤشر اقتصادي مهم.. فرنسا تتفوق على بريطانيا وألمانيا في زمن كورونا
- تداعيات كورونا.. ديون فرنسا تفوق التوقعات
وصرح لو مير لإذاعة آر.تي.إل "تضررنا بشدة بفعل الفيروس، اتخذنا تدابير فعالة لحماية صحة الشعب الفرنسي لكن الاقتصاد عمليا توقف لثلاثة أشهر".
وأضاف "سندفع الثمن من النمو".. مضيفا أن تحديثا للميزانية يجري إعداده يتوقع انكماشا بنسبة 11% مقابل توقع بنسبة 8% في السابق.
وقال لومير متحدثا لإذاعة "إر تي إل" إن "الصدمة الاقتصادية بالغة القسوة" لكن "لديّ قناعة مطلقة بأننا سننهض مجددا عام 2021". وقال "لدينا ثغرة هائلة" مع أزمة تفشي وباء كوفيد-19 حاليا، مؤكدا أن "الأسوأ لم يأت بعد".
وستدرج الحكومة هذه التقديرات الجديدة لمدى الانكماش الاقتصادي في مشروع ميزانية جديد مصحح تعرضه خلال اجتماع لمجلس الوزراء في العاشر من سونيو/ حزيران الجاري.
وكان المعهد الوطني للإحصاءات والدراسات الاقتصادية (إنسي) حذر الأسبوع الماضي بأن تراجع إجمالي الناتج الداخلي سيكون أكبر بكثير من نسبة 8% التي كانت الحكومة تتوقعها، لأن استئناف النشاط بعد بدء رفع تدابير الحجر سيكون "تدريجيا في أفضل الحالات في النصف الثاني من العام".
غير أن وزير الاقتصاد يعول على خطط دعم القطاعات المتضررة جراء الأزمة، مثل السياحة وصناعة السيارات والطائرات وغيرها، وعلى خطة الإنعاش الاقتصادي التي ستعلن في سبتمبر/ أيلول القادم بهدف تسريع النهوض الاقتصادي.
وقال وزير المالية الفرنسي "إننا نتخذ كل التدابير في جميع القطاعات"، مشيرا كذلك إلى خطة مزمعة للشركات التكنولوجية الناشئة "حتى لا يتم شراؤها الواحدة تلو الأخرى من عمالقة القطاع الرقمي".
- المقاهي تعيد فتح أرصفتها
وفتحت المقاهي الباريسية أرصفتها مجددا للرواد الثلاثاء في مؤشر إلى عودة الحياة ببطء إلى طبيعتها في أوروباا.
وأعلن رئيس الوزراء الفرنسي إدوار فيليب العودة إلى "حياة شبه طبيعية" بعد عزل مستمر منذ شهرين ونصف وسيكلف اقتصاد فرنسا كما سائر الدول ثمنا باهظا.
وإن كانت المقاهي في باريس ومنطقتها لا يمكنها استقبال الرواد إلى في مساحاتها الخارجية، فبإمكان الحانات والمطاعم في باقي البلد فتح صالاتها بشرط الالتزام بشروط التباعد الاجتماعي.
واستعدت المطاعم في جميع أنحاء فرنسا أمس الإثنين لهذا الموعد الذي كانوا يترقبونه بشدة، مثل مطعم "لا ميزون كامرزيل" الشهير في ستراسبورغ (شرق).
وقال تيو ستوتزمان المشرف على طاقم المطعم لوكالة فرانس برس "قضينا عدة ساعات ننظف كل شيء. والإثنين أجرينا عملية تعقيم ثانية أعمق ضد كوفيد-19".
- "سأذهب لرؤية أحفادي"
وتبقى الكمامات إلزامية لجميع الندل كما للزبائن الراغبين في الذهاب إلى المراحيض. وقال ستوتزمان "حصل لنا جميعا في الماضي أن طلبتا المملحة من جارنا عند الطاولة القريبة. لن يعود هذا ممكنا".
وتفتح المدارس والثانويات وصالات العرض الصغيرة الثلاثاء في معظم أنحاء فرنسا ويرفع الحظر على التنقلات لمسافة تزيد من مئة كلم من المنزل.
وقالت ليندا إسبايارغاس في باريس "ربما أذهب في عطلة نهاية الأسبوع المقبلة لزيارة أحفادي أخيرا في نانت، لكنني سأذهب في سيارتي لأبقى معزولة، لأنني ما زلت خائفة من انتقال الفيروس، عمري أكثر من 65 عاما وبالتالي أبقى حذرة".
لكن خبير علم الأوبئة والعضو في المجلس العلمي الذي تستشيره السلطات الفرنسية أرنو فونتانيه قال "العودة إلى الحياة كما كانت قبل الوباء؟ لا، ليس الآن".. مضيفا "لن أتحدث عن تلاشي (الوباء) لأن الفيروس سيبقى، لكن هناك تراجع كبير يلاحظ" في انتشاره.
وباشرت مواقع سياحية كبرى في أوروبا استقبال الجمهور الثلاثاء، ولو أن التدابير الصحية والقيود المفروضة على السفر لا تزال تحول دون إقبال حاشد عليها.
ففي روما، استقبل الكولوسيوم، القبلة السياحية الأولى في إيطاليا، أمس الإثنين حوالى 300 زائر بناء على حجر مسبق على الإنترنت، في حين كان يستقبل في الظروف العادية عشرين ألف سائح في اليوم.
وقال بيار لويجي، أحد سكان روما الذي زار الموقع لاول مرة مع زوجته، مبديا ارتياحه "نغتنم غياب السياح الأجانب للتنزه".
وفي إسبانيا، حيث لم تسجل أي وفاة خلال 24 ساعة لأول مرة منذ ثلاثة أشهر، أعاد متحف جوجنهايم الشهير فتح أبوابه.