الاقتصاد الفرنسي يلتقط أنفاسه مع تخفيف القيود
الرئيس الفرنسي قال إن أوروبا بحاجة للتحرك سريعا لتنفيذ حزمة مزمعة للتعافي الاقتصادي للاتحاد الأوروبي بقيمة 826 مليار دولار
التقط الاقتصاد الفرنسي أنفاسه مجددا مع رفع تدابير الحجر المنزلي في طريقه نحو التعافي، لكنه لن يعود قريبا إلى مستوى ما قبل الأزمة مع توقعات بتخطيه الانكماش المقدر بنحو -8% للعام الجاري.
وأعلن المعهد الوطني للإحصاءات الفرنسي "إنسي" الأربعاء أن تراجع إجمالي الناتج الداخلي قد يصل إلى حوالي 20% للربع الثاني من 2020، بعد تسجيله انكماشا بنسبة -5.8% في الربع الأول.
كما يرى المعهد الوطني للإحصاءات، أن انكماش الاقتصاد بنسبة 8% لعام 2020 طبقا لتوقعات الحكومة، يبقى سيناريو "غير واقعي"، لأنه يفترض عودة الوضع إلى طبيعته بالكامل اعتبارا من يوليو/تموز المقبل.
أكبر خطة دعم
وأوضح المعهد، أنه بعد حوالى شهرين من تباطؤ النشاط، يتجه الاقتصاد الفرنسي لاستعادة أنفاسه، لكنه ينهض في عالم لم يعد تماما كما كان قبل الأزمة الصحية.
وتابع: أن الانتعاش سيكون "في أفضل الأحوال تدريجيا في الفصل الثاني".
ومن جانبه قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الأربعاء إن أوروبا بحاجة للتحرك سريعا لتنفيذ حزمة مزمعة للتعافي الاقتصادي للاتحاد الأوروبي بقيمة 750 مليار يورو (826 مليار دولار).
وكتب ماكرون على حسابه على تويتر "يوم مهم لأوروبا".
وأضاف "ينبغي أن نتحرك سريعا ونتبنى اتفاقا طموحا مع جميع شركائنا الأوروبيين".
وكان حاكم البنك المركزي الفرنسي فرنسوا فيلوروا دو غالو أعلن الإثنين أن مرحلة رفع تدابير الحجر المنزلي سيكلف البلاد ثلاث نقاط على أقل تقدير من إجمالي ناتجها الداخلي هذه السنة.
وعلق وزير الاقتصاد برونو لومير الأربعاء متحدثا لإذاعة راديو كلاسيك "لطالما قلت إن نسبة 8% من تراجع النمو رقم مؤقت.. علينا أن نتوقع أرقام انكماش في تراجع كبير للعام 2020 في فرنسا".
ورأى أن أرقام معهد إنسي "تؤكد حصول انتعاش فعلي إنما تدريجي".
انتعاش تدريجي
وسجلت فرنسا منذ بدء رفع تدابير العزل في 11 مايو/أيار الجاري انتعاشا "حذرا إنما واضحا" في النشاط، وارتفع الاقتصاد إلى "حوالى 80% من مستواه قبل الأزمة"، مقابل الثلثين فقط خلال الحجر.
ومع إعادة فتح معظم المتاجر وعودة العديد من الفرنسيين إلى العمل، شهدت جميع القطاعات ارتفاعا في مستوى نشاطها بالنسبة إلى فترة الحجر.
وفي القطاعات التجارية، التي كانت الأكثر تضررا جراء العزل، بلغ تراجع النشاط -25% مقابل -39% قبل رفع الحجر، فيما باتت النسبة -38% في قطاع البناء مقابل -75% قبل 11 مايو/أيار الجاري، و-24% في القطاع الصناعي.
وتم تسجيل تحسن طفيف على صعيد الأعمال ولو أن النشاط يبقى متدنيا، بعدما بلغ أدنى مستوى تاريخي له في أبريل/نيسان الماضي.
ولا تزال القيود الصحية والبلبلة المتواصلة في سلاسل الإنتاج والتوريد تعيق الانتعاش الاقتصادي.
كما أن بعض القطاعات الاقتصادية المهمة مثل الفنادق والمطاعم وتنظيم الفعاليات والثقافة، تبقى متوقفة أو شبه متوقفة، ولو أنه سيكون بإمكان المطاعم والمقاهي استقبال الرواد مجددا في المناطق المصنفة "خضراء" اعتبارا من الثاني من يونيو/حزيران المقبل، بحسب التدابير التي سيعرضها رئيس الوزراء إدوار فيليب الخميس.
انطلاق الاستهلاك
في هذه الأثناء، اغتنمت الأسر إعادة فتح المتاجر، فسُجل انتعاش في الاستهلاك خلال الأسبوع الأول من رفع الحجر.
لكن معهد إنسي يحذر بأن "قسما من هذا الانتعاش يبقى مرحليا، إذ يتعلق بمشتريات تحتّم أرجاؤها".
وتابع: هذا "لا يسمح في المرحلة الراهنة بالاستنتاج بأن هذا سيكون "النمط الدائم" للاستهلاك خلال الأسابيع المقبلة".
وما يزيد من المخاوف أن عدم اليقين حيال المستقبل قد يدفع الأسر الى لزوم الحذر في مشترياتها، ولا سيما بعدما حذر لومير من إفلاس شركات وموجات تسريح موظفين "خلال الأشهر القادمة".
وبالتالي، بقيت معنويات الأسر متدنية في مايو/أيار الجاري، في حين أن استئناف استهلاك الأسر واستثمارات الشركات سيكون أساسيا لدعم الاقتصاد في المرحلة المقبلة.
وانخفض إنفاق المستهلكين بنسبة 6% فقط عن المستويات العادية نظرا للسماح لمعظم المتاجر بفتح أبوابها مجددا بعد إغلاق تام نحو شهرين وهو تحسن كبير عن مستويات مطلع مايو/أيار الجاري حيث كان يقل 33%عن المعتاد.
وفي هذا السياق، دعت جمعية أصحاب العمل إلى اتخاذ تدابير "تحفيزية" قبل الصيف لدعم الطلب.
وبعد إقرار خطط لدعم القطاعات الأكثر تضررا مثل السياحة والسيارات والصناعات الجوية، تعدّ الحكومة خطة لإنعاش الاقتصاد لفصل الخريف.