قمة قيس سعيد وماكرون.. ردع التدخل التركي بليبيا يتصدر
الزيارة تحمل، حسب عدد من المتابعين، أكثر من دلالة سياسية في علاقة بتطورات الوضع الإقليمي، وخاصة منها الأحداث الجارية في ليبيا.
اعتبر خبراء ومراقبون أن الزيارة التي سيجريها الرئيس التونسي قيس سعيد إلى باريس انطلاقًا من، الإثنين المقبل، فرصة لردع التدخل التركي السافر في ليبيا.
الزيارة تأتي بطلب من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، وهي الأولى إلى أوروبا منذ توليه مقاليد السلطة في تونس على إثر انتخابات 13 أكتوبر 2019.
وتحمل هذه الزيارة، حسب العديد من المتابعين، أكثر من دلالة سياسية في علاقة بتطورات الوضع الإقليمي، وخاصة منها الأحداث الجارية في ليبيا إثر التدخل العسكري التركي.
كما أنها تأتي في سياق تحركات داخلية في تونس لبعض الكتل النيابية الإخوانية، حاولت في الفترة الأخيرة توتير العلاقات بين البلدين.
ويرى مراقبون أن الزيارة تنطلق من مخاوف في المنطقة من الدور التركي التدميري، وعمليات نقل المرتزقة الدواعش إلى ليبيا، وما يمثله من مخاطر على الأمن القومي لدول حوض البحر الأبيض المتوسط.
وكان موضوع ليبيا محور مكالمة بين سعيد وماكرون منذ أسبوعين، أكدت مصادر من رئاسة الجمهورية التونسية لـ"العين الإخبارية" بأنها دامت 45 دقيقة.
وبينت ذات المصادر بأن "هناك اتفاق ثنائي بين الرئاسة التونسية والفرنسية على خطورة التدخل العسكري في تونس، وضرورة تنسيق المواقف بين دول شمال أفريقيا لإحلال السلام في ليبيا وردع كل الأطماع العسكرية، خاصة منها الاحتلال التركي المباشر بمعية جيوب الإخوان الإرهابية.
وردا على التخوفات التي تهدد الأمن القومي التونسي أشرف قيس سعيد، الأربعاء، لأول مرة منذ شهرين بقصر قرطاج على اجتماع المجلس الأعلى للجيوش.
وأفادت الرئاسة التونسية في بيان، اطلعت عليه "العين الإخبارية"، أن "مجلس الجيوش (يضم الجنرالات الكبرى للجيوش الثلاثة) في جملة من المواضيع من بينها بالخصوص الوضع العام للقوات العسكرية والجوانب المتصلة بالوضع الأمني والعسكري داخل تونس وعلى الحدود.
تركيا.. أدوار تثير قلق شمال أفريقيا
ويرى الدبلوماسي التونسي السابق زين العابدين إدريس أن فرنسا لا تقبل باتساع الدور التركي في شمال أفريقيا وتوسع نفوذها الاستعماري، وأن اللقاء الثنائي بين قيس سعيد وماكرون يأتي ضمن تدارس الوضع خاصة وأن فرنسا عبرت عن قلقها بشكل صريح من السياسات التعسفية لرجب طيب أردوغان.
وبين في تصريحات لـ"العين الإخبارية" بأن فرنسا تبحث عن الوسائل الدبلوماسية لـ"تقليم أظافر" أردوغان المدعوم من شبكات الإخوان في ليبيا وتونس، وإيقاف نزيف تحول الإرهابيين إلى شمال أفريقيا وخاصة تونس التي تمثل سواحلها منطلقا في كثير من الأحيان للهجرة غير الشرعية وتسلل الإرهابيين إلى أوروبا.
ويتوقع إدريس أن تنبثق عن هذه الزيارة مذكرة تفاهم عسكرية بين البلدين للتنسيق الثنائي في المياه الإقليمية التونسية والفرنسية، خاصة وأن باريس عبرت عن رفضها لتواصل الوجود التركي.
وكانت وزارة الدفاع الفرنسية قد أعلنت، الأربعاء، في بيان، أنه "ينبغي لحلف شمال الأطلسي ألا يدفن رأسه في الرمال فيما يتعلق بتصرفات تركيا الأخيرة تجاه أعضائه"، واتهم البحرية التركية بـ"التحرش بسفينة حربية فرنسية تنفذ مهمة للحلف".
زيارة تصحيح المسارات
ويرى العديد من الملاحظين أنه من بين الأبعاد التي تحملها زيارة قيس سعيد إلى فرنسا هو تخفيض التوتر الذي حدث بين البلدين في الفترة الأخيرة على إثر اللائحة البرلمانية التي طرحتها كتلة "ائتلاف الكرامة " الإخوانية والتي تضمنت إساءة لفرنسا.
ورغم سقوط هذه اللائحة التي كانت في عنوانها طلبا لاعتذار فرنسا على حقبتها الاستعمارية في تونس (1956-1881) ، إلا أن كواليس المشهد السياسي في تونس تثبت وجود علاقة عدائية بين إخوان تونس وفرنسا، خدمة للأجندات التركية.
وضمن هذا الاطار، قد تحمل زيارة سعيد فرصة جديدة لتصحيح المسارات الدبلوماسية بين البلدين، خاصة وأن علاقة زعيم إخوان تونس راشد الغنوشي بالرئيس سعيد ليست في أحسن حالاتها وتسيطر عليها حربًا باردة منذ مطلع 2020.