فرنسا بالساحل الأفريقي.. عشرات العسكريين القتلى فاتورة مكافحة الإرهاب
الجيش الفرنسي سجّل 44 قتيلا بين صفوفه خلال عام 2019 موزعين بين ضباط قوات برية وبحرية وصف وجنود.
12 شهرا مرت على فرنسا في 2019 كقرون؛ إذ فقد البلد الأوروبي خلالها عشرات الجنود في بلاد الساحل الأفريقي، ضمن عملية برخان التي أطلقتها باريس للحرب على الإرهاب.
وعلى مدار عام 2019، خسرت باريس أكبر عدد من جنودها في مالي وحدها، ضمن قوات مشتركة لمجموعة الخمس في الساحل الأفريقي، خلال مواجهات مع إرهابيين بتلك المناطق.
وسجل الجيش الفرنسي 44 قتيلا بين صفوفه خلال عام 2019، موزعين بين (8 ضباط قوات برية، وضابطين من البحرية، و12 من ضباط الصف، و23 جنديا)، بحسب تقرير لوزارة الدفاع الفرنسية.
وتشهد المناطق الحدودية بين مالي والنيجر وبوركينا فاسو مواجهات دامية بين جيوش هذه البلدان الـ3 من جهة والإرهابيين من جهة أخرى، منذ أكثر من 5 سنوات؛ ما دفع عدة دول لإطلاق مبادرات لمكافحة الإرهاب في أفريقيا.
وتنشر فرنسا نحو 4 آلاف جندي في دول الساحل الأفريقي في إطار عملية برخان لمكافحة الإرهابيين؛ لكن هذه القوات كانت هدفا لعدة هجمات خلال عام 2019.
ففي أبريل/نيسان الماضي، قُتل ما لا يقل عن 5 جنود فرنسيين ضمن عمليات برخان في الساحل الأفريقي.
وما إن حل مايو/أيار الماضي حتى أعلنت الرئاسة الفرنسية، مقتل اثنين من جنودها أثناء تحرير 4 رهائن في منطقة الساحل الأفريقي، مؤكدة أن الرهائن -أمريكية وكوري جنوبي وفرنسيين- جميعهم بخير.
وتكرر مشهد القتل نفسه، حين سقط جندي فرنسي مطلع نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، جراء انفجار عبوة ناسفة تحت مركبته المدرعة في مالي.
وقبل أن يلملم نوفمبر/تشرين الثاني الماضي أوراقه، قُتل 13 عسكريا فرنسيا في حادث بين مروحيتين بمالي، عقب استدعائهما لتقديم دعم جوي خلال مهمة قتالية لتعقب مجموعة من مسلحي تنظيم داعش.
ووفقا للمراقبين، فإن هذه الحادثة هي الأكثر ضررا للجيش الفرنسي منذ أكثر من 11 عاما، بحسب قناة فرانس 24.
أما صحيفة لوباريزيان الفرنسية؛ فأوضحت أن مقتل الجنود الفرنسيين في مالي، خلال عام 2019، يُعَد أكبر حصيلة لخسائر منذ عام 1983، والتي قتل فيها 58 جنديا فرنسيا خلال هجوم على مبنى دركار ببيروت، وتحديدا في 23 أكتوبر/تشرين الأول من العام نفسه.
ومنذ تعرضت فرنسا لأكبر خسارة في الأرواح بين جنودها، خلال عملية واحدة منذ نحو 40 عاما، قال الرئيس إيمانويل ماكرون إن على من يحاولون فهم تكلفة مهمة فرنسا في منطقة الساحل أن يشاهدوا احتفال تكريم الجنود القتلى.
وبحسب الرئاسة الفرنسية فإن الجنود القتلى هم 6 ضباط و6 مساعدين وجندي سقطوا خلال معركة صعبة ضد الإرهاب في منطقة الساحل.
ومطلع ديسمبر/كانون الأول الجاري، كّرم ماكرون الجنود الـ13 الذين لقوا حتفهم في مالي، مشيدا بـ"تضحياتهم من أجل فرنسا وشعوب منطقة الساحل".
وشارك في حفل التكريم الوطني الذي جرى في ساحة الإنفاليد في باريس، نحو 2500 شخص بينهم عائلات الجنود الضحايا وكثير من المسؤولين السياسيين.
وبعد حادث الجنود الـ13، قال ماكرون إنه أمر جيشه بتقييم عملياته ضد الإرهابيين في غرب أفريقيا، مشيرا إلى أن كل الخيارات مفتوحة بعد مقتل هؤلاء الجنود أثناء مهمة قتالية في مالي.
ورغم هذه الخسارة الفادحة في عدد الأرواح؛ أظهر استطلاع للرأي أجراه معهد أيفوب لدراسات الرأي العام، بعد واقعة المروحتين، أن 58% من الفرنسيين يؤيدون عمليات بلادهم العسكرية في مالي، بحسب صحيفة "لوموند" الفرنسية.
وسيطرت على شمال مالي في مارس/آذار 2012 جماعات إرهابية مرتبطة بتنظيم القاعدة، لكن تم طرد قسم كبير منها بفضل تدخل عسكري دولي أطلق في 2013 بمبادرة من باريس، ولا يزال مستمرا، ضمن عملية عسكرية شنها الرئيس الفرنسي السابق فرنسوا أولاند (سرفال).
وفي أغسطس/آب 2014، أطلق الفرنسيون عملية "برخان"؛ فيما تُعَد فرنسا هي الدولة الغربية الوحيدة التي لها وجود عسكري كبير، وتشن عمليات لمكافحة التمرد في مالي ومنطقة الساحل الأوسع جنوبي الصحراء الكبرى.
ومنذ 2015، امتدت هجمات الإرهابيين إلى وسط مالي وجنوبها وصولا إلى دول الجوار، خصوصا بوركينا فاسو والنيجر.
وبعد أقل من أسبوع على تولي ماكرون مهامه عام 2017، أكد تصميمه على مواصلة فرنسا التزاماتها في منطقة الساحل بدرجة أكبر من سلفه فرنسوا أولاند؛ بل إدراجها أيضا في إطار تعاون معزز مع ألمانيا.
وفي 13 ديسمبر/كانون الأول عام 2017، عقدت باريس مؤتمرا لمكافحة الإرهاب في غرب أفريقيا.
وفي العام نفسه، تأسست مجموعة الـ5 لدول الساحل الأفريقي، بقوات عسكرية مشتركة لمكافحة عنف التنظيمات الإرهابية، وهي: (مالي، والنيجر، وبوركينا فاسو، وتشاد، وموريتانيا).
لكن مناطق بأكملها لا تزال خارج سيطرة القوات الفرنسية والمالية والأممية، وسط تأخر تطبيق اتفاق سلام عام 2015 الذي كان يفترض به أن يعزل الإرهابيين نهائيا.
aXA6IDMuMTI5LjY5LjEzNCA= جزيرة ام اند امز