هل يصاب الاقتصاد الفرنسي بـ"شلل الإضرابات"؟.. حالة حرجة للأطباء
لا يزال الاقتصاد الفرنسي المتأزم وسط التحديات العالمية الراهنة يئن تحت وطأة تداعيات الإضرابات التي أصابت مختلف القطاعات بالشلل.
تعرفة الاستشارات الطبية.. شرارة الإضراب
هذه المرة، عاد إضراب الأطباء، وتحديدًا أطباء القطاع الخاص، إلى واجهة المشهد؛ حيث دعا أطباء القطاع الخاص في فرنسا إلى إغلاق عياداتهم اعتبارًا من الإثنين 26 ديسمبر/كانون الأول 2022 وحتّى الثاني من يناير/كانون الثاني 2023 للمطالبة برفع تعرفة الاستشارات الطبية وتحسين ظروف عملهم.
وكان إضراب سابق في الأول والثاني من ديسمبر/كانون الأول الجاري قد تسبب بتراجع النشاط بحوالي 30% في أوساط أطباء الأسرة، وفق ما أفادت الخدمات الصحية الفرنسية.
وقالت كريستيل أوديجييه مؤسسة "أطباء للغد" التي أطلقت هذه الحركة الإضرابية إن الأعداد "ستكون أقلّ. ولا يخفى علينا ذلك، لكنها ستظلّ كبيرة".
وكانت السلطات قد دعت إلى التعاضد في أوساط اختصاصيي الصحة بهدف "تخفيف العبء" عن المستشفيات التي ترزح تحت وطأة "وباء ثلاثي" مع انتشار كوفيد-19 والتهاب القصبيات والإنفلونزا. لكنها لم تفلح في احتواء الحركة الإضرابية.
وتطالب الحركة التي تنوي المشاركة في الإضراب الوطني في باريس في 5 يناير/كانون الثاني بمضاعفة تعرفة الاستشارة الأساسية (من 25 إلى 50 يورو) لاستقطاب الشباب إلى مهنة الطبابة الحرّة التي لم تعد تجذبهم بسبب كثرة المهام الإدارية فيها.
وأعربت الأوساط الطبية عن قلقها على حرية اختيار مواقع العمل في سياق مشاريع قانون حول ما يعرف بالصحاري الطبية. ويندد الأطباء بالاحتمال المطروح الذي يخوّل بعض الممرضين وصف العلاجات.
السكك الحديدية.. على مسار الإضرابات
وفي مطلع ديسمبر/كانون الأول الجاري، شهدت حركة القطارات في فرنسا اضطرابًا كبيرًا بسبب إضراب للمراقبين أجبر الشركة الوطنية لسكك الحديد على إلغاء 60 بالمئة من رحلاتها.
وعلى غرار اليوم السابق، تم تسيير أربع رحلات فقط من أصل 10 على شبكة القطارات السريعة والشبكة بين المناطق، حسبما أكد متحدث باسم الشركة الوطنية لسكك الحديد لوكالة فرانس برس.
وقدمت العديد من النقابات التي دعمت الحركة إخطارات بإضرابات خلال عطلة نهاية الأسبوع في عيد الميلاد ورأس السنة الجديدة من أجل الضغط على الشركة الوطنية لسكك الحديد.
وأمام مخاوف من أن تؤدي هذه الحركة إلى تعطيل احتفالات نهاية العام في فرنسا، دعا الوزير المفوض للنقل كليمان بون إلى التحلي بـ"المسؤولية الجماعية". وأضاف: "لنعمل في الأيام القليلة المقبلة لتجنب هذا، وسأفعل كل ما بوسعي".
وتتعلق هذه الحركة الاجتماعية بمطلب حول الأجور والتطوير الوظيفي لعمل نحو عشرة آلاف من مراقبي القطارات في الشركة الوطنية الذين تتركز مهمتهم على ضمان أمن الرحلات والمسافرين.
بالإضافة إلى قضايا الاجور، يشعر المراقبون "بسوء المعاملة" ويطالبون بمراعاة أفضل بالإضافة إلى تحسين ظروف عملهم، كما أوضح ممثل اتحاد السكك الحديدية.
يتجه اقتصاد فرنسا نحو تباطؤ حاد هذا الشتاء لن يتعافى منه إلا تدريجياً، طبقاً لتوقعات بنك فرنسا، التي تثير مزيداً من الشكوك حول التفاؤل الاقتصادي لحكومة الرئيس إيمانويل ماكرون.
ولا شك أن ضعف الطلب على الصادرات الفرنسية والتضخم الأقوى وأسعار الفائدة الأعلى مما كان متوقعاً في السابق، يعني أن البنك المركزي يتوقع تباطؤ النمو إلى 0.3% فقط في عام 2023، وهو أقل بكثير من 1% التي حددتها وزارة المالية في الميزانية. وقال إن الركود لا يمكن استبعاده بالرغم من أنه سيكون مؤقتاً ومحدوداً.
وتشير التوقعات إلى أن التضخم، الذي أضر بالقوة الشرائية للمستهلكين رغم سقف أسعار الطاقة الممولة من جانب الحكومة، يجب أن يبلغ ذروته عند 7.3% في نهاية عام 2022 قبل أن ينخفض إلى نحو 4% في الربع الأخير من عام 2023. حتى مع تخفيف الضغط الناجم عن تكاليف الطاقة في عام 2024، يتوقع بنك فرنسا استمرار التضخم في قطاع الخدمات وسط استغراق الأجور والإيجارات وقتاً لتعديلها.
aXA6IDMuMTI4LjIwMS4yMDcg جزيرة ام اند امز