باحثة فرنسية تكشف كيفية قمع إيران لشعبها بحجب الإنترنت
الباحثة الفرنسية تعرب عن دهشتها من مستوى الإحكام الذي يتسم به قطع الإنترنت في إيران، في سابقة قمعية نادرة
أكدت الباحثة الفرنسية فريدريك دوزيت أن شبكة الإنترنت في إيران صممت بطريقة تسمح للسلطات بالتحكم في المسارات التي تأخذها البيانات لمنعها بشكل انتقائي، ما مكّن طهران من حجبها لقمع الاحتجاجات.
هكذا استعرضت الخبيرة، في مقابلة مع وسائل إعلام فرنسية، خفايا الشبكة العنكبوتية الإيرانية، والتي قطعت إيران الاتصال عبرها بشكل كامل لتحرم 80 مليون شخص من التواصل تقريبا سواء داخليا أو خارجيا.
- صحف فرنسية: مظاهرات إيران لن تخمد والثورة ستطال خامنئي
- منظمة حقوقية تطالب أوروبا بفرض عقوبات على إيران
مسار تقني معقّد يكشف أن النظام الأخطبوطي في هذا البلد يرتسم على شكل دائرة مغلقة، تعود جميع زواياه إلى مركز السلطة الوحيد وهو المرشد علي خامنئي.
قمع مسلط على الاحتجاجات الضخمة التي تشهدها إيران في الأيام الأخيرة، تنديدا بزيادة أسعار الوقود، ترجم الرعب المطبق على نظام يرتعد تحت وطأة مظاهرات متواترة، وإن كان بشكل متقطع في العامين الأخيرين.
دوزيت، الأستاذة في المعهد الفرنسي للجغرافيا السياسية بالعاصمة الفرنسية باريس، أعربت عن دهشتها من مستوى الإحكام الذي يتسم به قطع الإنترنت في إيران، في سابقة على مستوى العالم وبين الدول التي تمارس قمعا مماثلا لشعبها.
وقالت الخبيرة، التي تشغل أيضا منصب مديرة مركز متعدد التخصصات للبحث والتدريب مكرس للقضايا الاستراتيجية والجيوسياسية للتكنولوجيا الرقمية، إن بنية الشبكة الإيرانية هي ما أتاحت لطهران إمكانية فرض تدابير القطع الكامل والمفاجئ للاتصالات عبر الإنترنت.
وفي غضون يوم واحد، قطع مزودو الإنترنت الثلاثة في إيران إمكانية التواصل عبر الشبكة داخل البلاد وخارجها، بهدف عزل الشعب والحد من تفاقم المظاهرات.
ولم تكتف بقطع الاتصالات فقط، إنما منعت أيضا جميع الخدمات المتعلقة بها، وحتى استخدام التطبيقات الدولية المعتمدة على خوادم خارج إيران، مثل محركات البحث ومواقع التواصل الاجتماعي.
لكن في المقابل، حرصت طهران على إبقاء أجهزتها الحكومية وبعض البنوك والشركات التابعة لها على الشبكة.
وفي تفسيرها للمسار التقني لإمكانية الحجب بهذا الشكل الواسع، أوضحت دوزيت أن الأمر ممكن في بلد مثل إيران، نظرا لخصائص البنية التحتية للشبكة بهذا البلد، مستشهدة في ذلك بنتائج دراسة أجراها فريق من الباحثين والمتخصصين وعلماء الكمبيوتر والرياضيات، ممن درسوا بنية شبكة الإنترنت الإيرانية.
وتابعت "الشبكة الإيرانية متصلة بالإنترنت العالمي من خلال 3 نقاط دخول فقط، يؤمنها المشغلون الثلاثة، وبما أنهم جميعا خاضعون لسيطرة النظام فهم قادرون على قطع الاتصال مع الشبكة الدولية بمجرد تلقيهم أوامر في ذلك من السلطات".
ولفتت إلى أن النظام الإيراني أعاد، في السنوات الأخيرة، تصميم شبكته بطريقة تؤمّن للمشغلين الثلاثة القدرة على اختيار نوعية الحركة التي يمكن أن تتدفق من داخل الشبكة وخارجها، أو تمنعها تماما، وهذا لا يمنع الشبكة من الاستمرار في العمل داخليا، ما يفسر احتفاظ طهران بالإنترنت في مؤسساتها.
وفي معرض توضيحها لملامح تصميم بنية الشبكة الإيرانية، قالت دوزيت "الإنترنت عبارة عن شبكة من شبكات متعددة ومترابطة ومستقلة، يتم ربطها من خلال سلسلة من الاتصالات المادية ومجموعة من البروتوكولات التي تتيح تبادل حزم البيانات الرقمية".
وأشارت إلى أنه "تم تصميم الشبكة الإيرانية للسماح للسلطات بالتحكم في المسارات التي تأخذها البيانات لمنعها بشكل انتقائي، والاتصالات داخل الشبكة الإيرانية غنية وتوفر مرونة جيدة، لأن البيانات يمكن أن تنتقل إلى العديد من المسارات المختلفة للانتقال من نقطة إلى أخرى".
ولفتت إلى أن الأمر سيان بالنسبة لمرور البيانات إلى الخارج، فهو أيضا تحت السيطرة ويقتصر على بعض المسارات، معتبرة أن ذلك "شكل من أشكال السيطرة الإقليمية على الفضاء الرقمي".
وختمت "في العصر الرقمي أيضا.. الجغرافيا لا تزال صالحة لخدمة الحرب".