قمة محيطات نيس.. ضجة سياسية أم إنجاز بيئي؟

رغم الحضور السياسي الرفيع والتصريحات المتفائلة من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، يرى باحثون متخصصون في شؤون المناخ أن قمة المحيطات الأخيرة في نيس لا ترقى إلى مستوى التحديات البيئية التي تواجه كوكب الأرض.
في ظل غياب قرارات ملزمة وتقدم بطيء في حماية أعماق البحار، يتساءل الخبراء: هل ستكون هذه القمة مجرد رمزية سياسية أخرى بلا أثر حقيقي؟
البدايات المتواضعة لمؤتمر الأمم المتحدة حول المحيطات
أشاد الرئيس الفرنسي، أمس الإثنين، بالحضور السياسي القوي في قمة المحيطات في نيس، حيث قال إن مشاركة نحو 60 من رؤساء الدول والحكومات تُعد إنجازًا مهمًا. ورغم أن بعض الدول أعلنت التزامها بالمصادقة على معاهدة أعالي البحار، فإن المنظمات غير الحكومية انتقدت ضعف التقدم المحرز في مجال حماية قاع المحيطات.
وافتتح الرئيس إيمانويل ماكرون مؤتمر الأمم المتحدة حول المحيطات بطريقة صاخبة أمس الإثنين، معلنًا: "إنه نصر نحتفل به اليوم". وقد بدأ حديثه بالتأكيد على أهمية النجاح في تعبئة هذا العدد الكبير من الزعماء رغم الأوضاع الدولية المتوترة؛ إذ حضر إلى نيس ما يقارب ستين رئيس دولة وحكومة، وهو عدد يفوق بكثير ما شهدته النسخة الثانية من هذا المؤتمر عام 2022.
وتعد هذه القمة حدثًا رمزيًا كبيرًا بالنسبة لقصر الإليزيه، إذ إنها تُعد أول قمة بهذا الحجم تُعقد في فرنسا منذ مؤتمر باريس للمناخ (COP21) في عام 2015.
وأمام أكثر من 100 وفد دولي، شدد ماكرون، الذي يسعى لترسيخ مكانته كأحد "الروّاد" في مجال حماية المحيطات، على أهمية هذا الحدث قائلاً: "تعبئتنا أمر لا غنى عنه".
- الشارقة تطلق أول مختبر أخضر في المنطقة لدمج مفاهيم الاستدامة
- المركزي أمام مفترق طرق.. 3 سيناريوهات تواجه مصرف لبنان
ورغم أن مؤتمر الأمم المتحدة حول المحيطات لا يُعتبر، على عكس قمم المناخ (COP)، ساحة تفاوض رسمية لعقد اتفاقيات دولية، فإن الرئاسة الفرنسية تأمل في أن يتم الإعلان عن عدد كبير من الالتزامات من قبل الدول المشاركة على مدار الأسبوع. كما تأمل في أن تساهم مناقشات نيس في دفع بعض المفاوضات الدولية الجارية، مثل قضية التلوث البلاستيكي.
من جهته، قال البروفيسور جان-مارك ليغريه الباحث في المركز الوطني الفرنسي للبحوث العلمية لـ"العين الإخبارية": "لا يمكننا أن نكتفي بالخطابات الرفيعة المستوى والرمزية السياسية، في حين أن التنوع البيولوجي البحري ينهار أمام أعيننا".
وأضاف ليغريه: "لا توجد قرارات ملزمة، ولا جدول زمني واضح للتنفيذ، ما يجعل من القمة مجرد عرض إعلامي أكثر من كونها منصة فعالة للتغيير البيئي الحقيقي".
من جانبها، قالت فاليري ماسون-ديلموت، عالمة المناخ الفرنسية البارزة، والتي شاركت كرئيسة مشاركة في مجموعة العمل الأولى التابعة للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ لـ"العين الإخبارية"، إن "المصادقة على معاهدة أعالي البحار خطوة مهمة، لكن أين الإجراءات الصارمة لحماية قاع المحيطات من التعدين والتلوث؟ موضحة أن القمة، كما هي الآن، تبدو أشبه بفرصة دبلوماسية لماكرون أكثر من كونها محطة مفصلية لحماية الأنظمة البيئية البحرية".
وأشارت إلى أن مؤتمرات كهذه يجب ألا تكتفي بعناوين دبلوماسية ووعود بعيدة المدى، بل أن تُترجم سريعًا إلى خطوات فعلية ملموسة في حماية المحيطات والتنوع البيولوجي البحري".