تغذية الاقتصاد بدلاً من تلويث المحيط.. خارطة طريق لإدارة نفايات البلاستيك
يعد التلوث البلاستيكي قضية بيئية ملحة على مستوى العالم، ففي كل عام، ينتهي الأمر بحوالي ثمانية ملايين طن من البلاستيك في المحيطات.
وتواجه معظم دول غرب أفريقيا السبعة عشر مشكلة في إدارة النفايات البلاستيكية، فثمانية منها من بين أكثر 20 دولة لديها ممارسات أقل فعالية في إدارة النفايات البلاستيكية، مقارنة بخمسة في عام 2015، وقد أدى ذلك إلى تفاقم التلوث البحري وأثر سلباً على الأنشطة في المنطقة؛ حيث تمثل المقاطعات الساحلية حوالي 56% من الناتج المحلي الإجمالي لغرب أفريقيا ويعيش هناك ثلث السكان.
وفي عام 2018، أطلقت دول غرب أفريقيا برنامج إدارة المناطق الساحلية في غرب إفريقيا لحماية واستعادة الأصول البيئية والاجتماعية والاقتصادية للمناطق الساحلية، ومن المفترض أن يتم ذلك من خلال معالجة التآكل الساحلي والفيضانات والتلوث، وفي العام الماضي تلقت تمويلاً إضافياً بقيمة 246 مليون دولار من البنك الدولي، وبذلك يصل إجمالي تمويل البنك الدولي للمشروع إلى 492 مليون دولار أمريكي.
ويقول بيير فايلر، أستاذ الاقتصاد، ومدير مركز الحوكمة الزرقاء بجامعة بورتسموث في مقال نشره 14 نوفمبر/تشرين الثاني 2023 بموقع "ذا كونفرسين": "ومن خلال دراستنا لاقتصاديات التنمية، وخاصة العلاقة بين استخدام الموارد الطبيعية وتنمية البلدان، نرى أن التلوث البلاستيكي يمكن أن يكون عائقاً، ويجب أن يكون ضمن هذا المشروع".
وقاد فايلر أبحاث التلوث البلاستيكي من خلال مبادرة "الثورة البلاستيكية" متعددة التخصصات بمركز الحوكمة الزرقاء بجامعة بورتسموث، وخلصوا إلى مجموعة من النتائج، التي يرى أنها يمكن أن تساعد دول غرب أفريقيا على إنفاق أموال برنامج إدارة المناطق الساحلية في غرب أفريقيا ، التابع للبنك الدولي بشكل فعّال.
ويقول فايلر "وفقاً لنتائجنا نوصي بأن تقوم الدول أولاً بتحديد حجم ونوع ومصدر المواد البلاستيكية التي يتم التخلص منها في المناطق الساحلية، ثم يتعين عليهم التركيز على الحد من استخدام المواد البلاستيكية من المصدر، فضلاً عن تشجيع إعادة الاستخدام وإعادة التدوير، ويمكنهم الاستفادة من دراسات الحالة الناجحة على مستوى العالم، والتي يمكن تكييفها مع السياقات المحلية".
- التلوث البلاستيكي.. دراسة صادمة بشأن المواد القابلة للتحلل
- فيضانات كارثية في القرن الأفريقي.. 111 قتيلاً و700 ألف نازح
الشراكة البحثية
ويتمتع مركز الحوكمة الزرقاء بخبرة في الاقتصاد الأزرق وإدارة النظام البيئي البحري وتغير المناخ والاقتصاد الدائري، وقد أجرى أبحاثًا مكثفة حول التلوث البلاستيكي في بورتسموث، وهي مدينة ساحلية في المملكة المتحدة، وخارجها، ووجد فايلر أنه يمكن تحقيق الإدارة المستدامة للبلاستيك بطرق مختلفة، وقد تكون هذه الاستراتيجيات ذات صلة بالمبادرات في غرب أفريقيا، وتشمل هذه الاستراتيجيات:
- شراكات شاملة: بالتعاون مع الشركات والناشطين والمواطنين في مبادرة ثورة البلاستيك، نقوم بتطبيق الأبحاث لتطوير أقمشة صديقة للبيئة ومكافحة التلوث البلاستيكي الدقيق.
- حملات التوعية من خلال الفن: توعية المجتمع بالآثار الضارة للتلوث البلاستيكي أمر ضروري، ومن خلال مشروع ماسيبامبيساني في جنوب أفريقيا، استكشفنا فن الشوارع والمسرح والأغاني لخلق الوعي حول التلوث البلاستيكي.
وحقق المشروع نتائج مهمة في كوا مهلانجا، في مقاطعة مبومالانجا في جنوب أفريقيا، و أثبت أن رفع مستوى الوعي من خلال الفن يمكن أن يلهم الناس لتغيير سلوكهم، أصبح لدى هذه المجتمعات الآن فهماً أعمق للحاجة الملحة للعمل ضد التلوث البلاستيكي.
إدخال مرافق الفرز بالقرب من المنازل: بالإضافة إلى ذلك، أدى إدخال مرافق الفرز بالقرب من المنازل إلى زيادة معدلات إعادة التدوير وتشجيع العادات المستدامة، ويمكن لبرنامج غرب أفريقيا دمج هذه الدروس في الكتاب الإلكتروني الذي يخطط له، وهذه طريقة لمشاركة المعلومات حول أفضل الممارسات وتشجيع العمل في المجتمعات.
مشاريع إعادة الاستخدام وإعادة التدوير: من خلال مشروعات ( inDIGO-EU ) و (Microseap)، قمنا بتقليل النفايات البلاستيكية من خلال تشجيع إعادة التدوير وإعادة الاستخدام، وعلى سبيل المثال، قام مشروع ( INdIGO ) بتطوير معدات صيد قابلة للتحلل الحيوي والتي تقلل من التأثير البيئي لصيد الأسماك في المحيطات في المملكة المتحدة وفرنسا، واستناداً إلى هذا المشروع، يستطيع برنامج إدارة المناطق الساحلية في غرب أفريقيا تطوير بديل مستدام للمعدات المستخدمة في صيد الأسماك على نطاق صغير في المنطقة.
من التشخيص إلى العمل
ويقول فايلر، إن نتائجنا تشير إلى أنه من أجل الاستخدام الأمثل لصندوق البنك الدولي، يمكن لبرنامج إدارة المناطق الساحلية في غرب أفريقيا النظر في خطط العمل التالية:
- جمع البيانات عن التلوث البلاستيكي: البداية بدراسة إقليمية لتحديد حجم وتصنيف وأصل المواد البلاستيكية التي يتم التخلص منها في المناطق الساحلية، وقد يشمل ذلك استخدام تقنيات مثل الطائرات بدون طيار وأجهزة الاستشعار والاستشعار عن بعد لرسم خرائط لمناطق التلوث الساخنة، ويمكن أن تساعد استطلاعات التصور أيضا في فهم السلوكيات والمواقف المتعلقة بالتلوث البلاستيكي، والهدف من ذلك هو وضع مؤشرات دقيقة ونماذج تنبؤية يمكنها قياس مدى نجاح التدخلات المستقبلية.
- التخطيط للتحول إلى الاقتصاد الدائري: يجب أن تركز الخطة على تقليل المصدر وإعادة الاستخدام وإعادة التدوير واسترداد المواد، ويمكن أن تشرف على التنفيذ لجنة مكونة من الجهات الحكومية والمؤسسات الخاصة والمجتمعات المحلية.
- تصميم برامج توعية وتثقيف مجتمعية: يجب أن تغرس هذه الحملات الشعور بالمسؤولية البيئية وتمنح الناس الأدوات اللازمة للمشاركة الفعّالة في الحد من التلوث البلاستيكي، ومن الممكن أن يؤدي إشراك قادة الرأي إلى زيادة تأثيرهم.
- تطوير طرق لاستخدام النفايات البلاستيكية: يتطلب إعادة التدوير الفعّال إنشاء مراكز فرز حديثة، ومن الضروري أيضاً استخدام تقنيات إعادة التدوير المتقدمة وآليات السوق للمواد المعاد تدويرها، ويمكن إقامة شراكات مع الشركات المحلية لإنتاج منتجات من المواد البلاستيكية المعاد تدويرها، مثل مواد البناء أو المنسوجات، ومن خلال الاستثمار في هذه المناطق المستهدفة، من الممكن إنشاء نظام مستدام يوفر الفرص الاقتصادية والاجتماعية للمجتمعات المحلية.