انطلقت أمس الثلاثاء فعاليات القمة العالمية للحكومات 2022، التي تنظمها الإمارات برعاية صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس دولة الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي.
وتعتبر القمة هي الأكبر عالميا، ليس فقط على مستوى حجم المشاركة وعدد الضيوف الذي يصل إلى 4000، لكن أيضاً من ناحية شمولية وتنوع أجنداتها.
وهي الفعالية الأولى بهذا الحجم وذلك التنوع في سجل الفعاليات العالمية منذ جائحة كوفيد-19 قبل عامين.
حيث تشهد القمة تنظيم 4 منتديات عالمية و100 جلسة تفاعلية، بمشاركة فعالة واسعة النطاق لمسؤولين من مستشرفي المستقبل وقادة القطاع الخاص وصنّاع القرار ورواد الأفكار والخبراء المتخصصين في السياسات العامة والتنمية الشاملة وصناعة المستقبل والرقمنة، وغيرها من الشؤون المالية والاقتصادية والاجتماعية.
وتتميز هذه الدورة الثامنة للقمة عن سابقاتها، بالانتقال من الأجندة التقليدية المحصورة في الاهتمامات الحكومية وأولويات دوائر القرار والمؤسسات الرسمية في صناعة السياسات العامة وإدارة البلدان، إلى اهتمامات الشعوب وأولويات المجتمع البشري ككل، فالعالم بأكمله هو "ضيف شرف" القمة، لأنها ستناقش القضايا والمجالات الجديدة المستقبلية، وكذلك الفئات والقطاعات الواعدة لدى البشر.
ويمكن بسهولة رصد ملامح الجدية والتميز في الخروج بنتائج من القمة من خلال عناوين ومضامين الجلسات والفعاليات المختلفة. فللمرة الأولى سيناقش العالم بشكل رسمي ومتخصص ملف الظواهر الجديدة في حركة التفاعلات الاقتصادية الدولية، مثل العملات الرقمية والمشفرة. وكذلك مشروع "الميتافيرس"، الذي لم يمضِ على تطبيقه سوى أشهر قليلة، بل يُتوقع أن تشهد القمة أول تطبيق عملي له من خلال المؤتمر الصحفي الذي عقده معالي عبدالله بن طوق المري، وزير الاقتصاد الإماراتي، باستخدام هذه التقنية الجديدة لأول مرة على مستوى العالم.
ما يحدث في هذه القمة، التي تنظمها الإمارات، يشير أيضا إلى نقطة مهمة، وهي أنه على صناع القرار والخبراء في العالم، الباحثين عن حلول للتحديات العالمية، التأكد من أن المجتمع الدولي قادر على الاستجابة للتحديات المستجدة والمتغيرات المتلاحقة.
ولكن ما تحتاج إليه تلك الاستجابة هو الوعي الاستباقي بتلك المتغيرات.. وامتلاك القدرة على توسيع آفاق التفكير وديناميكية البحث عن حلول، ومشاركة الجميع.. أو ما يمكن وصفه بالعبارة التقليدية "التفكير خارج الصندوق".
وأخيراً الجرأة وشجاعة المبادرة نحو التفاعل الإيجابي والبناء مع تلك البيئة المتحركة والسريعة.. وهذا هو ما تفعله قيادة دولة الإمارات.
دولة الإمارات صارت تمتلك الأسبقية بين دول العالم، وكسرت الكثير من الصور النمطية في التعامل مع القضايا والتحديات، فعلى سبيل المثال منذ سنوات تجاوزت الإمارات الطوق النفطي وانطلقت نحو تنويع مصادر قوتها الاقتصادية بتعزيز الأنشطة والقطاعات غير النفطية.. ثم قامت بنقلة نوعية بتوظيف قدراتها الاقتصادية في خدمة عقول أبنائها المتفتحة، فاستطاعت استحداث ومراكمة رصيد كبير من مقومات القوة الناعمة.. ووضعت كل ذلك في خدمة البشرية والمجتمع الإنساني في مختلف أنحاء الكرة الأرضية، وهو ما يشتمل ضمناً على المستويين المحلي والإقليمي.. فصارت الإمارات مجتمعاً ودولة، صرحا معولماً يستضيف الجميع ويبحث عن الحلول للمشكلات، التي تواجه الإنسان.
من هنا جاء التميز والتفوق الإماراتي في كل الفعاليات والمحافل الدولية، سواء التي تشارك فيها أو التي تتولى تنظيمها.. حتى إن الإبداع والخصوصية يتجلّيان حين تكون الفعالية على أرض الإمارات، كما هي حال القمة الحكومية العالمية، ومن قبلها "إكسبو 2020 دبي".
إن مجيء القمة العالمية للحكومات مباشرة مع الأيام الأخيرة لفعاليات "إكسبو 2020" يؤكد مجدداً ما وصلت إليه دولة الإمارات، ليس فقط من قدرة وتمكن في تنظيم الفعاليات العالمية الكبرى، وإنما أيضاً اقتناع العالم وترحيبه بهذا الدور القيادي لها في إدارة المجتمع الدولي والتصدي لأولويات الشعوب والانخراط بكفاءة وإبداع في قيادة العالم إلى مستقبل أفضل.
وليس أدل على هذا الترحيب العالمي بدور الإمارات، من تحول هذه القمة العالمية من قمة للحكومات فقط، إلى قمة شاملة تشارك فيها منظمات دولية ومؤسسات المجتمع المدني، والمنتديات الفكرية وتجمعات رواد الأعمال والأفكار، والقطاع الخاص والشركات الكبرى.. فصارت قمة شاملة للعالم وللمعنيين بمستقبله من الأطراف والمجالات كافة.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة