مشكلة كثيرين من أصحاب الأهواء أنهم دائماً ينظرون إلى الأمور بعين واحدة.
عين تُعميهم عن رؤية الحقيقة كاملةً، وتجعلهم في وهم وضبابية ما يرونه من صوابٍ، هو في الواقع خطيئة كبرى وليس خطأ وحسب.. فهُم بهذا يقيسون الأمور بميزان الهوى، وليس الهوية والانتماء إلى محيطهم العربي الطبيعي.
وهذا الاعتقاد الخطأ أملى عليهم أن يهاجموا دولة الإمارات في جهدها الجبّار لتحقيق السلام والعدالة والتنمية في المنطقة، ومشاركتها في كل ما من شأنه أن يدعم توحد وإجماع العرب فيما بينهم من جهة، ويعجّل بالقرب بينهم وبين القوى المحبة للسلام من جهة أخرى، في مواجهة دعاة الحرب والكراهية.
فموقف الإمارات واضح صريح، لا يخفى على أحد، فهي أبرمت اتفاقية السلام الإبراهيمي مع دولة إسرائيل، آملةً في توحيد الجهود الإقليمية في خدمة التنمية والاستدامة والازدهار لشعوب المنطقة جميعا، بل ولفتح آفاق التعاون المستقبلي بين جميع الأطراف على قاعدة نبذ التطرف وإطفاء شعلة الحروب والنزاعات، والتركيز على بناء أفضل علاقات التعاون الاقتصادي والسياسي والتجاري في ما بين دول الشرق الأوسط.. هذا ما أكدته قمة النقب، التي استضافتها دولة إسرائيل الأسبوع المنصرم، بمشاركة وزراء خارجية الولايات المتحدة ومصر والإمارات والبحرين والمغرب.
وهنا، لا بد من الإشارة إلى أنّ دولة الإمارات لم توفر مناسبة إلا وأكدت خلالها التزامها دعم الشعب الفلسطيني وحقوقه المشروعة، وفي مقدمتها إقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
وبهذا، فإنّ الإمارات عبر موقفها من القضية الفلسطينية وحلها العادل والشامل، تكرر الموقف المتزن والحكيم نفسه من العديد من الأزمات المتفجرة حول العالم، والتي أكّدت صوابية موقف الإمارات ورؤيتها السديدة في إيجاد الحلول الدبلوماسية الناجعة للصراعات في المنطقة والعالم، كما في النزاع الإثيوبي-الإريتري، وفي الانفتاح على سوريا واستعادتها إلى الحاضنة العربية، والموقف من الانقلاب الحوثي الإرهابي على الشرعية في اليمن، وصولاً إلى الأزمة الروسية-الأوكرانية مؤخرا، وغير ذلك من أزمات كانت الإمارات دائما فيها نقطة الحل لا نقطة الاشتباك والخلاف.
لقد تبين للجميع أن الإمارات بمواقفها الحاسمة إلى جانب الحقوق والتفاهم والحوار، رسّخت مكانتها العالمية ومكّنت دبلوماسيتها الناعمة، وباتت قوةً مؤثرةً في الخيارات والقرارات الدولية، بإعلائها قيم السلام والمحبة والأخوة الإنسانية، وهذا ما يؤكده معالي المستشار الدبلوماسي لرئيس دولة الإمارات، الدكتور أنور قرقاش، الذي يرى أنّ "مشاركة الإمارات في قمة النقب تأتي من إيماننا بتبني مقاربة إقليمية تعمق التعاون الاقتصادي في المنطقة وتجسر الفجوات من خلال خطاب التسامح والتواصل"، مضيفاً: "قمة النقب إحدى المنصات التي نسعى عبرها إلى تعزيز أجندة الاستقرار والازدهار بعيدا عن الاستقطاب السياسي الذي أرهق المنطقة".
وختاماً، ستظل الإمارات منارة للتسامح والتعايش، وستقود للسنوات الخمسين القادمة جهود التنمية في المنطقة والعالم، بحكمة قيادتها الرشيدة، فقَدَرُ الإمارات أن تستلهم إرث مؤسسها، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيَّب الله ثراه، في حب الإنسانية كلّها، والسعي لخيرها ومصلحتها، مهما كانت الأثمان باهظة.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة