تنطلق دولة الإمارات في سياساتها وخطواتها في شتى المجالات من نظرة شاملة.. سواء للغايات والأهداف المطلوبة، أو للمصالح والعوائد المرجوة، كذلك للمصير المشترك بين شعوب العالم والمستقبل الواحد للإنسانية.
من هذا المنطلق ووفق هذه الرؤية، تعتبر دولة الإمارات أن مواجهة تغير المناخ والمشكلات المرتبطة به جوهرية لتحقيق متطلبات المستقبل وضمان ولو حد أدنى من الاستقرار المجتمعي والأمان البيئي لشعوب الكرة الأرضية، كلها دون استثناء.
وفي هذا الإطار، تبذل دولة الإمارات منذ سنوات عدة جهودًا متواصلة وشاملة لمعالجة قضية تغير المناخ بتفريعاتها وتداعياتها المتنوعة.. وستُتوج هذه الجهود باستضافة الدورة القادمة للمؤتمر الدولي لقضية المناخ "كوب 28" في نوفمبر المقبل.
وفي الطريق إلى هذا الحدث العالمي الأضخم في مجال البيئة والمناخ، تباشر دولة الإمارات سلسلة خطوات تمهيدية تضمن الوصول بالمؤتمر القادم إلى أقصى استفادة وأفضل نتائج.. وتحقق في الوقت ذاته "الاستدامة" المطلوبة في حماية المناخ.
في سياق هذه التحضيرات، تختتم اليوم أعمال الدورة رقم 14 من "القمة العالمية لطاقة المستقبل"، والتي أقيمت في أبوظبي على مدار ثلاثة أيام.
وتضمنت القمة فعاليات متعددة ومتنوعة، اشتملت على ستة معارض وخمسة منتديات متخصصة ناقشت أهم التحديات الراهنة والمستقبلية في الطاقة التقليدية والمتجددة والمياه والمناخ والبيئة.
وإذ تعمل القمة كمنصة عالمية تضم جميع أوجه ومجالات وآليات العمل الدولي في مجال مستقبل الطاقة، فإن أعمالها ترتبط مباشرة وعضويا بالاستدامة البيئية والمناخية، حيث المستقبل للطاقة الخضراء والبيئة النظيفة.
وبما أن التكنولوجيا الحديثة صارت تمثل المدخل الأساسي لإنتاج الطاقة الخضراء، فقد أصبح التوجه نحو المدن الذكية متطلبا جوهريا في الحفاظ على بيئة نظيفة، ومن ثم الحد من التغيرات السلبية للمناخ.
وفي اتجاه موازٍ، صارت التداعيات البيئية والمناخية المترتبة على التقدم الصناعي تحديا كبيرا أمام استدامة المناخ والحفاظ على بيئة صحية وصالحة لحياة البشر بشكل مستدام.
وبعد أن تبلورت فكرة "الاقتصاد الأخضر" للحد من المخاطر البيئية والمناخية في أي نشاط اقتصادي مستقبلا، بدأ العمل على الهياكل الاقتصادية القائمة لمعالجة ما تستتبعه من مخلفات ونفايات ضارة بالبيئة.
وركزت القمة العالمية لطاقة المستقبل في أبوظبي على هذه النظرة التي تربط طاقة المستقبل باستدامة البيئة والمناخ.. اقتناعا وتأكيدا أن مستقبل الطاقة صار مدخلا لمستقبل العالم بالمعنى الشامل.. ما يتطلب حتما تجنب الإضرار بالمناخ وبالبيئة، أيا كانت أشكال وأنماط الضرر.. بعد أن تحولت الحياة على الكرة الأرضية إلى حزمة متكاملة ومجالات مترابطة، يؤثر كل منها في الآخر.
وعليه، فإن شمول واتساع نظرة دولة الإمارات لهذه القضية المصيرية منح العقل الإماراتي وتفكيره قدرة عالية على التنبؤ واستشعار الفرص والمخاطر المرتبطة بالمناخ ومستقبله الذي يتعلق بالسلوك البشري، وينعكس بدوره على حياة البشر.
وتعي دولة الإمارات أن هذه الدورة المتصلة من التأثير والتأثر هي جوهر فكرة "الاستدامة".. لذلك تعتبر أن الاستدامة جديرة بأن تكون شعارًا عالميا ومرشدا لكل المبادرات والتحركات المتعلقة بمختلف مناحي الحياة.. سواء لمواجهة تغير المناخ وتلوث البيئة بفعل انبعاثات الطاقة التقليدية المستهلكة مباشرة، أو من خلال التعاطي مع المجالات ذات الصلة في الاقتصاد والتكنولوجيا والزراعة والتخطيط العمراني، وغير ذلك مما يتداخل ويؤثر في نمط الحياة وارتباطه بأوضاع البيئة والمناخ.
لقد صارت "الاستدامة" مرادفا للحياة والبقاء، والدولة الأكثر قدرة على "الاستدامة" هي الأكثر استعدادا لمستقبل أفضل من أجل أبنائها.. وبما أن العالم صار قرية واحدة مرتبطة ومتداخلة المصالح والتحديات، فإن دولة الإمارات، صاحبة المسؤولية العالمية والمنظور الإنساني الشامل، تعمل وتتحرك في هذا الملف، ليس فقط من أجل مستقبل مواطنيها، وإنما أيضا بدافع هذه المسؤولية العالمية.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة