مشروع دستور الغابون.. هذا ما تقوله التسريبات
«دستور جديد يلبي تطلعات الغابونيين، لكن من دون تسرع»، كان هذا وعد الجنرال بريس أوليغي نغيما بعد نحو أسبوع من الانقلاب على علي بونغو.
بدا ذلك الوعد البند الأهم بالنسبة لشعب سبق أن بدت عليه أعراض الاستياء والاحتقان من حكم آل بونغو الذين جعلوا قوانين البلاد على مقاسهم، كما يقول منتقدون.
وحكم علي بونغو الغابون منذ 2009، خلفا لوالده عمر بونغو، الذي توفي بعدما ظل رئيسا للبلاد منذ 1967.
ولأن العسكر يدركون إلى حد كبير هنات نظام الحكم السابق، فقد كان أول الوعود دستور جديد، حاول بكل جهوده أن يجمع حوله الغابونيين.
ولذلك، استبق الجنرال بريس أوليغي نغيما حتى مراسم تنصيبه، في سبتمبر/ أيلول 2023، بسلسلة من اللقاءات مع الأحزاب السياسية وممثلي المجتمع المدني والقيادات الدينية ووسائل الإعلام، لشرح رؤيته للمستقبل.
وحينها، كانت أبرز وعوده «دستور جديد يلبي تطلعات الشعب الغابوني، وقانون انتخابي جديد، لكن من دون تسرع»، على حد تعبيره، مضيفا أنه سيتم بعد ذلك الذهاب مباشرة إلى انتخابات ذات مصداقية.
وجاء ذلك خلال أدائه اليمين ليصبح رئيسا للغابون لمرحلة انتقالية خلال مراسم أقيمت بالقصر الجمهوري في ليبرفيل، بعد نحو أسبوع من الانقلاب العسكري أواخر أغسطس/ آب 2023.
تسريبات
صياغة دستور جديد في الغابون لا تبدو مهمة يسيرة، فالنص مطالب بالكثير من التفصيل والتوضيح والتصحيح في بلد يعيد رسم ملامحه السياسية، ويتطلع شعبه لإصلاح شامل ومراجعات تتلافى هنات النصوص السابقة.
وجرى اعتماد الدستور الغابوني في عام 1991، وتم تعديله عدة مرات وانتقاده فترة طويلة، وفي النص الجديد، تم تعديله بالكامل، وهو الإصلاح الذي أشاد به المشاركون بالحوار الوطني الشامل المنعقد في أبريل/ نيسان الماضي.
وفي 8 مايو/أيار المنقضي، عين المجلس العسكري الحاكم لجنة دستورية وطنية مكونة من 21 عضوا مسؤولة عن صياغة نص جديد.
وبحسب نص جرى تداوله عبر شبكات التواصل الاجتماعي، ولم تعترض عليه السلطات، فإن الغابون ستختار النظام الرئاسي.
أما بالنسبة للضوابط الانتخابية، فينبغي أن تتراوح أعمار المرشحين للانتخابات الرئاسية بين 35 و70 عاما كحد أقصى، وأن يكونوا قد أقاموا في الغابون لمدة ثلاث سنوات دون انقطاع، وأن يكونوا متزوجين من رجل غابوني أو امرأة غابونية وأن يتمتعوا بمداركهم العقلية والجسدية.
وفي ما يتعلق بالمدة الرئاسية، تمتد ولاية رئيس الجمهورية لسبع سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة.
ويمكن لأي غابوني يحمل جنسية أخرى أن يترشح بشرط أن يكون قد تخلى عنها قبل عامين من موعد الانتخابات.
ملامح
يعترف المشروع بالشغور المؤقت لسلطة رئيس الجمهورية عندما لا يتجاوز ذلك 120 يوما.
وأثير هذا النقاش في الغابون عندما أصيب علي بونغو بجلطة دماغية في عام 2018.
وفي حال وجود منصب شاغر بشكل دائم، فإن رئيس مجلس الشيوخ هو الذي يتولى منصبه مؤقتا، حتى الانتخابات المقبلة.
ويساعد رئيس الجمهورية في مهامه نائب ونائب رئيس الحكومة، ويتم تعيينهما من قبل رئيس الدولة الذي يمكنه أيضًا إنهاء مهامهما.
ومن التدابير الأخرى في هذا المشروع: تجميع الأحزاب السياسية في كتل أيديولوجية، وهو البند الذي تعرض لانتقادات واسعة النطاق في البلاد لعدة أشهر.
وتعترف الدولة أيضا بوضع المعارضة وتفرض الخدمة العسكرية الإجبارية، وأخيرا، تظل الفرنسية هي اللغة الرسمية في الغابون، مع أن هذا البلد الأفريقي عضو في الكومنولث منذ عامين.
وإجمالا، يضم الدستور الجديد 150 مادة مقسمة بين عشرات العناوين، وحسب تقدير أحد محرريه، فإن الوثيقة الجديدة "ستكون الأكثر ديمقراطية في تاريخ البلاد، لأنها مستمدة مباشرة من الغابونيين أنفسهم".