اليوم الـ40 للحرب.. «الزائر الشفاف» يقسو على غزة ومساء «مهم» في إسرائيل
أخيرا، هطل المطر على غزة، ليغسل غبار الركام ورماد النيران ودماء السكان، لكن سرعان ما تبدد الفرح بأول الغيث مع أجساد مرتعشة وأراضٍ تحولت إلى وحْل.
فبعد خريف دافئ وجاف، و40 يوما على حرب لا تتسع الذاكرة لصورها القاسية، هبّت عاصفة رعدية في البحر الأبيض المتوسط عبر الشريط الذي يبلغ طوله 25 ميلاً في 7 أميال (41 كم × 12 كم).
هطل المطر فأزال قليلا من غبار الركام الرمادي الناتج عن الغارات الجوية الإسرائيلية والذي علق بالمباني في كل حي وشارع، وهرعت العائلات إلى الشوارع للاستمتاع بفترة راحة يروون فيها عطشهم بمياه نظيفة وعذبة حُرموا منها خلال الأسابيع الماضية.
وكتب الجراح الفلسطيني الذي يحمل الجنسية البريطانية غسان أبو ستة، على حسابه في "إكس" (تويتر سابقا): "أزال المطر الدخان من الهواء وكانت السماء جميلة… اليوم يوم جديد”.
لكن سرعان ما تبددت الرحلة الأولى من هطول الأمطار، وبدأ الأطفال يرتجفون بملابسهم المبللة، وغمرت المياه خيام سكناهم، وتحولت الأراضي المفتوحة إلى طين.
ووفق أحدث البيانات الصادرة عن الأمم المتحدة، انخفض استهلاك المياه في غزة بنسبة 90% منذ بدء الصراع في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
وأثارت الأمطار الغزيرة التي هطلت على قطاع غزة، اعتبارا من يوم أمس، مخاوف وتحديات جديدة للفلسطينيين الذين أصبح الكثير منهم بلا مأوى ويعيشون في خيام مؤقتة بعد أكثر من شهر على القصف الإسرائيلي العنيف الذي طال شمال ووسط وجنوب القطاع المحاصر.
وأدى بدء موسم الأمطار واحتمال حدوث فيضانات إلى زيادة المخاوف من إرهاق نظام الصرف الصحي في القطاع المكتظ بالسكان وانتشار الأمراض.
تشير التقديرات إلى أن ثلثي سكان غزة فروا من منازلهم من مدينة غزة وشمال القطاع، بسبب القصف المكثف من قبل القوات الإسرائيلية والغزو البري، الذي أدى إلى مقتل أكثر من 11 ألف فلسطيني، وفقا لوزارة الصحة التي تديرها حماس.
وتوجه هؤلاء إلى وسط وجنوب قطاع غزة، حيث يقيمون في مدارس مكتظة، أو في خيام من القماش أو النايلون أو بيوت من الخشب التي لا تقاوم أية فيضانات.
وفي ملجأ تابع للأمم المتحدة في خانيونس، جنوبي غزة، أظهرت مقاطع فيديو متداولة، فزع نازحين استيقظوا ليجدوا أن الملابس التي وضعوها لتجف خلال الليل قد تبللت بسبب الأمطار.
وقالت وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، يوم الثلاثاء، إنها تواجه صعوبات في توفير الخدمات الأساسية للنازحين.
وذكرت الوكالة أن إمدادات الوقود قد تنفد بحلول يوم الأربعاء، مما سيؤدي إلى وقف معظم عمليات الإغاثة وإمدادات الغذاء والدواء عبر معبر رفح، وهو الرابط الوحيد لغزة إلى العالم الخارجي.
وقال أحمد بيرم، المتحدث باسم المجلس النرويجي للاجئين، في تصريحات صحفية، إن بداية موسم الأمطار قد يمثل "أصعب أسبوع في غزة منذ بدء التصعيد (العسكري)".
وأضاف أن "الأمطار الغزيرة ستعني المزيد من عرقلة حركة الناس وفرق الإنقاذ". "سيزيد ذلك من صعوبة إنقاذ الأشخاص العالقين تحت الأنقاض، أو دفن الموتى، كل هذا وسط قصف متواصل وكارثة نقص الوقود".
وفي مواجهة الحجم الهائل للاحتياجات الإنسانية لسكان غزة البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة، لم تتمكن منظمات الإغاثة من التخطيط لمواجهة التحديات التي تفرضها الأمطار والفيضانات.
وقالت جولييت توما مديرة الاتصالات في وكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (أونروا) إن المنظمة تركز على تلبية احتياجات السكان "هنا والآن".
ومن المتوقع حدوث المزيد من العواصف خلال الأسبوع المقبل أو نحو ذلك مع انخفاض درجات الحرارة إلى 17 درجة مئوية وبدء فصل الشتاء.
ومن المرجح أيضا أن يؤثر الطقس على القتال حيث يعيق الطين حركة الآليات الإسرائيلية.
إسرائيل في قلب "الشفاء"
وتعهدت إسرائيل بالقضاء على حماس بعد هجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول، الذي قالت تل أبيب إن نحو 1400 شخص قتلوا فيه واحتجز نحو 240 رهينة.
في هذه الأثناء، اقتحم الجيش الإسرائيلي مستشفى الشفاء، بمدينة غزة، أكبر مستشفى في القطاع، بعد أيام من حصارها.
وأعلن الجيش أن قواته تنفذ عملية عسكرية "دقيقة ومحددة الهدف" ضد حركة حماس "في منطقة محددة" داخل مجمع الشفاء الطبي.
جاء ذلك، بعد تصريحات للمتحدث باسم وزارة الصحة الفلسطينية التابعة لحماس في غزة، أشرف القدرة، ذكر فيها أن الجيش الإسرائيلي اتّصل هاتفيا بوكيل الوزارة لإخطاره بأن قواته ستقتحم المستشفى في غضون دقائق.
ويضمّ المستشفى آلافاً من الفلسطينيين من مرضى وطواقم طبية ومدنيين نازحين جراء الحرب المستعرة منذ أربعين يوما.
ويوم أمس. اتهمت الولايات المتحدة، حركة حماس، استنادا إلى معلوماتها الاستخباراتية الخاصة، باستخدام مستشفيات في قطاع غزة لتنفيذ عمليات عسكرية، وخصوصاً مستشفى الشفاء. وهو ما نفته الحركة.
الغضب يلاحق نتنياهو حتى مقره
في سياق متصل، بدا الغضب في الشارع الإسرائيلي يتصاعد، وترتفع الأصوات المطالبة بالموافقة على اتفاق هذا المساء للإفراج عن جميع الرهائن في غزة.
ومن المقرر أن تجتمع حكومة الحرب برئاسة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، مساء اليوم، فيما بدأت عائلات الرهائن مسيرة لخمسة أيام ستقود المشاركين فيها من تل أبيب إلى القدس لينتهي التحرك أمام مكتب نتنياهو.