ترقب حذر في غزة بعد وقف إطلاق النار وتصاعد تهديدات إسرائيل
منذ إعلان وقف إطلاق النار برعاية مصرية لم يخل يوم من تهديد إسرائيلي ضد غزة أو تسريب عن وجود عملية أمنية في القطاع.
بعدما هدأ القصف الإسرائيلي على غزة علا صوت التهديدات الإسرائيلية، وسط حديث عن عملية أمنية مستمرة تستخدم كذريعة لإنقاذ حكومة بنيامين نتنياهو من الانهيار، ليعيش قطاع غزة حالة من الترقب والحذر.
ومنذ إعلان وقف إطلاق النار بين الفصائل الفلسطينية وإسرائيل برعاية مصرية، الثلاثاء قبل الماضي، لم يخل يوم من تهديد إسرائيلي ضد غزة أو تسريب عن وجود عملية أمنية مستمرة يمكن أن تفجر موجة جديدة من المواجهات.
ففي مؤتمره الصحفي الذي أعلن فيه نتنياهو نفسه وزيرا للدفاع، قال "نحن في أوج معركة لم تنتهِ بعد، وفي هذه الفترة الحساسة أمنيا يعد إسقاط الحكومة عملا غير مسؤول، وسواء قرر شركاؤنا ذلك أو لا فإننا سنواصل العمل من أجل ضمان أمن دولتنا ومواطنينا، ملتزمين بالرشد والمسؤولية والإصرار".
وتحت ذريعة المعركة المستمرة، تراجع وزراء حزب البيت اليهودي عن الانسحاب من الحكومة، ليعطيها ترياق حياة بعدما كانت قاب قوسين أو أدنى من الانهيار بعد انسحاب أفيجدور ليبرمان.
مرحلة حساسة
الدكتور صادق أمين الكاتب والمحلل السياسي قال إن "المرحلة الحالية حساسة وحرجة، وما يرشح من تصريحات إسرائيلية وتسريبات يشير إلى وجود نية غدر إسرائيلية، لمحاولة استعادة الردع التي تآكلت".
وأشار أمين في تصريحات لـ"العين الإخبارية" إلى أن "إسرائيل تلقت صفعة ثلاثية الأبعاد في المواجهة الأخيرة، بدءا من إحباط العملية السرية لوحدة مجلان الخاصة وقتل قائدها، ولاحقا في الضربات القوية التي وجهتها غرفة الفصائل المشتركة ضد الباص والصواريخ التي أطلقت على عسقلان".
وقتل ضابط إسرائيلي وأصيب آخر من قوة إسرائيلية خاصة في 11 نوفمبر الجاري، في عملية قتل فيها أيضاً 7 من القسام، وهو الاشتباك الذي فجر مواجهة استمرت يومين، استشهد فيها 7 فلسطينيين آخرين إلى جانب مستوطنين اثنين.
ويذهب أمين إلى أن سيناريو تجدد المواجهة وارد، خاصة أن التسريبات الإسرائيلية تلمح إلى استمرار عملية أمنية في غزة ما قد يعني وجود قوات إسرائيلية خاصة تواصل العمل، ويمكن أن يؤدي كشفها إلى تجدد الاشتباك.
وأضاف أن رغبة إسرائيل باستعادة الردع ولدوافع انتخابية قد تكون من العوامل التي تفجر المواجهة من الجديد، الأمر الذي يتطلب من الفصائل الحذر وعدم المبادرة لأي تصعيد يمكن أن يستغله الاحتلال لتفجير الأمور.
تلويح باغتيال السنوار
أحدث التهديدات الإسرائيلية جاءت الأربعاء، على لسان يؤاف غالانت وزير البناء والإسكان الإسرائيلي، بالتلويح باغتيال رئيس حركة حماس في قطاع غزة يحيى السنوار، كما هدد بشن حرب جديدة على قطاع غزة.
ونقلت صحيفة جيروزاليم بوست الإسرائيلية عن غالانت قوله، الأربعاء، في المؤتمر السنوي للصحيفة "دعوني أكون واضحا.. حياة يحيى السنوار محدودة، ولن ينهي حياته في دار للعجزة".
هذا التهديد، دفع الدكتور أيمن أبوناهية، أستاذ العلوم السياسية بغزة، إلى التحذير بأن التهديدات الإسرائيلية الموجهة لغزة، حتى لو أطلقت بهدف الردع فقط فإنها تمثل عامل ضغط على القيادة الإسرائيلية للعمل بشكل أكثر دموية، حال تفجر تصعيد عسكري بغزة لأي سبب، خاصة في ظل انطلاق بازار المزايدات الانتخابية.
ويدعو أبوناهية في حديثه لـ"العين الإخبارية" الفصائل لأن تأخذ أقصى درجات الحذر من أن تكون التهدئة رخوة وجزءا من حالة تضليل لتتمكن إسرائيل من المباغتة واصطياد هدف ثمين.
ويرى أن معطيات التهديدات والتسريبات الإسرائيلية تحتمل 3 سيناريوهات؛ أولها أن إسرائيل جادة في تنفيذ عمل عسكري في غزة لرد الاعتبار واستعادة القدرة على الردع المتآكل.
وأضاف أن السيناريو الثاني يتمثل في تصاعد التهديد الإسرائيلي لردع حماس وإجبارها على ضبط الأمور، وضمان عدم حدوث عمل يستدعي ردا عسكريا لا ترغب به، مشيرا إلى أن السيناريو الثالث لا يعدو تهديدا لرسم صورة قوية بعد المواجهة الأخيرة، التي يمكن القول إن اليد العليا لم تكن فيها لإسرائيل.
دعوات للحذر
في ظل هذا الواقع، تتصاعد الدعوات للحذر والانتباه في قطاع غزة من عدة جهات فلسطينية، وحذر صائب عريقات أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية من أن جميع الدلائل تشير إلى احتمالات قيام رئيس وزراء سلطة الاحتلال بنيامين نتنياهو بممارسة سياسات واعتداءات ضد الشعب الفلسطيني، بما في ذلك احتمال العدوان على قطاع غزة.
وفي هذا الإطار جاءت مطالبة خالد الخطيب، نائب الأمين العام للاتحاد الديمقراطي الفلسطيني (فدا)، لحركة حماس والفصائل في غزة، بضرورة ضبط النفس، وأخذ الحيطة والحذر وعدم الانجرار إلى أي ردود أفعال قد تعطي الذريعة لنتنياهو، للإقدام على شن حرب تدميرية جديدة على غزة، على الرغم من أن جيش الاحتلال الإسرائيلي ليس في حاجة إلى مبررات، وفق قوله.
واعتبر الخطيب، في بيان له تلقت "العين الإخبارية" نسخة منه، أن رد المقاومة الأسبوع الماضي بعد حادثة اختراق القوات الإسرائيلية الخاصة للتهدئة في شرق خان يونس رد عقلاني ومسؤول، يجب الاستفادة منه، وعدم انجرار البعض لتضخيم هذا الرد عملياتياً وسياسياً، وعدم الخروج باستخلاصات غير دقيقة وصحيحة، ستضعف الموقف الفلسطيني في لجم التهديدات الإسرائيلية، خاصة أن نتنياهو بتسلمه حقيبة الجيش لن يسمح لأحد من ائتلافه أو المعارضة الصهيونية بالمزاودة عليه، ومن ثم فإن سفك الدم الفلسطيني قد يكون عنوان المرحلة المقبلة، وهو ما يجب علينا كفلسطينيين أن ننتبه له ونعمل على عدم تنفيذه.
aXA6IDE4LjExNi45MC4xNDEg جزيرة ام اند امز