«اليوم التالي» يشحذ سيف السخط حول عنق نتنياهو
أكثر من 7 أشهر من حرب غزة لم تفلح في وضع خطة "اليوم التالي" ضمن الأولويات العاجلة لرئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو، ما يفجر جدلا بالداخل والخارج.
وفي ظل عدم رغبته في إعطاء الأولوية لإطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين، تشعر شريحة من المجتمع الإسرائيلي بالغضب من نتنياهو، وفقا لما ذكرته صحيفة "واشنطن بوست" في تقرير لها.
وقالت الصحيفة إن نتنياهو وجد نفسه هدفا للوم في الوقت الذي تواصل فيه القوات الإسرائيلية توغلها بمدينة رفح، جنوب قطاع غزة، والتي كانت الملاذ الأخير لأكثر من مليون فلسطيني نزحوا جراء القصف.
ومن بين أبرز منتقدي نتنياهو، رئيس أركان الجيش الإسرائيلي هرتسي هاليفي الذي نقلت وسائل إعلام محلية قوله إنه "يتحسر" على عدم التزام نتنياهو بخطة "اليوم التالي" في غزة، والتي يعتبر أنه من شأنها أن تساعد في احتساب الفراغ الأمني والسياسي بالقطاع.
وكرر هاليفي الإعراب عن الإحباط الذي يشعر به العديد من مسؤولي الأمن الإسرائيليين، ممن يرون أن عناصر حركة حماس يستأنفون عملياتهم في مناطق بغزة كان من المفترض أنه قد جرى تحييدهم منها.
ونقل التقرير عن هاليفي قوله: "طالما لا توجد عملية دبلوماسية لتطوير هيئة حكم في القطاع بديلة لحماس، سيتعين علينا إطلاق حملات مرارا وتكرارا في أماكن أخرى لتفكيك البنية التحتية للحركة".
الصدى في واشنطن
هذا الرأي هو ما يتردد في الولايات المتحدة التي تعد أقوى حلفاء إسرائيل، حيث قال مستشار الأمن القومي بالبيت الأبيض، جيك سوليفان، إن "الضغط العسكري ضروري ولكنه ليس كافياً لهزيمة حماس بشكل كامل".
وأضاف "إذا لم تكن جهود إسرائيل مصحوبة بخطة سياسية لمستقبل غزة والشعب الفلسطيني، فإن الإرهابيين سيستمرون في العودة.. وهذا ما يحدث بالفعل".
وسبق أن تعهد نتنياهو وآخرون في معسكره اليميني بهزيمة حماس بشكل كامل وتفكيك بنيتها التحتية العسكرية، وهو الأمر الذي يشكك فيه عدد متزايد من الخبراء والدبلوماسيين ممن يعربون عن مخاوفهم بشأن الخسائر الفادحة التي يتحملها المدنيون في غزة.
وقال كيرت كامبل، نائب وزير الخارجية الأمريكي: "في بعض الأحيان عندما نستمع إلى القادة الإسرائيليين يتحدثون عن فكرة تحقيق نوع من النصر الساحق والكامل في ساحة المعركة.. لا نعتقد أن هذا محتمل أو ممكن."
ورغم الشكوك الأمريكية، فإن الحرب مستمرة بالطريقة التي يفضلها نتنياهو حيث تتحرك إسرائيل "للقضاء" على كتائب حماس المتبقية في رفح مما أجبر ما يقرب من نصف مليون فلسطيني على الفرار بحثاً عن الأمان في أماكن أخرى.
كما أدى إلى تعميق حالة الطوارئ الإنسانية الكارثية بالفعل في غزة إضافة إلى عرقلة احتمالات التوصل إلى هدنة.
"شبه مسدود"
تعليقا على المفاوضات، قال رئيس الوزراء القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، أمس الثلاثاء، إنه "في الوقت الحالي، نحن في وضع شبه مسدود".
وأضاف "ليس هناك وضوح حول كيفية وقف الحرب من الجانب الإسرائيلي"، محذراً من أن حجم الدمار الهائل يمكن أن يمهد الطريق لـ"موجة جديدة من التطرف" إن لم يكن قد فعل ذلك.
وعلى مدار أشهر، رفض نتنياهو أو تجاهل الحديث عن إشراك السلطة الفلسطينية في إدارة غزة التي كانت تحت سيطرة حماس منذ سيطرة الحركة على القطاع في 2007.
وفي مقابلة جرت الأسبوع الماضي، قال نتنياهو بشكل غامض إنه "من المحتمل أن يكون لدينا نوع من الإدارة المدنية من قبل سكان غزة غير الملتزمين بتدميرنا".
وفي السر، حاول المسؤولون الأمريكيون الضغط على نتنياهو بشأن الترتيبات المؤقتة المحتملة في غزة بما يشمل إعادة تشكيل السلطة الفلسطينية بنوع من الكيان التكنوقراطي، وقوة حفظ سلام عربية إقليمية وغيرها من المقترحات التي تبدو مشروطة بإحياء المسار نحو إقامة دولة فلسطينية مستقلة.
لكن هذا الأمر هو ما أمضى نتنياهو حياته المهنية في العمل على تقويضه.
وظهر وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير أمس الثلاثاء مع زعماء اليمين المتطرف الآخرين في تجمع حاشد على حدود غزة، حيث دعا إلى إقامة مستوطنات إسرائيلية في غزة وتهجير سكانها الفلسطينيين.
وهذا الخطاب مكروه في واشنطن والعواصم الغربية الأخرى، لكنه يغذي الحسابات السياسية لنتنياهو حيث تبدو فرص بقائه في السلطة بعد الحرب ضعيفة وتعتمد على دعم اليمين المتطرف.
وفي مقال بصحيفة هآرتس العبرية، قال الكاتب الإسرائيلي أنشيل فيفر إن نتنياهو تأكد من عدم وجود قوة بديلة تستعد لحكم غزة ،لكن حتى الآن وبعد 8 أشهر من الحرب لم يكن هناك حتى أي نقاش جدي بشأنها.
وأضاف فيفر أن المؤسسة الأمنية الإسرائيلية تتحمل أيضًا المسؤولية عن هذا الوضع وكان ينبغي عليها توقع الحاجة إلى حل سياسي قبل أن تبدأ الحرب في غزة.
ولفت إلى أن "لديهم أسباباً لإلقاء اللوم على نتنياهو الآن بسبب تبديد المكاسب التكتيكية، لكنهم يتحملون أيضًا جزءًا من اللوم"، معتبرا أن "النقاش حول اليوم التالي هو أمر ضروري، لكنه يتم بعد سبعة أشهر من الموعد المحدد".