مصانع غزة.. 5 سنوات من الدمار ووعود التعويض لم تنفذ
أكثر من 5 آلاف منشأة تضررت خلال حرب 2014 ، لم يعوض منها إلا نحو 2000 منشأة ممن لم تتجاوز خسائرهم 7 آلاف دولار
من رجل أعمال إلى مستحق للمساعدة، مسيرة قاسية مر بها الفلسطيني عثمان أبوندى، بعد 5 سنوات من تدمير مصنعه في الحرب الإسرائيلية على غزة، وغياب أي تعويضات عن الدمار الذي حل به.
بأسى يتذكر أبوندى، في حديثه لـ"العين الإخبارية"، شركة مكة لصناعة الأدوية ومستحضرات التجميل التي كان يملكها وأصبحت كومة أنقاض، بعد تعرضها لقصف الاحتلال الإسرائيلي خلال العدوان على غزة عام 2014.
وقال "الشركة كانت تقع على مساحة 1300 متر مربع عند الخط الشرقي في منطقة الشجاعية شرق غزة، ويعمل بها 75 عاملا".
وتابع: "تعرضت المنطقة لقصف إسرائيلي مكثف، دمر على إثره مبنى الشركة بالكامل، واستمر الحريق فيه 10 أيام نتيجة وجود المواد الكيماوية الخاصة بمنتجات الشركة.
وبدأت إسرائيل في 7 يوليو/تموز 2014 حربا واسعة على غزة استمرت 51 يوما، أسفرت عن استشهاد 2229 فلسطينيا وتدمير واسع في المنازل والمنشآت المدنية والبنى التحتية.
دمار بلا تعويضات
تكلفة شركة أبوندى حسب الأوراق الرسمية بلغ 1.5 مليون دولار، وفق تأكيده، غير أن اللجنة المختصة بحصر الأضرار قدرت خسائر الشركة بـ618 ألف دولار فقط.
ورغم هذا الفارق بين التكلفة وتقدير الخسائر، يؤكد أبوندى أنه لم يصرف له حتى الآن أي مبلغ من التعويضات المقرة، ولم يجنِ سوى الوعود.
بعد 5 سنوات من التدمير، تغيرت حياة أبوندى، فبات الدائنون والعمال يلاحقونه "تعرضت للحبس على ذمم مالية 7 مرات، هناك ملاحقات قضائية لي من الدائنين ومن العمال الذين يطالبون بمستحقاتهم".
يصمت لحظات.. قبل أن يقول: "لا أنكر هذه الحقوق، لكن لا أملك شيئا أعطيه للمستحقين.. فقد حبست 7 مرات منذ تدمير الشركة، والآن أتلقى مساعدات من الأونروا بعدما تبدل الحال".
وأشار إلى أنه بدأ أخيرا بمحاولة استعادة جزء بسيط من العمل في المنظفات من خلال قرض تحصل عليه، ولكنه يشير إلى أن السوق اليوم بخلاف قبل 5 سنوات فهي تعاني ركودا كبيرا.
أبوندى هو واحد من مئات رجال الأعمال وأصحاب المنشآت الكبيرة والصغيرة التي دمرت كليا أو جزئيا خلال العدوان الإسرائيلي، ولم يتلقوا تعويضات أو استلموا جزءا بسيطا مقارنة بخسائرهم.
5 آلاف منشأة متضررة
أكثر من 5 آلاف منشأة تضررت خلال حرب 2014 ، لم يعوض منها إلا نحو 2000 منشأة ممن لم تتجاوز خسائرهم 7 آلاف دولار، وفقا لما قاله علي الحايك، نائب رئيس اتحاد الصناعات الفلسطينية.
وأضاف لـ"العين الإخبارية": بينما المنشآت التي تكبدت خسائر كبيرة لم تتلق أي تعويض حتى اللحظة.
وتابع "تم تعويض جزء من منشآت قطاعي الصناعات الإنشائية والخشبية بـ8.6 مليون دولار بحدود 7% من قيمة الخسائر في هذين القطاعين فقط.
خسائر القطاعات الصناعية والتجارية المباشرة قدرت بنحو 200 مليون دولار، وفق الحايك، غير أن كل التعويضات من هذا المبلغ وصلت 17.6 مليون دولار فقط.
وأشار إلى أن 30% من أصحاب المصانع المدمرة لم يعيدوا تشغيلها، أما البقية فأعادوها جزئيا، مستندين إلى قروض خاصة، وهم اليوم يواجهون أزمات متعددة.
وأشار إلى أن هناك مئات من الصناعيين والتجار اقترضوا لإعادة إعمار منشآتهم استباقا للتعويضات التي وعدوا بها، ولمّا لم تصلهم بات معظمهم ملاحقا لعجزه عن الوفاء بالسداد للجهات التي اقترضوا منها.
مشاكل إعادة التشغيل
الدكتور ماهر الطباع، الخبير الاقتصادي ومدير العلاقات العامة بغرفة تجار غزة، يشير إلى مشكلة أخرى تواجه أصحاب المصانع المدمرة، وهي صعوبات إعادة التأسيس وتوفير المعدات.
وقال الطباع لـ"العين الإخبارية": "إلى جانب أزمة عدم التعويض هناك منشآت غير قادرة على إعادة تأسيس خطوط الإنتاج في منشآتها لأن الاحتلال يمنع إدخال الكثير من المعدات وقطع الغيار المطلوبة للمصانع.
وأكد أن هذه المعدات وقطع الغيار تحتاج إلى تنسيقات خاصة مع الاحتلال الذي يرفض السماح بإدخالها تحت ذرائع واهية.
وتفرض إسرائيل سيطرتها على معابر قطاع غزة، باستثناء معبر رفح البري المخصص لحركة الأفراد مع مصر.