غزة تحت القصف.. تصعيد "محسوب" ورهان على وساطة مصر
أجواء تصعيد ومخاوف من تدهور الأمور نحو مواجهة أوسع، وسط رهان على الدور المصري لاحتواء التدهور
ما بين إطلاق البالونات الحارقة والغارات الإسرائيلية، يبدو المشهد في قطاع غزة وجنوب إسرائيل، حاملاً أجواء تصعيد ومخاوف من مواجهة أوسع، وسط رهان على الدور المصري لاحتواء التدهور.
واستأنف النشطاء في غزة، قبل نحو أسبوع إطلاق البالونات المحملة بشعل حارقة تجاه البلدات الإسرائيلية، ما تسبب باشتعال عشرات الحرائق، احتجاجا على ما وصفوه تلكؤ إسرائيل في تنفيذ تفاهمات كسر الحصار.
إسرائيل، من جهتها، تشن يوميا غارات محدودة استهدفت مواقع للمقاومة، ردًّا على البالونات، واتخذت سلسلة إجراءات عقاب جماعي شملت إغلاق المعابر ومنع إدخال مواد البناء والوقود، لتعود أزمة الحصار بشكل أكثر قسوة.
تغيير المعادلة
الكاتب والمحلل السياسي الدكتور أحمد رفيق عوض، قال إن غزة تسعى إلى تغيير المعادلة التي تعيش فيها مع تدهور الأوضاع المعيشية والاقتصادية.
وأشار عوض، في حديثه لـ"العين الإخبارية"، إلى أن عودة البالونات الحارقة جاءت بسبب تلكؤ الاحتلال في الخدمات المقدمة لقطاع غزة، في حين أن الفصائل تريد تخفيف الحصار الإسرائيلي أو حتى كسره.
وأضاف: "الأحوال المعيشية المتردية غير المسبوقة وصلت مرحلة صعبة، لذلك تريد المقاومة أن تضغط على إسرائيل لإدخال المنحة القطرية وإدخال الوقود وفتح المعابر ورفع القيود عن حرية الحركة".
وأوضح أن سبب التصعيد أن إسرائيل تريد أن تخضع غزة لشروطها من بينها إطلاق الجنود الإسرائيليين، وكذلك إدخال حماس والجهاد في تسوية معينة.
وقال: "كل طرف يريد فرض تفاهم جديد.. إسرائيل تريد جنودها بغزة.. والفلسطينيون يريدون توسيع التفاهمات السابقة من توسيع مساحات الصيد البحري والوقود وحل الكهرباء وحركة الناس والسلع".
إلا أنه استبعد أن تتدهور الأمور نحو حرب شاملة، معتبرا أن الطرفين غير معنيين بحرب، لكنه لا يمكن استبعاد اندلاع جولة عنيفة في غزة.
وأشار إلى أن "غزة لا تحتمل الحرب.. وإسرائيل لا تريد الحرب الآن لأسباب كثيرة منها هشاشة الوضع الحكومي".
وشهد عاما 2018 و2019 نحو 16 جولة تصعيد ومواجهة بين الفصائل الفلسطينية وإسرائيل، قبل التوصل لتفاهمات ذات صبغة إنسانية أبريل/نيسان 2019 مقابل وقف الأدوات الخشنة في مسيرات العودة.
رهان على الدور المصري
الكاتب الدكتور صادق أمين قال إن سيناريو المواجهة الشاملة يبقى قائما، ولكنه مستبعد كثيرًا في هذه المرحلة، واصفا ما يجري بأنها جولة تصعيد لتحسين شروط التفاهمات السابقة أو ضمان استمرارها.
وأضاف أمين، لـ"العين الإخبارية"، أن وصول وفد المخابرات المصرية إلى غزة، بمثابة مؤشر على أن الأطراف لا ترغب في مزيد من التدهور، وأن الوفد المصري سينجح ربما في النهاية في إعادة تثبيت التفاهمات.
وأكد أن الرهان على الدور المصري حاسم هذه المرة لتجنيب قطاع غزة مواجهة جديدة يمكن أن تفاقم الأوضاع الإنسانية التي بلغت حدا صعبا بعد أزمة كورونا.
ووصل الوفد المصري إلى غزة، الإثنين، بعد يوم من زيارته رام الله، وبدأ لقاءات مع الفصائل الفلسطينية.
المنحة القطرية
ويربط خبراء ومتابعون، بين حالة التوتر الحالية لا سيما استئناف إطلاق البالونات الحارقة، والمعلومات الواردة عن المنحة القطرية، التي تنتظرها حماس لتصرف بها على موظفيها والمقربين منها.
أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأزهر، الدكتور مخيمر أبو سعدة، قال إن إطلاق البالونات الحارقة جاء في ظل تأخر وصول الأموال القطرية.
واستبعد أبو سعدة، في حديثه لـ"العين الإخبارية"، أن تؤدي عودة البالونات الحارقة إلى تصعيد كبير ومواجهة مباشرة مع إسرائيل، معتقدا أن إسرائيل والفصائل بغزة ليس لديهم نية للتصعيد حاليا.
وتوقع أن تنجح مصر كالعادة في احتواء الأمر وتجنيب القطاع عدوانا إسرائيليا أوسع.
ورأى أن ما يدور الآن عبارة عن تسخين وتصعيد محسوب بدقة بحيث لا يؤدي لتفجر الأوضاع، وكل طرف يحاول تحسين شروطه على حساب الطرف الآخر.
وأشار إلى أن الأمور حتى اللحظة تحت السيطرة، والوساطات موجودة لمنع تدهور الأوضاع وسيتم حلها، والرهان كبير في هذا المجال على دور المخابرات المصرية.
aXA6IDMuMTI5LjIxMS4xMTYg جزيرة ام اند امز