«خير ولكن».. نازحو غزة تحت القصف والمطر
يفرغ مياه المطر المتجمعة فوق القماش المشمع ويبتلع جرعات منه لإطفاء ظمئه ثم يسكبه على جسمه المحروم من الاستحمام كغيره من نازحي غزة.
ويحاول أيمن الجعيدي إفراغ الماء الذي تجمع بفضل المطر الغزير فوق القماش المشمع الذي تحتمي تحته عائلته، ويبتلع وهو يفعل ذلك، جرعات منه لإطفاء ظمئه ثم يسكبه على جسمه.
ولا يعتبر أيمن الوحيد من يفعل ذلك، فهو كغيره من النازحين في جنوب القطاع ممن باتوا تحت رحمة المطر بعدما كانوا هدفًا للقنابل والصواريخ.
ونزحت مئات آلاف الأسر إلى جنوب غزة للنجاة من القصف وحصلت على القليل من الماء وحصص غذائية ضئيلة تحت الخيام أو في مخيمات مؤقتة في المدارس.
«خير ولكن»
لكن مياه الأمطار التي تعتبر رحمة تطفئ لهيب عطشهم، قد تتحول إلى إشكال حين تصبح راكدة مع ما يمكن أن ينجم عن ذلك من أمراض.
ويقول أيمن من باحة إحدى مدارس وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) في رفح كبرى مدن جنوب قطاع غزة على الحدود مع مصر: "أمطرت الدنيا وتبللنا وتبللت كل أغراضنا وملابسنا والفرش والأغطية".
ويضيف أيمن لوكالة فرانس برس: "هذه العيشة لا تحتملها حتى الكلاب".
وفي كل مكان انهمك الرجال في العمل. بعضهم تمكن من العثور على قماش مشمع بلاستيكي استخدموه في تغطية الخيام المصنوعة من القماش.
وراح آخرون يثبتون أكياسًا بلاستيكية لتغطية ما قد يصبح مأوى لهم لفترة طويلة، بعد أن أدى القصف الكثيف إلى تدمير نصف منازل قطاع غزة تقريبًا أو إصابتها بأضرار جسيمة.
جياع تحت المطر
يقول أيمن وهو يرتدي قميصا قصير الأكمام فيما تحول الطقس الخريفي إلى البرودة: "الأطفال ملابسهم تبللت ولا يوجد لهم غيارات، سيمرضون".
وأضاف غاضبا "أين سننام؟ لم نأكل شيئا منذ ثلاثة أيام. الأونروا تؤمن لنا الطعام المعلب والبسكويت لكن أطفالنا لا يشعرون بالشبع، أعطونا خبزًا، نريد أن نأكل ونطعم أطفالنا".
وتعيش سهى حسن في خيمة منذ اليوم الأول للحرب المستمرة منذ أكثر من شهر، عندما شنت حماس التي تسيطر على غزة، هجوما غير مسبوق في إسرائيل أسفر عن مقتل 1200 شخص معظمهم من المدنيين وفقا للسلطات الإسرائيلية.
ومنذ ذلك الحين، يقصف الجيش الإسرائيلي الأراضي الفلسطينية المحاصرة بشكل متواصل، ما أسفر عن مقتل أكثر من 11200 شخص ثلثاهم من النساء والأطفال وأصيب 29 ألفا بجروح.
ووفق الأمم المتحدة، نزح أكثر من 1,5 مليون من سكان غزة البالغ عددهم 2,4 مليونا، ويعاني جميع السكان من الجوع.
وقامت الأونروا بتأمين 154 ملجأ لاستيعابهم، إلا أن جميعها تستقبل أعدادًا أكبر بكثير من طاقتها حيث يتقاسم المئات مرحاضا واحدا ودشا واحدا وفق تقارير الوكالة اليومية.
"مجرد بداية"
وحذرت الوكالة الأممية من أن "الاكتظاظ يساهم في انتشار الأوبئة وخصوصا التهابات الجهاز التنفسي الحادة والإسهال". وتحدث مسؤولو الأمم المتحدة عن تفشي الكوليرا.
والاثنين، حذر مدير الأونروا في غزة توماس وايت من أن شاحنات الوكالة لن تتمكن من استقبال المساعدات عند معبر رفح الثلاثاء ونقلها بسبب نقص الوقود.
وأضاف أن "العمليات الإنسانية ستتوقف خلال 48 ساعة إذا لم يسمح بدخول الوقود إلى غزة".
وقالت سهى حسن النازحة من حي الزيتون في رفح: "نحن هنا في الخيمة منذ أربعين يومًا، الوضع مأساوي لا طعام ولا ماء، هطل المطر اليوم ورغم أننا نريد الماء إلا أننا غرقنا وتبللت ملابسنا".
وأضافت: "لا يوجد لدينا ملابس كثيرة وأغلبها خفيفة للصيف. خرجنا من بيوتنا بلا شيء.. الوضع لا يحتمل. نحن في بداية الشتاء ماذا سنفعل حين يشتد المطر؟ أين سنذهب بأطفالنا؟ الأطفال مناعتهم ضعيفة بسبب قلة الأكل والتلوث والشتاء سيفاقم الأزمة".
ومن حولها، كان البعض يحاول جمع مياه الأمطار، حيث قام رجال بجمع المياه المتدفقة من المزاريب في حاويات بلاستيكية وزجاجات. في حين حاول آخر سد ثقب في القماش المشمع فوق رأس امرأة تعد الخبز على الحطب.
لا يمكن أن يدعوا المطر يخمد النار، أو أسوأ من ذلك أن يتلف أرغفة الخبز الرقيقة التي لا تقدر بثمن وينتظرونها بلهفة، ففي جنوب قطاع غزة الذي يفرض عليه الجيش الإسرائيلي حصارًا كاملًا، يبلغ سعر كيس الدقيق 200 دولار، هذا إن وُجد.
aXA6IDE4LjIxOC45OS44MCA= جزيرة ام اند امز