هدنة غزة.. صمتت المدافع وازدحمت طرق العودة
صمتت المدافع في غزة فسلك آلاف النازحين الفلسطينيين طريق العودة إلى ديارهم لرؤية ما بقي منها.
وحتى قبل دخول الهدنة حيز التنفيذ في القطاع، الجمعة، ازدحمت الطرقات في ساعات الفجر الأولى بجحافل النازحين يتدفقون من كل صوب متجهين نحو بيوت غاب معظمها فيما لم يتبق من البعض الآخر سوى الأنقاض.
ومع بدء سريان هدنة الأيام الأربعة التي تترافق مع الإفراج عن رهائن محتجزين في القطاع مقابل أسرى في السجون الإسرائيلية، صمتت المدافع والطائرات الحربية الجمعة في خان يونس جنوب القطاع المحاصر.
وبدلا من أصوات القتال، حلت زحمات سير وأبواق الآليات وصافرات سيارات إسعاف تحاول شق طريقها وسط جموع النازحين الذين خرجوا من المستشفيات التي لجؤوا إليها هربا من الضربات.
«عائدة إلى بيتنا»
بدت حياة المعمر (50 عاما) على عجلة من أمرها وقالت لـ"فرانس برس": "أنا عائدة إلى بيتنا" وهي بالكاد تتوقف.
وتابعت: "كنا في مدرسة قرب مستشفى ناصر، ونهرب من الموت والدمار وكل ما كان يحدث"، مضيفة بصوت مخنوق "لا أفهم ماذا حدث لنا ولماذا فعلوا بنا كل هذا؟".
وفي السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، شنّت حماس هجوما غير مسبوق على قواعد عسكرية ومستوطنات في غلاف غزة تسبّب بمقتل 1200 شخص، حسب السلطات الإسرائيلية. وتحتجز حماس وفصائل فلسطينيّة أخرى نحو 240 رهينة في القطاع منذ الهجوم.
ومذاك انقلبت حياة الفلسطينيين في قطاع غزة، حيث تنفّذ إسرائيل قصفا مدمّرا على غزّة أوقع قرابة 15 ألف قتيل، بينما تضررت أو دمرت أكثر من نصف المنازل، بحسب الأمم المتحدة.
«لم تنته بعد»
رغب كثيرون صباح الجمعة بالعودة لمعرفة ما إذا كانت منازلهم ما زالت صامدة.
وعلى عربة يجرها حمار، يسعى أحمد فياض (30 عاما) للعودة إلى قريته التي تبعد بضعة كيلومترات عن المدينة مع 70 فرداً من عائلته الذين كانوا يعيشون "في إحدى المدارس".
وفيما انطلقت عشرات السيارات والعربات التي تجرها الحمير والأحصنة، والتوك توك، ألقت طائرات حربية إسرائيلية فوق جنوب قطاع غزة منشورات تحذر الناس من مغبة العودة شمالا.
وكتب على هذه المنشورات "الحرب لم تنته بعد"، و"العودة إلى الشمال ممنوعة وخطرة جدا".
ويعتبر الجيش الإسرائيلي شمال قطاع غزة منطقة قتال وأمر كل المدنيين بمغادرتها.
ويصف خالد الحلبي وهو من سكان مدينة غزة الهدنة بـ"متنفس بعد 48 يوما من الضغط"، مشيرا إلى أنه نزح إلى مدينة رفح جنوبا.
ويقول: "كنت أتمنى أن تشمل التهدئة كل قطاع غزة (السماح بالانتقال إلى الشمال) كي أعود لأعاين بيتي المهدوم وما تبقى منه".
وبحسب الرجل، فإن "البضائع ستدخل. لم نعد قادرين على العثور على خبز أو وقود أو طعام".
وستدخل 200 شاحنة مساعدات يوميا بحسب الاتفاق الذي تم بوساطة مصرية أمريكية قطرية.
وبالنسبة لرائد صقر الذي نزح إلى رفح، فقال "أعتقد أن أيام التهدئة هذه ضرورية لمحاولة لملمة الجراح، ومحاولة إعادة ترتيب أوضاع الناس على المستويين الإنساني والاقتصادي".
وأضاف لوكالة فرانس برس: "النازحون من المناطق الشمالية ومن مدينة غزة يعيشون ظروفاً مأساوية للغاية لا يمكن وصفها".
أما بسام النيرب فيرى أن التهدئة جاءت "متأخرة للغاية"، موضحا "تعرضنا لخسائر كثيرة"، ولكنه أكد أن "التهدئة ستكون متنفّسًا للناس كي يتمكن السكان من التنقّل وتأمين الغذاء والمياه".
ويضيف "إن شاء الله تشكل هذه فرصة ليتحرك الناس وينعموا ببعض الحياة الطبيعية، وتكون كذلك مقدمة لتهدئة شاملة".
aXA6IDMuMTQ1LjYzLjE0OCA= جزيرة ام اند امز