«رجال الظل» يبحثون عن ضوء في غزة تحت سماء باريس
تجري في باريس الأحد محادثات بين مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية (سي آي إيه) وليام بيرنز ومسؤولين كبار من مصر وقطر واسرائيل لبحث اتفاق هدنة في حرب غزة.
وقالت مصادر مقربة من المشاركين في هذه اللقاءات، إن الدول الأربع تجري محادثات مع السلطات الفرنسية، بهدف التقدم نحو اتفاق يتضمن هدنة في القتال وإطلاق سراح رهائن تحتجزهم حماس.
وبدأت هذه الاجتماعات التي تتخذ أشكالا مختلفة، السبت وتستمر الأحد، بمشاركة رئيس «الموساد» دافيد بارنياع ورئيس جهاز الأمن العام «الشاباك» رونين بار، ورئيس وكالة المخابرات المركزية الأمريكية ويليام بيرنز، ورئيس المخابرات المصرية اللواء عباس كامل، ورئيس وزراء قطر محمد بن عبد الرحمن آل ثاني.
خطوط عريضة
وحول الخطوط العريضة للاتفاق الذي يتم بحثه في باريس، أشارت صحيفة «نيويورك تايمز» إلى هدنة أولى تستمر ثلاثين يوما ويفترض أن تتيح الإفراج عن النساء والرهائن الأكبر سنا والمصابين.
وأضافت الصحيفة الأمريكية أنه خلال هذه الفترة، يجري الأطراف مفاوضات تتناول تفاصيل مرحلة ثانية يتوقع أن تستمر أيضا ثلاثين يوما سعيا إلى الإفراج عن الرجال والجنود، مشيرة إلى أن الاتفاق يشمل -كذلك- إطلاق أسرى فلسطينيين في السجون الإسرائيلية.
وكانت حركة «حماس» وضعت 4 شروط لعقد اتفاق جديد وهي وقف إطلاق نار دائم وسحب جميع القوات الإسرائيلية من قطاع غزة، وتبادل الرهائن الإسرائيليين بأسرى فلسطينيين، وتعهد دولي بعدم عودة إسرائيل للحرب حال انتهاء الصفقة.
لكن إسرائيل ترى بأن القبول بهذه الشروط هو بمثابة استسلام وقبول بعودة «حماس» إلى حكم قطاع غزة علما بأن أحد أهداف الحرب الإسرائيلية هي إنهاء حكم الحركة الفلسطينية لقطاع غزة.
شروط حماس
وقالت القناة الإخبارية 12: «ليست إسرائيل وحدها هي التي تعتقد أن شروط حماس غير مقبولة، إذ قال مسؤولون إسرائيليون كبار إن الوسطاء فهموا أيضا أن هذه شروط مستحيلة، وأنه على الرغم من بعض الإشارات التي تلقاها في وقت سابق من هذا الأسبوع، فإن زعيم حماس في غزة يحيى السنوار وحماس متمسكان بمطالبهما لبدء المفاوضات».
بدورها، قالت القناة الإخبارية 11 الإسرائيلية، مساء الجمعة: «قال مسؤولون إسرائيليون كبار قبل قمة رؤساء المخابرات، إنه لا توجد حاليا شروط تسمح بفتح مفاوضات لإطلاق سراح الرهائن».
وأضافت، في تقرير تابعته «العين الإخبارية»: «وفقا للمسؤولين، فإن الهدف من القمة هو فحص كيفية الخروج من المأزق وتهيئة الظروف لفتح المفاوضات، في حين أنه من الواضح أن حماس تصر حاليا على إخراج الجنود من غزة، وإنهاء الحرب، وتقديم ضمانات دولية بأن إسرائيل لن تعود إلى القتال - وهذه الشروط، كما يقولون، تعني عودة حكم حماس».
وكان مسؤولان إسرائيليان قالا لموقع «واللا» الإخباري الإسرائيلي إن إسرائيل قدمت لحماس اقتراحا من خلال وسطاء قطريين ومصريين يتضمن وقفا للقتال لمدة تصل إلى شهرين كجزء من اتفاق متعدد المراحل يشمل إطلاق سراح جميع الرهائن المتبقين المحتجزين في غزة.
وأشارا إلى أن مجلس الوزراء الحربي الإسرائيلي وافق قبل 10 أيام على معايير اقتراح جديد لصفقة الرهائن، والتي تختلف عن الجوانب السابقة للصفقات التي رفضتها حماس وأكثر ميلاً إلى الأمام من المقترحات الإسرائيلية السابقة.
إطلاق الرهائن وعودة الجثث
وبحسب الاقتراح، فإن الصفقة ستشمل إطلاق سراح جميع الرهائن المتبقين على قيد الحياة وعودة جثث الرهائن القتلى على عدة مراحل.
وقال المسؤولون إن المرحلة الأولى ستشهد إطلاق سراح النساء والرجال الذين تزيد أعمارهم عن 60 عامًا والرهائن الذين هم في حالة طبية حرجة، مشيرين إلى أن المراحل التالية ستشمل إطلاق سراح المجندات والرجال الذين تقل أعمارهم عن 60 عاما من غير الجنود والجنود الإسرائيليين وجثث الرهائن.
وقال المسؤولون الإسرائيليون إن فترة التوقف الشاملة المقترحة لاستكمال إطلاق سراح جميع الرهائن على مراحل مختلفة قد تصل إلى شهرين.
وأضاف المسؤولون أنه بموجب الاتفاق المقترح، ستتفق إسرائيل وحماس مقدما على عدد السجناء الفلسطينيين الذين سيتم إطلاق سراحهم مقابل كل رهينة إسرائيلي في كل فئة، ثم ستجرى مفاوضات منفصلة حول أسماء هؤلاء السجناء.
وتابع المسؤولون الإسرائيليون أن الاقتراح يشمل إعادة انتشار قوات الدفاع الإسرائيلية بحيث يتم نقل بعضها من المراكز السكانية الرئيسية في القطاع، والسماح بالعودة التدريجية للمدنيين الفلسطينيين إلى مدينة غزة وشمال قطاع غزة أثناء تنفيذ الصفقة.
واستدرك المسؤولون الإسرائيليون أن الاقتراح يوضح أن إسرائيل لن توافق على إنهاء الحرب، ولن توافق على إطلاق سراح جميع الفلسطينيين المحتجزين في السجون الإسرائيلية والذين يقدر عددهم بـ 8000 أسير. إلا أنهم أكدوا استعدادهم للإفراج عن عدد كبير من الأسرى الفلسطينيين إذا وافقت حماس على العرض.
ويضع الرئيس الأمريكي جو بايدن ثقله بهذه الاتصالات، إذ تحادث هاتفيا خلال اليومين الماضيين مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وأمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني.
وكان مصدر أمني قال يوم الجمعة، إن الرئيس الأمريكي جو بايدن سيوفد إلى باريس مدير «سي آي إيه» لإجراء محادثات «في الأيام المقبلة» مع نظيريه الإسرائيلي والمصري ومع رئيس الوزراء القطري.
وبحث بايدن في نهاية الأسبوع مع أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني «الأحداث الأخيرة في إسرائيل وغزة، بما في ذلك الجهود للإفراج عن الرهائن الذين خطفتهم حماس»، وفق ما أعلن البيت الأبيض الجمعة، مع تأكيده أنه لا إعلان «وشيكا» متوقعا في هذا الصدد.
وأدى الهجوم المفاجئ الذي شنته حماس على إسرائيل في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي إلى مقتل حوالى 1140 شخصا، معظمهم من المدنيين، واحتجاز 250 آخرين رهائن، بحسب الأرقام الإسرائيلية الرسمية.
ورداً على ذلك، تعهّدت إسرائيل بـ«القضاء» على حماس، وباشرت عمليّة عسكريّة واسعة خلّفت 26422 قتيلا غالبيتهم من النساء والأطفال، بحسب أحدث حصيلة لوزارة الصحة التابعة لحركة حماس الأحد.