ستبقى قطر شكليا عضوا بمجلس التعاون إذا رغبت في البقاء، فلا أحد سيرغمها على الرحيل أو يطلب منها ذلك.
لعل أهم ما انتهت إليه القمة الخليجية في دورتها التاسعة والثلاثين بالرياض هو ترسيخها لحقيقة أن مجلس التعاون لدول الخليج العربية وجِد ليبقى وأنشئ ليستمر مظلة للعمل الخليجي المشترك، في ظل حرص مراكز الثقل الحقيقية فيه على استمرار تماسك المنظومة الخليجية حتى لا ينفرط عقدها، فجاءت القمة ومعها إعلان الرياض لتقطع جميع الشكوك حول استمرارية المجلس ومستقبله، وأثبت نجاحها أن المجلس قادر على تجاوز التحديات أيا كانت صعوبتها والأزمات أيا كان مصدرها، وأن باستطاعته العمل في ظل أصعب الظروف وأقساها، وأنه قادر على إيجاد الصيغة المناسبة التي تمكنه من الاستمرار في أداء مهمته وتحقيق أهدافه التي أنشئ من أجلها مهما حاولت بعض أطرافه عرقلة عمله وإيقاف مسيرته وإنهاء دوره الذي لم يعد يتسع لطموحاتها الهدامة ولا يتماشى مع تحالفاتها المشبوهة.
المطالب الثلاثة عشر معروفة للجميع ولا تنازل عن مطلب واحد منها، وإذا لم تستجب قطر لها كلها فربما يكون من الأفضل لمجلس التعاون أن يعمل بخمسة من أعضائه بتجانس وفاعلية، على أن يظل العضو السادس مراقبا لحجم ما ينجز وشاهدا عليه ومكتفيا بالتوقيع على ما يصدره قادته من قرارات وإعلانات وبيانات ختامية
انعقاد القمة الخليجية التاسعة والثلاثين في موعدها ونجاحها في إصدار بيان ختامي صريح وجريء وبإجماع الدول الأعضاء أبلغ دليل على أن مجلس التعاون استطاع أن يتكيف بنجاح مع الأزمة القطرية، وأن يهمش تأثيرها على أداء المجلس ومخرجاته ومستقبله إلى أدنى حد، فالمجلس نجح في التعامل مع قطر باعتبارها العضو الحاضر الغائب، حاضر بوجود بروتوكولي لممثليه في جميع الاجتماعات، وغائب بدوره وفاعليته وتأثيره وإيجابيته، وفي ظل استمرار الدوحة في التغريد خارج السرب الخليجي والعربي والسير عكس التيار، وتبنيها من السياسات التآمرية ما يهدد أمن واستقرار المنطقة وما يثير الفرقة والشقاق بين دولها وشعوبها فلن يضير مجلس التعاون أو يتأثر عمله لو تبنى صيغة (ستة ناقص واحد). أي استمرار العمل وكأن عضوا من أعضائه غير موجود من الأساس.
ستبقى قطر شكليا عضوا بمجلس التعاون إذا رغبت في البقاء، فلا أحد سيرغمها على الرحيل أو يطلب منها ذلك في ظل حرص زعماء المجلس الحقيقيين وقادته المؤثرين على بقائه وصون وحدته ولمّ شمل أعضائه وتحقيق تطلعات شعوبه، لكنه سيصبح حضورا مثل الغياب ووجودا كالعدم بعدما جعلت قطر بتوجهاتها وسياساتها التحريضية ضد أشقائها من نفسها دولة غير مهمة ولا مؤثرة ولا مرغوبة في المنظومة الخليجية الموحدة، بعد أن حاولت تمزيق مجلس التعاون وتقويض دوره وتشتيت جهوده وصرف أنظاره عن المخاطر الحقيقية التي تهدد دوله وفي قلبها المشروع الإيراني التوسعي في المنطقة.
قطر هي مَن وضعت نفسها في موقع اللاأهمية الذي تتبوؤه حاليا في منظومة العمل الخليجي المشترك، وهي مَن اختارت موقع اللاتأثير الذي يستشعره كل متابع لدورها، بسبب ما تبنته من سياسات هدامة وما أشعلته من حرائق وما زرعته من فتن ودسائس وما دعمته من تنظيمات إرهابية وما بثته من فرقة بين الأشقاء خلال السنوات الخمس الماضية، وهي تعلم جيدا طريق العودة إذا أرادت، وتدرك جيدا ما هو المطلوب منها لكي تعود عضوا فاعلا بمجلس التعاون، ولا نهاية لأزمة مقاطعتها إلا بزوال أسبابها، ولا مكان لحل تلك الأزمة إلا في الرياض، فالمطالب الثلاثة عشر معروفة للجميع ولا تنازل عن مطلب واحد منها، وإذا لم تستجب قطر لها كلها فربما يكون من الأفضل لمجلس التعاون أن يعمل بخمسة من أعضائه بتجانس وفاعلية، على أن يظل العضو السادس مراقبا لحجم ما ينجز وشاهدا عليه ومكتفيا بالتوقيع على ما يصدره قادته من قرارات وإعلانات وبيانات ختامية.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة