الاقتصاد الألماني.. مناعة قوية تتراجع أمام ضربات الفيروس
التوقعات تشير إلى أن الاقتصاد الألماني سيسجل في 2020 انكماشا حقيقيا بنسبة 6.5%، وذلك على الرغم من حزمة الإنقاذ التي أقرتها برلين
ما زال الاقتصاد الألماني يكافح بقوة في ظل التداعيات السلبية لتفشي جائحة كورونا، لكن هذا الصمود لن يستمر طويلا في ظل الضغوط المتواصلة التي يمارسها الفيروس.
وطالت الأرقام السلبية انكماش الاقتصاد، والصادرات وطلبيات صناعة الإلكترونيات، وأعداد ساعات العمل.
وعلى ما يبدو أن المناعة القوية والمتانة التي يتحلى بها الاقتصاد الألماني لن تطول، بعد أن تلقى أكبر اقتصاد في أوروبا ضربات قوية من الفيروس.
انكماش الاقتصاد
أشارت تقديرات الرابطة الاتحادية لشركات الصناعة الألمانية (بي دي آي) إلى أن الاقتصاد الألماني سيسجل في العام الجاري انكماشا حقيقيا بنسبة 6.5%، وذلك على الرغم من حزمة الإنقاذ التي أقرتها برلين لدعم الاقتصاد في مواجهة تداعيات كورونا.
وتوقع يوأخيم لانج، الرئيس التنفيذي للرابطة أن يحدث التعافي الاقتصادي في 2022.
ورأت الرابطة في تقريرها الربع سنوي أن حزمة التحفيز الاقتصادي جاءت في الوقت المناسب وتوقعت أن يظهر تأثير جزء كبير من التدابير المقررة خلال العام الجاري.
وقالت إن دعم نفقات الاستهلاك للأفراد سيأتي في طليعة العوامل التي ستخفف بشكل ملحوظ من حدة التراجع الاقتصادي.
وتوقعت الرابطة أن تسجل فاتورة صادرات البضائع والخدمات في هذا العام تراجعا حقيقيا بنسبة 15% (بعد تعديل الأسعار).
وأشارت إلى أن الطلب على منتجات "صُنِع في ألمانيا" سينخفض بشكل ملحوظ، نظرا للتراجع الحاد في النمو الاقتصادي لدى كل الشركاء التجاريين تقريبا.
كما توقعت الرابطة تراجع الواردات بنسبة تقارب 12%.
وذكرت الرابطة أن تراجع الدخول بسبب تخفيض أوقات الدوام والبطالة بالإضافة إلى القلق على الوظائف سيؤثر بقوة على المزاج الاستهلاكي عند المستهلكين.
وتوقعت تراجع استهلاك الأفراد بنسبة 7%، وقالت إنه بدون حزمة التحفيز الحكومية، كان التراجع سيتراوح بين 8.5% إلى 10%.
وإلى جانب حزمة التحفيز، طالبت الرابطة ببرنامج استثمار بقيمة تتراوح بين نحو 1 إلى 1.5% من إجمالي الناتج المحلي وإصلاحات هيكلية وتخفيض ضرائب الشركات إلى 25%.
ورأت الرابطة أن من شأن هذه الإجراءات أن تقاوم الضعف المتوقع أن يستمر لعدة سنوات في الطلب الاقتصادي والنشاط الاقتصادي والتجارة الخارجية.
تراجع الصادرات
وتراجعت صادرات ألمانيا في شهر أبريل/نيسان الماضي بشكل كبير مجددا بنسبة تزيد على 30%، وذلك بحسب بيانات المكتب الاتحادي للإحصاء في مدينة فيسبادن، غربي البلاد، اليوم الثلاثاء.
وأوضح المكتب اليوم أن قيمة الصادرات تراجعت بنسبة 31.1% مقارنة بشهر أبريل/نيسان من العام الماضي، إلى 75.7 مليار يورو.
وهذا هو أكبر تراجع في صادرات ألمانيا منذ بدأ مكتب الإحصاء تسجيل بيانات التجارة الخارجية للبلاد في عام 1950.
يشار إلى أن إغلاق الحدود، لاسيما في السوق الداخلية الأوروبية أيضا، والفرض العالمي للتقييدات التجارية وتقييدات السفر وكذلك الاضطرابات الهائلة في الشحن البحري والجوي أدت إلى تراجع كبير في الصادرات الألمانية.
وأضاف المكتب الاتحادي للإحصاء أن الواردات تراجعت أيضا في أبريل/نيسان الماضي بنسبة 21.6% مقارنة بالشهر ذاته من العام الماضي، وانخفضت قيمتها إلى 72.2 مليار يورو.
وذكر المكتب أن الصادرات تأثرت سلبا بشكل مختلف، وفقا لكل شريك تجاري، وأوضح أن الصادرات إلى الصين مثلا تراجعت بشكل معتدل مقارنة بغيرها من الدول في أبريل/نيسان الماضي، حيث انخفضت قيمتها بنسبة 12.6% إلى 7.2 مليار يورو.
وتراجعت الصادرات الألمانية بقوة في الدول المتضررة بصفة خاصة من الإصابة بالفيروس، حيث تراجعت الصادرات إلى فرنسا بنسبة 48.3%، وإلى إيطاليا بنسبة 40.1%، وإلى الولايات المتحدة الأمريكية بنسبة 45.8%، وذلك مقارنة بشهر أبريل/نيسان عام 2019، بحسب بيانات المكتب.
وتتوقع غرفة الصناعة والتجارة الألمانية تراجعا للصادرات في عام 2020 بأكمله بنسبة 15% على الأقل. كما يتوقع اتحاد الصناعات الألمانية تراجعا في تصدير البضائع والخدمات بنسبة 15%.
طلبيات صناعة الإلكترونيات
وخلفت تداعيات أزمة كورونا تداعيات ملحوظة على نتائج قطاع صناعة الإلكترونيات في ألمانيا في الفترة الأخيرة، وفقا لما أعلنه اتحاد الشركات العاملة في هذا القطاع (زد في إي آي).
وأعلن الاتحاد أن طلبيات القطاع تراجعت في شهر أبريل/نيسان الماضي بـ20.8%مقارنة بنفس الشهر من العام الماضي.
وأوضح الاتحاد أن الأزمة أثرت بالدرجة الأولى على الطلبيات القادمة من منطقة اليورو حيث وصلت نسبة التراجع في هذه الطلبيات إلى 31.1%.
وأضاف الاتحاد أن الإيرادات في أبريل/ نيسان الماضي تراجعت بنسبة 17.5% لتصل إلى 12.5 مليار يورو.
وسجلت الإيرادات القادمة من عملاء في منطقة اليورو أقوى نسبة تراجع 23.7%، وبلغ إجمالي إيرادات القطاع في الأشهر الأربعة الأولى من العام الجاري 58.2 مليار يورو، بتراجع نسبته 6.3%.
ساعات العمل
وتراجعت أعداد ساعات العمل في ألمانيا خلال الربع الأول من العام الجاري بصورة ملحوظة مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي، وفقا لما انتهت إليه دراسة للوكالة الاتحادية للعمل في نورنبرج.
وأوضحت أن الدراسة التي أجراها معهد أبحاث سوق العمل والوظائف أظهرت أن متوسط عدد ساعات العمل لكل عامل بلغت في الربع الأول، أي قبل البداية الفعلية لأزمة كورونا، 349.8 ساعة، بتراجع نسبته 1.7% مقارنة بنفس الفترة من 2019.
وقال إنتسو فيبر، الخبير بالمعهد، إن عدد ساعات العمل لم يتراجع بمثل هذا القدر في أي ربع افتتاحي منذ إعادة توحيد شطري ألمانيا، كما حدث في الربع الأول من 2020.
وأوضحت الدراسة أن عدد العاملين في ألمانيا ارتفع في الربع الأول بنسبة 0.3% ليصل إلى نحو 45 مليون شخص، مشيرة إلى أن هذه هي أدنى نسبة نمو منذ 10 أعوام.
وبلغ إجمالي عدد ساعات العمل في ألمانيا في الربع الأول 15.76 مليار ساعة، بتراجع نسبته 1.3% مقارنة بنفس الفترة من 2019.
وقال فيبر إن هناك عوامل أثرت بشكل كبير على حجم ساعات العمل في ألمانيا في الربع الأول، بينها تراجع أعداد ساعات الإضافي وتسريح العمال، وتبكير أيام العطلات وتخفيض أوقات الدوام بسبب جائحة كورونا.
aXA6IDMuMTM3LjE5OC4xNDMg جزيرة ام اند امز