مدينة ألمانية تحظر «أصابع ديميرال».. «الذئب» يأكل الصمت بالمدارس
لحظة الزخم كانت خلال مباراة ببطولة "يورو 2024ً"، رفع خلالها لاعب تركي، إشارة منسوبة لتنظيم "الذئاب الرمادية" الذي تراه برلين، متطرفا.
بعدها، بدأت ألمانيا حملة قوية على إشارة اليد التي تشمل ضم الأصبعين الأوسطين إلى الأصبع الأكبر، لتقليل ظهورها في المجال العام، خاصة وأن المباراة لعبت على الأراضي الألمانية.
لكن مدينة في شمال ألمانيا مضت إلى أبعد من ذلك، وباتت أول مدينة، تصدر حظراً شاملاً على استخدام إيماءة اليد المستخدمة للتشجيع على الصمت في الفصل الدراسي، بسبب تشابهها الشديد مع الإيماءة التركية اليمينية المتطرفة.
ولطالما اعتبر المعلمون في ألمانيا وأماكن أخرى إيماءة "الثعلب الصامت" - حيث يتم وضع اليد على شكل حيوان بأذنين منتصبتين (الخنصر والسبابة) وفم مغلق (الأصابع الوسطى مضغوطة على الإبهام)، أداة تعليمية مفيدة في ألمانيا وأماكن أخرى. فهي تشير إلى الأطفال بضرورة التوقف عن الكلام والاستماع إلى الدرس.
إلا أن السلطات في مدينة بريمن الساحلية تقول إن هذا الرمز "معرض لخطر الخلط" بينه وبين "تحية الذئب" اليمينية المتطرفة، والتي لا يمكن تمييزها عنها.
خلاف دبلوماسي ورياضي
وكانت هذه التحية مؤخراً محور خلاف دبلوماسي ورياضي، عندما استخدمها لاعب المنتخب التركي لكرة القدم مريح ديميرال للاحتفال بتسجيل هدف في مباراة تركيا في دور الـ16 أمام النمسا في بطولة أمم أوروبا في وقت سابق من هذا الشهر.
وعلى الرغم من أن الرمز ليس محظورًا في ألمانيا كما هو الحال في النمسا وفرنسا المجاورتين، إلا أن وزيرة الداخلية نانسي فيسر أدانت استخدامه في المباراة، قائلة إن "استخدام بطولة كرة القدم كمنصة للعنصرية" أمر "غير مقبول على الإطلاق".
وبعد استدعاء سفير تركيا في برلين وسفير ألمانيا في أنقرة على خلفية الأزمة، أصدر الاتحاد الأوروبي لكرة القدم "يويفا" قرارًا بإيقاف ديميرال مباراتين.
لكن إيقاف اللاعب، حرك دعوات بين المشجعين الأتراك لاستخدام الرمز على نطاق أوسع كتعبير عن غضبهم، مما دفع الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، لوصف رد الفعل بـ"غير العادل والمتحيز".
وسأل أردوغان الصحفيين قبل مواجهة تركيا وهولندا في ربع النهائي في برلين: "هل يسأل أحد لماذا يحمل قميص المنتخب الألماني نسراً أو قميص المنتخب الفرنسي ديكاً؟
وقال أردوغان إن إيقاف اللاعب كان لدوافع سياسية، وأن ديميرال استخدم هذه الإشارة فقط لإظهار حماسه.
"تهدد قيمنا"
بدورها، قالت باتريشيا براندت، المتحدثة باسم هيئة التعليم في بريمن، إن موضوع إيماءة الصمت وما إذا كان يجب حظرها كان قيد المناقشة منذ فترة طويلة، لكن المدينة شعرت أنه ليس لديها خيار الآن، مضيفة: "المعنى السياسي لهذه الإشارة يتعارض تمامًا مع قيم مدينة بريمن".
لكنها أضافت أن المدرسين اعتبروا على أي حال أن هذه الإيماءة "قديمة من الناحية التربوية"، وأن "أسلوبها التنظيمي" دوغمائي ومتعالٍ للغاية.
يأتي حظر بريمن بعد نقاش أوسع في ألمانيا. فقد دعا رئيس رابطة المعلمين الألمان، شتيفان دول، الأسبوع الماضي المعلمين إلى إبداء قدر أكبر من الحساسية في استخدام هذه الإشارة في المدارس الابتدائية ورياض الأطفال. وقال إن هناك طرقًا أخرى للتشجيع على الصمت.
وألمانيا هي موطن لما يقدر بنحو 3 ملايين من الأتراك، الذين يشكلون أكبر أقلية عرقية منفردة في البلاد ويشكلون أكبر جالية تركية في الشتات على مستوى العالم.
وتحية الذئب هي الرمز والشعار المميز لجماعة الذئاب الرمادية، التي تصنف كجماعة يمينية متطرفة ويقدر عدد أعضائها في ألمانيا بنحو 20 ألفا، فضلا عن عدد أكبر من ذلك بكثير خارج البلاد.
ويصف خبراء التطرف، جماعة الذئاب الرمادية بأنها جماعة قومية متشددة، وتظهر كراهية للأكراد واليهود والمسيحيين والأرمن واليونانيين والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة.
هذه الجماعة التي لها تاريخ طويل يعود إلى سبعينيات القرن العشرين، ألقي عليها باللوم في هجمات بالقنابل في باريس وبانكوك، ومحاولة اغتيال البابا يوحنا بولس الثاني في عام 1981.