ألمانيا تواجه أزمة وظائف صناعية كبيرة في 2026 رغم تحسن الخدمات
تبقى آفاق التوظيف في ألمانيا قاتمة للعام المقبل، لا سيما في القطاع الصناعي الذي يشكل دعامة الاقتصاد الذي تسعى الحكومة لتحريكه، وفق تحقيق نشره المعهد الاقتصادي الألماني "في إي" في كولونيا، الإثنين.
وأفاد التحقيق بأن ثمانية اتحادات مهنية فقط تتوقع زيادة التوظيف في العام المقبل، فيما يتوقع 22 اتحادًا إلغاء وظائف، وينتظر 15 اتحادًا ركودًا اقتصاديًا. وبهذا يبقى الرصيد الإجمالي سلبيًا، رغم تحسن طفيف مقارنة بالعام السابق.
ويظل الوضع مقلقًا بصورة خاصة في الصناعة، حيث تتوقع غالبية القطاعات خفض عدد الموظفين عام 2026، لا سيما في مجالات أساسية مثل صناعة السيارات، والصناعات الكيميائية، والآلات والمعدات.
في المقابل، تتوقع قطاعات الأدوية، وصناعات الطيران والفضاء، وبناء السفن، والتكنولوجيا البحرية زيادة كبيرة في التوظيف، بحسب الدراسة.
وفقا لوكالة "فرانس برس" عقب ثلاث سنوات من الركود، أطلقت الحكومة الألمانية منذ مايو/أيار الماضي حملة استثمارات عامة واسعة النطاق بمئات مليارات اليورو، تترافق مع تخفيضات ضريبية للشركات و"أجندة للتكنولوجيا المتطورة"، بالإضافة إلى تخفيض تكاليف الطاقة بعشرة مليارات يورو اعتبارًا من العام 2026.
وقال مساعد المتحدث باسم الحكومة، سيباستيان هيله، خلال مؤتمر صحافي روتيني الإثنين: "الحكومة الاتحادية على سكة جيدة جدًا".
وأشار المعهد إلى أن هذه الإجراءات بدأت تعطي ثمارها. وأوضح الخبير الاقتصادي في المعهد، ميكايل غروملينغ، لوكالة فرانس برس: "نلاحظ، على سبيل المثال، آفاقًا أفضل في قطاع البناء وصناعة التكنولوجيا الأمنية، وهما قطاعان مرتبطان بالبرامج الاستثمارية".
ومع ذلك، لا يزال القلب الصناعي للبلاد يواجه ضغوطًا كبيرة، مع خسارة 120300 وظيفة خلال عام (بتراجع 2.2%)، وحوالي 272 ألف وظيفة منذ العام 2019 (بتراجع 4.8%)، بحسب مكتب "إي واي" للدراسات.
ويعد القطاع الأكثر تضررًا هو صناعة السيارات، التي سجلت إلغاء 48800 وظيفة خلال عام، أي أكثر من 6% من عدد العاملين فيه، فيما تتوقع شركتا فولكسفاغن وبوش العملاقتان إلغاء عشرات آلاف الوظائف بحلول العام 2030.
وقال غروملينغ: "لا تحول متوقع على صعيد الوظائف الصناعية". وأوضح أن هذا الوضع ناتج عن عدة تحديات هيكلية، تشمل التوترات الجيوسياسية والتجارية، وضعف سلاسل الإمداد، وصعوبة الوصول إلى المواد الأولية الأساسية، إضافةً إلى التحول نحو إزالة الكربون في الصناعات كثيفة الاستهلاك للطاقة، وتحول صناعة السيارات إلى المركبات الكهربائية. وحذر من أن "هذه العوامل تنعكس بصورة دائمة على قرارات الاستثمار والتوظيف".
وفي المقابل، يسجل القطاع العام وقطاع الخدمات نموًا في التوظيف، لا سيما في مجالات الصحة والأمن، تحت تأثير شيخوخة السكان. غير أن المعهد اعتبر هذا التوجه غير كافٍ لتعويض الخسائر في القطاع الصناعي.