معتقدات غريبة من 200 عام.. الجراثيم مجرد هواء والكهرباء تحيي الموتى

قبل قرنين من الزمن، كان العالم يعيش في صراع قوي بين الثورة العلمية والخرافات المنتشرة نتيجة موروثات العصور الوسطى.
في زمن كانت فيه الكهرباء تُستخدم لمحاولة إعادة إحياء الموتى، والنساء يشخصن بـ"الهستيريا" بسبب انفعالهن، كان كثيرون يعتنقون نظريات وممارسات طبية واجتماعية غريبة، ثبت لاحقًا أنها محض أوهام.
مغالطات طبية
من أبرز ما يثير الدهشة اليوم، أن غسل اليدين لم يكن ممارسة طبية رائجة في بدايات القرن التاسع عشر، بل كان يُنظر إليه كتصرف ديني أو ثقافي لا علاقة له بالصحة.
الطبيب النمساوي إغناتس زملفايس لاحظ عام 1840 ارتفاع وفيات الأمهات في قسم الولادة، ففرض على الأطباء غسل أيديهم قبل الفحص، فهبطت الوفيات بشكل مذهل.
لكن بدلاً من أن يُحتفى به، واجه زملفايس مقاومة شديدة من زملائه واتُّهم بالجنون، وانتهى به المطاف في مصح عقلي.
أما عن "علاج الدم"، فقد كان يُعتقد أن سحب الدم يعيد توازن الجسم ويشفي الأمراض، حتى الرئيس الأمريكي جورج واشنطن ربما توفي نتيجة فقدانه أكثر من خمسة لترات من دمه خلال محاولة علاجية في أيامه الأخيرة.
وفي زمن لم تكن فيه "الجراثيم" معروفة، شاع الاعتقاد بـ"نظرية الميازما"، والتي ترى أن الأمراض تنتقل عبر هواء فاسد ينبعث من الأماكن القذرة، فكان الناس يضعون الورود والعطور لتلطيف الأجواء، غير مدركين أن الكوليرا مثلًا كانت تنتقل عن طريق المياه الملوثة، لا الروائح.
أدمغة تعبر عن الأقدار
ولم تكن الغرابة مقتصرة على الطب، بل امتدت إلى التغذية، فقد اخترع القس الأمريكي سيلفستر غراهام "بسكويت غراهام" ليمنع الناس من الاستمتاع بالطعام، فقد رأى أن السكر والتوابل واللحم وحتى المراتب الناعمة تُثير الشهوات وتؤدي إلى الانحراف والمرض، لذلك صنع غراهام بسكويتًا بلا سكر أو ملح أو دهون، ليكون رتيبًا لا يثير الرغبة.
أما "فرينولوجيا" أو علم الجمجمة، فقد كان يُروّج لفكرة أن شكل الرأس ونتوءاته تعكس قدرات الفرد العقلية والأخلاقية، بل ومصيره، وكان البعض يستخدم هذا "العلم" لتبرير التفوّق العنصري والطبقي، إلى أن فقد مصداقيته بعد منتصف القرن.
وفي نظريات منشأ الحياة، ظل الاعتقاد قائمًا بأن الكائنات الحية يمكن أن تولد تلقائيًا من المواد غير الحية، فالذباب، حسب هذا التصور، كان يولد من اللحم المتعفن.
حتى جاء العالم الفرنسي لويس باستور وأثبت من خلال تجاربه الدقيقة أن الحياة لا تُخلق من العدم، وفاز بجائزة أكاديمية العلوم الفرنسية.
إحياء الموتى وجوف الأرض
كان الاعتقاد بأن الكهرباء قادرة على إحياء الأموات جزءًا من خيال علمي تداخل مع التجريب الحقيقي، ففي ما عُرف بـ"الجلفانية"، جرب علماء مثل ألكسندر يوري تمرير تيارات كهربائية في جثث بشرية لتحفيز حركات عضلية توحي بالحياة، وقد أثارت هذه المشاهد خيال ماري شيلي لكتابة روايتها الشهيرة "فرانكنشتاين".
ولم تكن الأرض بمأمن من التخيلات، ففي أمريكا، تبنّى جون كليفز سيمز نظرية "الأرض المجوفة"، مدعيًا وجود فتحات في القطبين الشمالي والجنوبي تؤدي إلى عوالم داخلية مأهولة.
نجح كليفز في إقناع بعض الشخصيات بفكرته، حتى أن الرئيس السابق جون كوينسي آدامز أبدى اهتمامًا بالفكرة، وإن لم تُموَّل رحلة استكشافية لذلك.
المرأة والهستيريا
ربما لا توجد خرافة طبية أكثر إهانة من تشخيص "الهستيريا"، الذي كان يُلصق بكل امرأة تبكي، أو تغضب، أو تشتكي من أوجاع غير مفهومة.
فسر البعض حالة الهستيريا، بأن الرحم يتجول داخل الجسد ويخنق الأعضاء، ومن أجل علاج ذلك كان يتم استخدام الروائح الكريهة لتحريك "الرحم المشاغب"، وحتى إدخال النساء إلى المصحات النفسية.
الأغرب في هذا التشخيص، أنه استمر رسميًا حتى الثمانينيات من القرن العشرين.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMTgwIA== جزيرة ام اند امز