أمين عام أوبك الجديد: 12 تريليون دولار استثمارات نفطية يحتاجها العالم
قال الأمين العام الجديد لمنظمة أوبك هيثم الغيص، إننا في "أوبك" لسنا ضد الطاقة المتجددة، وبعض دول الخليج الأعضاء في المنظمة لديها مشاريع طاقة متجددة.
ويبدأ الغيص، مباشرة مهامه غدا الإثنين في منصب الأمين العام لمنظمة الدول المصدرة للنفط "أوبك"، خلفا للنيجيري الراحل محمد باركيندو، بعد تزكيته من قبل 13 دولة عضوة في المنظمة.
وأضاف الغيص، هناك الآن مشاريع ومبادرات ضخمة في الإمارات والسعودية والكويت وكلها مبادرات بيئية للمساهمة في تخفيض الانبعاثات.
وقال الغيص، في مقابلة نشرتها صحيفة الراي الكويتية اليوم الأحد، إن أولوياته تعزيز الحوار البناء بين "أوبك" والدول المنتجة والمستهلكة، كاشفاً عن ملفات حساسة وشائكة في "أوبك" و"أوبك بلس" ستكون مهمته معالجتها للمحافظة على استقرار أسواق النفط عالمياً.
وأوضح أن العالم بحاجة لاستثمارات نفطية تقدّر بـ12 تريليون دولار خلال الـ25 عاماً المقبلة بخلاف الطاقات الأخرى، مؤكداً أن النفط والغاز سيظلان ركيزة أساسية للطاقة، فيما نحتاج للطاقة البديلة لتعزيز دور النفط لا لاستبداله.
وأشار إلى أن ارتفاع أسعار النفط أخيرا ليس مرتبطاً فقط بالأزمة الأوكرانية بل بتعافي الطلب وتراجع الاستثمارات في التكرير وموجة إغلاقات المصافي عالميا لنقص القدرة الإنتاجية الاحتياطية، لافتاً إلى أن تخفيضات "أوبك بلس" التاريخية بـ 9.7 مليون برميل يومياً كان لها الأثر الأكبر في تعافي الأسواق مجددا.
وبيّن أن الطلب العالمي على الذهب الأسود سيتخطى حاجز 102 مليون برميل يومياً بنهاية العام الجاري، وأن بورصات نفطية في لندن ونيويورك تحدّد الأسعار اليومية لـ"برنت" و"غرب تكساس" وليس لـ"أوبك" أي دور في ذلك.
وذكر أن حالة السوق اليوم متقلبة ومضطربة جداً، وتعيش الأسواق الآن تجاذبات بين الأخبار الاقتصادية السلبية الرائجة أخيراً عن التضخم وظهور علامات لاحتمال حدوث ركود اقتصادي من جانب، وبين مخاوف من نقص بالإمدادات النفطية من الجانب الآخر، فأصبح العامل النفسي والمعنوي يلعب دوراً أكبر اليوم من دور المتغيرات بمستوى المخزون النفطي على سبيل المثال، بينما في حالة الأسواق الطبيعية نجد أن بيانات المخزون التجاري لها تأثير كبير.
أسعار النفط
وحول ارتفاع أسعار النفط خلال الفترة الأخيرة، أكد أن العوامل الجيوسياسية تلعب دوراً في التأثير على الأسعار ارتفاعاً أو هبوطاً، مثل الحرب الروسية - الأوكرانية، لكن هناك عوامل أخرى كثيرة.
وأضاف: هناك عوامل عديدة مرتبطة بأساسيات السوق، أبرزها قلّة تدفق الاستثمارات في صناعة النفط خلال السنوات الماضية، وتحديداً بعد جائحة كورونا، والحقيقة أن تزامن ذلك مع تعافي الطلب على النفط سبب رئيسي ومؤثر في ما نشهده اليوم من ارتفاع بالأسعار.
وأرجع ارتفاع أسعار المشتقات النفطية بشكل ملحوظ أخيرا، إلى سببين، الأول يعود إلى التعافي الملموس للطلب على النفط مع انحسار فيروس كورونا حتى ولو لم يختفِ تأثير الفيروس تماماً حتى الآن.
والثاني يخصّ تراجع الاستثمارات في صناعة التكرير خلال السنوات الأخيرة، بل إن العالم شهد موجة كبيرة من الإغلاقات للمصافي القديمة وغير المربحة خصوصاً في أوروبا وأمريكا.
ولفت إلى وجود استثمارات لكنها مقتصرة على بعض أنحاء آسيا وتحديداً في الصين وأيضاً في الشرق الأوسط، خصوصاً في الكويت، ومنها تحديث المصافي من خلال مشروع الوقود البيئي، ومشروع مصفاة الزور، إضافة لمصفاة جيزان في السعودية، وبعض المصافي الأخرى المجدولة للتشغيل مستقبلاً.
مشتقات نفطية
أكد الغيص أن أهم تحدٍ يواجه العالم وليس "أوبك" فقط هو ضرورة عودة الاستثمارات وضخ المزيد من الأموال في الصناعة النفطية كي نتمكن من مواكبة زيادة الطلب خلال السنوات الـ20 أو 30 سنة المقبلة، ومن دون هذه الزيادة في تدفق الاستثمارات سيواجه العالم مشكلة أكبر.
وأوضح أن رسالة "أوبك" الدائمة للعالم على مدى سنوات أن أي تخفيض في هذه الاستثمارات سيؤدي لمشكلة نفطية تنعكس ارتفاعاً بالأسعار، وبالتالي سيكون لها تبعات اقتصادية، وهذا ما بدأ العالم يشعر به الآن.
استثمارات نفطية
وقال الغيص، لكي يحافظ العالم على مستوى الإنتاج الحالي المقدّر بنحو 100 مليون برميل يومياً تحتاج الصناعة النفطية لضخ استثمارات بمبلغ يقدر بـ 500 مليار دولار سنوياً في مجال صناعة الاستكشاف والحفر والإنتاج، ومع أزمة كورونا انخفضت هذه الاستثمارات بشكل كبير إلى 300 مليار دولار تقريباً في 2020.
والآن بعد عودة التعافي الاقتصادي نسبياً وتدريجياً بدأنا نشهد ارتفاعاً في الاستثمارات حيث وصلت إلى 375 مليار دولار سنوياً وفقاً لآخر البيانات لعام 2022، لكنها لم ترقَ للمستويات التي كانت قبل «كورونا». وما زلنا نرى أن هذا هو التحدي الأبرز للصناعة النفطية عالمياً.
سوق النفط
وأكد الغيص أن الأسواق تسير باتجاه التوازن وهذا بفضل قيام مجموعة دول «أوبك بلس» بأكبر تخفيضات لإنتاج النفط خلال تاريخ الصناعة النفطية وصلت لنحو 9.7 مليون برميل يومياً في مايو 2020 خلال بداية أزمة كورونا، ومع عودة الطلب تزامناً مع انحسار «كورونا» تدريجياً خلال السنتين الماضيتين قامت «أوبك بلس» بإعادة هذه الكميات شهرياً بشكل تدريجي ومنظم وبما يتماشى تماماً مع مستويات ووتيرة عودة الطلب على النفط.
وأشار إلى أن الطلب على النفط كان قد انخفض لأدنى مستوياته في بدايات الجائحة، وتحديداً في أبريل 2020 بنحو 30 في المئة من مستوى 100 مليون برميل يومياً أي بنحو 30 مليوناً وهذا يعتبر أكبر انخفاض يحدث تاريخياً للطلب على النفط.
ومن المتوقع مع استمرار التعافي الاقتصادي عالمياً وانحسار «كورونا» أن يرتفع الطلب على النفط هذا العام بنحو 3.4 مليون برميل يومياً مقارنة بالعام الماضي، وبالتالي بحلول نهاية 2022 تشير التوقعات أن يعود الطلب على النفط لمستوياته الطبيعية التي كان عليها قبل «كورونا» وأن يتخطى الطلب حاجز 102 مليون برميل يومياً، بالرغم من وجود بعض التقديرات التي تشير بأن مستويات الطلب حالياً قد تجاوزت هذا المستوى.
النفط الروسي
وقال الغيص إن أوبك ليست في منافسة مع روسيا، فهي تنتج نحو 10 ملايين برميل تمثل 10 في المئة من إنتاج العالم يومياً وبمعنى آخر أن 1 برميل نفط من كل 10 براميل نفط تُنتج يومياً مصدرها روسيا.
وأضاف أنه يجب ألّا ننسى أن روسيا لاعب كبير ورئيسي ومؤثر بشكل كبير في خارطة الطاقة العالمية وليس فقط بالنفط، بل أيضاً بالغاز والفحم والمعادن الأخرى.
طاقة متجددة
وأوضح أن «أوبك» ترحب بالطاقة المتجددة والنظيفة وليست ضدها إطلاقاً، ونؤمن بأن هذه الطاقة لن تستبدل الطاقة التقليدية «النفط والغاز».
وبحسب الدراسات والبيانات فإن أكثر من 50% من استهلاك العالم اليومي من الطاقة مصدره النفط والغاز و33% منها من النفط، ومن الصعب استبدال كل هذه الـ33% بالتحول البسيط والسهل إلى وقود آخر.
وبمناسبة استضافة مصر لـ«COP 27» في نوفمبر المقبل قال إن هذه المناسبة ستكون منصة ممتازة لنا كدول «أوبك» لنشر هذه الرسالة، كما أننا نتطلع لاستضافة الإمارات لـ«COP 28» السنة المقبلة.
وأشار الغيص إلى أن اتفاق خفض الإنتاج ينتهي في ديسمبر 2022 والحديث عن تجديده سابق لأوانه، مشدداً على أن منظومة تحالف «إعلان ميثاق التعاون» مستمرة، إذ إن هذا الإطار أشمل ويجمع الـ23 دولة من «أوبك» وخارجها باتفاقات تشمل مجالات أخرى للتعاون في الطاقة، لافتاً إلى أن إعادة خفض الإنتاج مرة أخرى واردة، والهدف المحافظة على استقرار السوق.
الغيص
والغيص ليس جديدًا على "أوبك"، فقد كان محافظ الكويت لدى المنظمة منذ عام 2017، وترأّس اللجنة الفنية المشتركة بين "أوبك" والدول من خارجها، وهي اللجنة المسؤولة عن مراقبة الإنتاج ودراسة أوضاع أسواق النفط حسب اتفاق خفض الإنتاج الموقع بين الدول المساهمة في اتفاق "أوبك+".
ويمتلك هيثم الغيص خبرة واسعة في العمل النفطي وكذلك في عمل وزارة الخارجية الكويتية، في عام 1990 تخرج من جامعة سان فرانسيسكو في كاليفورنيا في العلوم السياسية.
وتدرج الغيص في قطاع التسويق العالمي بمؤسسة البترول الكويتية، بمختلف إدارات المبيعات وترأس مكاتب المؤسسة الإقليمية فى بكين ولندن، وكان يشغل منصب مدير إدارة البحوث في مؤسسة البترول الكويتية، ومنصب نائب العضو المنتدب للتسويق العالمي.
وشارك الغيص في العديد من الدراسات المتخصصة للأسواق العالمية بمختلف أنواعها كما يحظى بتأييد واسع وعلاقات متأصلة مع ممثلي جميع الدول الأعضاء داخل منظمة "أوبك" وكذلك مع الدول المنتجة للنفط من خارجها.
aXA6IDE4LjExOS4xNTkuMTk2IA==
جزيرة ام اند امز