الغنوشي يهاتف السراج.. دمية الإخوان في يد أردوغان
المحلل التونسي بلحسن التومي يقول إن المكالمة الهاتفية بين الغنوشي والسراج تندرج في إطار سياسة الهروب إلى الأمام الإخوانية.
انحناء زعيم إخوان تونس راشد الغنوشي كلما التقى الرئيس التركي في بلاط القصر الحاكم بأنقرة، صنعت من ظهر الرجل "قنطرة" ومطية نحو أحد أبرز أهداف رجب طيب أردوغان، ألا وهي احتلال ليبيا.
ورغم الاستياء العارم في تونس من الغنوشي، زعيم حركة النهضة الإخوانية، إلا أنه يصر على استفزاز الشعب التونسي، والضرب بالبروتوكولات الدبلوماسية عرض الحائط.
وينص الدستور التونسي والبروتوكولات الدبلوماسية بها على أن ملفات السياسة الخارجية من صلاحيات الرئيس وليس رئيس البرلمان ( المنصب الذي يتقلده راشد الغنوشي).
محادثة هاتفية أجراها الغنوشي بصفته البرلمانية مع رئيس مليشيات طرابلس فايز السراج، تكتمت عليها الحركة الإخوانية كعادتها، حيث لم تدرجها في بياناتها التي تنشرها عبر صفحتها الرسمية، ولا عبر أنشطة رئيس البرلمان عبر الموقع الإلكتروني للمؤسسة التشريعية التونسية.
لكن وكالعادة، يأتي البيان من الجانب الآخر، حيث أعلن مكتب رئيس حكومة الوفاق الليبية فايز السراج أن الأخير "تلقى اتصالاً هاتفياً من رئيس مجلس النواب التونسي راشد الغنوشي، تناولا فيه مستجدات الوضع في ليبيا".
وبحسب البيان نفسه، قدم الغنوشي "تهانيه" لزعيم مليشيا طرابلس بما أسماه "استعادة قاعدة الوطية الجوية"، مقحما نفسه في تفاصيل لا تعنيه بصفته رئيسا لبرلمان تونس ، ولا باعتباره زعيما لفرع الإخوان في تونس، ليظل خط التقاطع الوحيد في الموضوع برمته، هو الانتماء الإخواني، والولاء الأعمى لأردوغان.
الهروب إلى الأمام
المحلل السياسي التونسي بلحسن التومي اعتبر أن المكالمة الهاتفية التي أجراها الغنوشي مع السراج تندرج في إطار سياسة الهروب إلى الأمام التي ينتهجها تنظيم الإخوان بشكل عام كلما توسعت معاركهم السياسية وضاق الخناق حول أعناقهم.
وفي حديث لـ"العين الإخبارية"، قال التومي إن الجدل الواسع الذي فجرته المكالمة التي أجراها الغنوشي قبل أسابيع مع الإرهابي الليبي خالد المشري، رئيس ما يسمى بالمجلس الأعلى للدولة الليبي، لم يشكل أي رادع بالنسبة له".
ورأى أن الغنوشي "مكلف بمهمة من أنقرة، وأن كل تحركاته محسوبة سلفا ضمن أجندة يتلقاها يوميا من العاصمة التركية، تحدد له كل ما يتعين عليه القيام به طوال يومه، بغض النظر عما يكون في خطواته من استفزاز وتعد صارخ على صلاحيات الرئيس التونسي قيس سعيد".
ولفت إلى أن الغنوشي الذي يترأس البرلمان التونسي ومكتبه يعد أعلى هيئة بالمؤسسة التشريعية، يتحكم في ما ينشر عبر موقع المؤسسة التشريعية، وينتقي أنشطته التي يوثقها، فيما يتعمد تجاهل أخرى، والتي غالبا تتعلق باتصالات في إطار الملف الليبي الذي يظل من صلاحيات رئيس تونس.
واستدرك: "لكن تعمد تغييب مكالمته مع المشري، وتعويمها ضمن مكالمات مع رؤساء برلمانات مغاربية، يدل على أنه يدرك أن تحركاته تتعارض مع الأعراف الدبلوماسية المتعارف عليها، وتخلق أسس صدامات جديدة مع رئيس تونس، ومع ذلك يصر على تكرار أخطائه".
الغنوشي ليس تونس
حملات شعبية واسعة تستنكر تحركات الغنوشي المشبوهة في الملف الليبي، وتطالب بالتدقيق في ثروته الطائلة، أثارت حفيظة الحركة الإخوانية التي أصدرت بيان استنكار، أبرز ما اتسم به هو "الخلط الغريب بين الحركة وزعيمها وبين الدولة التونسية".
ففي بيانها، استنجدت حركة النهضة الإخوانية كعادتها بنظرية المؤامرة، لتزج بالمطالب والاستياء الشعبي ضمن خانة "الفتنة"، زاعمة أن من اسمتهم بـ" مأجورين" يحاولون بثها بين التونسيين.
مزاعم الحركة المتطرفة جاءت رغم أن أصحاب المبادرات والمطالبات هم تونسييون من أفراد الشعب المضطهد تحت حكم الإخوان، وأن كل ما قام به الإعلام المحلي المستقل والعربي، هو تغطية المستجدات، وفق مراقبين.
وفي هذا الصدد عاد المحلل السياسي التونسي بلحسن التومي مؤكداً أن أساليب الإخوان لا تتغير مهما تغير المكان، "حيث دأبوا على مر الزمن، على محاولة خلق نوع من التماهي بين تنظيمهم وكيانات الدول التي ينجحون في الاستيلاء على مقاليد السلطة فيها، بهدف حمل العقل الباطن للشعوب على الاقتناع بأن المساس بهم هو من صميم استهداف الدولة في حد ذاتها".