لتخفيف الضغط على الغنوشي.. "إخوان تونس" يلوحون بالحرب الأهلية
حركة النهضة الإخوانية تواجه موجة عالية من الانتقادات وصلت للمطالبة بسحب الثقة من راشد الغنوشي ومحاسبة قياداتها والتدقيق في ممتلكاته
"إما القبول بالإخوان أو الاحتراب الأهلي".. تدوينة كتبها رئيس شورى حركة النهضة السابق فتحي العيادي على صفحته الرسمية على شبكة التواصل الاجتماعي "فيسبوك، وتعكس بحسب مراقبين شعور الجماعة الإرهابية في تونس بمأزقها التاريخي.
المراقبون يرون أيضا أن التدوينة حملت في طياتها رسائل مبطنة لخصوم "النهضة" إثر الدعوات المتتالية لسحب الثقة من رئيس مجلس النواب التونسي راشد الغنوشي الذي يتزعم الحركة الإخوانية في البلاد.
وتاريخ جماعة الإخوان حافل بالتلويح بالعنف أو اللجوء إليه منذ نشأتها في عام 1928 وحتى الآن.
ويقول مراد بن عمو الباحث في علم الاجتماع السياسي إن الذاكرة التونسية تحتفظ بالعديد من اللحظات الدراماتيكية التي تقف ورائها أيادي الاخوان، فتفجيرات النزل في سوسة سنة 1986، وقذف الناس بالزجاجات الحارقة سنة 1991، إضافة الى الاغتيالات السياسية عام 2013، والتحريض على قوات الأمن كلها أحداث تلتصق بالفعل الإجرامي الإخواني منذ أكثر من 30 عاما.
وأوضح بن عمو في تصريحات لـ"العين الإخبارية" أن دائرة المعارضة اتسعت حول حركة النهضة، و هو ما يجعل قياداتها على غرار فتحي العيادي والسيد الفرجاني (المسؤول عن الجهاز السري) يلمحون في خطاباتهم باللجوء إلى العنف.
ولا يستبعد الباحث في علم الاجتماع السياسي أن تكون الحرائق التي طالت هذا الأسبوع مصانع في منطقة النفيضة (ساحل البلاد) وعربات نقل الفسفاط في قفصة (جنوب البلاد) من صنيع الأيادي الخفية للإخوان وذلك بعد ارتفاع منسوب الانتقادات الشعبية ضدهم.
وكانت وزارة الداخلية التونسية قد أكدت في بلاغ لها أن حرق عربات نقل الفسفاط هو عمل إجرامي "وأن الحادثة التي كلفت الدولة خسائر مادية ليست من باب الصدفة أو الخلل التقني".
وتواجه حركة النهضة خلال هذه الفترة موجة عالية من الانتقادات وصلت حد المطالبة شعبيا وبرلمانيًا بسحب الثقة من راشد الغنوشي ومحاسبة قياداتها والتدقيق في ممتلكاتها.
القيادات نفسها التي تحوز على ثروات طائلة مجهولة المصدر، في ظل أزمة اقتصادية واجتماعية وصلت فيها نسب الفقر إلى أكثر من 15% وعدد العاطلين قرابة المليون عاطل عن العمل، حسب الأرقام الرسمية للمعهد التونسي للإحصاء.
ويرى بن عمو أن خطاب حركة النهضة المتطرف يحمل أيضًا رسائل تهديد الى رئيس الدولة قيس سعيد، وذلك بعد اتهامه للإخوان "بخيانة الأمانة" مما زاد في عزلتهم.
ورغم رئاسته للبرلمان منذ شهر نوفمبر/تشرين الثاني 2019 إلا أن الغنوشي يخشى إدارة الجلسات العامة، وحضوره لا يتجاوز العشرين دقيقة في كل جلسة برلمانية.
ويؤكد الطاهر بن نجيمة الناشط في الحزب الدستوري الحر إن الغنوشي فشل في تسيير البرلمان بعد الضغط العالي لأحزاب المعارضة التي عمدت إلى كشف خيوط مؤامراته.
وأضاف أن حصار الغنوشي شعبيا على خلفية تعيين أقاربه في مناصب برلمانية دون أي وجه قانوني، دفعت بأنصاره إلى خيار التهديد بالعنف والتلويح بالاحتراب الأهلي من أجل إسكات الأصوات المعارضة.
ولاحظ بأن تهديد رئيسة الحزب الدستوري الحر بالقتل، هو نتيجة معارضتها لحركة النهضة وللإسلام السياسي الذي لا يعترف بمدنية الدولة.
وكان البرلمان التونسي قد طالب الجهات الأمنية في البلاد أوائل الشهر الجاري بتوفير حماية خاصة لرئيسة الحزب الدستوري الحر المعارض عبير موسى، بعد تلقيها تهديدات إرهابية.
وهذه ليس المرة الأولى التي يتلقى أحد أعضاء مجلس النواب التونسي تهديدات بالقتل، فقد سبق وحمل النائب عن حركة الشعب القومية هيكل المكي مسؤولية سلامته لزعيم تنظيم الإخوان في البلاد الغنوشي، بعد تعرضه لحملة تشويه وصلت حد التهديد المباشر بالاغتيال والتصفية.
وفقدت تونس سياسيين اثنين، هما شكري بلعيد ومحمد البراهمي، في اغتيالين إرهابيين عام 2013 تسببا في اضطرابات في البلاد وسط اتهامات طالت قيادات إخوانية في البلاد.
وحذر بن نجيمة من خطورة الإخوان على الأمن القومي التونسي، خاصة في ظل ورود عديد المعلومات و التقارير التي تؤكد امتلاك حركة النهضة لمخازن سرية من السلاح على الحدود التونسية الليبية.
وتابع القول إن "أمراً ما يدبر بليل ضد مصلحة الأمن القومي التونسي، تديره غرف عمليات إخوانية وبتنسيق من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان والأذرع المسلحة المتواجدة في ليبيا".