"الإخوان"و"القوميين" بتونس.. صراع يهدد حكومة الفخفاخ
حركة الشعب القومية تتهم الإخوان بخدمة أجندات تركية وقطرية في تونس ودعم المليشيات الإرهابية في ليبيا.
رغم التواجد المشترك داخل سفينة الحكومة التونسية، إلا أن رياح تيار القوميين وتنظيم الإخوان الإرهابي لا تسير في اتجاه واحد، بل تتحرك ضمن اتجاهات متصارعة قد تدفع بحكومة إلياس الفخفاخ إلى السقوط قبل انتهاء مدة حكمها.
ويرى عدد من المراقبين أن "زواج الضرورة " الذي جمع كل من حركة النهضة الإخوانية وحركة الشعب القومية وحزب التيار الديمقراطي و حزب تحيا تونس لا يحمل بداخله إلا بذور فناءه.
فهذا البناء الهش الذي تقسمه التباينات الأيديولوجية، عبر عنه بشكل واضح الأمين العام لحركة الشعب القومية زهير المغزاوي حين تحدى حركة النهضة الإخوانية بإصدار بيان أدان فيه التدخل التركي في الشؤون التونسية، كما وصف رئيس الحركة الإرهابية راشد الغنوشي بـ"الكاذب والمخاتل".
وتتهم حركة الشعب القومية شريكها الإخواني في حكومة الفخفاخ بخدمة أجندات تركية وقطرية في تونس علاوة على دعم المليشيات الإرهابية الموالية لحكومة الوفاق برئاسة فايز السراج في ليبيا.
كما انتقلت مظاهر الصراع بين الشقين القومي والإخواني في تونس إلى أعضاء الحكومة، حيث أنكر وزير التجارة محمد المسليني ( حركة الشعب ) أي دور استثنائي لوزير الصحة عبد اللطيف المكي (حركة النهضة ) في مقاومة جائحة كورونا.
واعتبر مراقبون بأن هذا الإنكار يعتبر بمثابة "القشة التي ستقصم ظهر حكومة الفخفاخ"، خاصة و أن الهوة بين القوميين والإخوان اتسعت بفعل تضارب الرؤى حول النزاع في ليبيا.
وتغذت هذه الهوة أكثر بعد أن وجه هيكل المكي، النائب عن حركة الشعب رسالة إلى راشد الغنوشي يحذره فيها من "رهن البرلمان التونسي في مواقف داعمة للإرهاب و مساندة لمليشيات السراج".
ولم يتأخر رد الإخوان عن هذه الرسالة كثيرا، حيث تعرض النائب إلى تهديدات بالقتل و التصفية الجسدية، ما جعل فرص التواصل بين القوميين و الإخوان داخل الحكومة يعتبر مستحيلا.
صراع مفتوح
ويقول عبد الباسط الرياحي، الناشط في التيار القومي التونسي، إن حركة النهضة الإخوانية تضغط على رئيس الحكومة إلياس الفخفاخ لإقصاء"حركة الشعب" وتعويضها بحزبي "قلب تونس" و" ائتلاف الكرامة "
و في هذا السياق أفادت مصادر خاصة مقربة من الحكومة التونسية لـ" العين الإخبارية" أن هذا الطلب وقع رفضه من قبل الفخفاخ ، الذي تعهد منذ الأيام الأولى لتشكيل الحكومة دون مشاركة حزب "قلب تونس " بالفريق الحكومي.
و تابع الرياحي أن مشاركة الحركة القومية في الحكومة لا يمنعها من فضح ممارسات حركة النهضة الإجرامية ولن يثني التيار القومي في البحث عن حقيقة اغتيال أحد رموزه محمد البراهمي في 25يوليو/تموز 2013
و كانت هيئة الدفاع عن البراهمي و بلعيد أكدت في تقرير تورط الجهاز السري للإخوان في عملية الاغتيال التي نفذها الإرهابي بوبكر عبد الحكيم ، و هو أحد قياديي "أنصار الشريعة".
وفي غمرة كل هذه المعطيات ، يؤكد المراقبون أن حكومة إلياس الفخفاخ تعيش اهتزازا داخليًا، يستحيل معها التواصل السياسي بين مكوناتها الإخوانية والقومية ، قد يدفع الفخفاخ إلى تحكيم مصيري هو إما الإبقاء على حركة الشعب أو حركة النهضة
حكومة في مهب الأحزاب
ويرى محللون تونسيون أن حكومة إلياس الفخفاخ التي نالت ثقة البرلمان يوم 27 فبراير/شباط الماضي قد تسجل أقصر عمر لحكومة تونسية بعد سنة 2011
ويتساءل المحللون عن ما اسموه بـ"العصا السحرية" التي يمكن أن يمتلكها الفخفاخ لـ" لملمة" الخلافات بين تيارين يشقهما ثأرا سياسيا منذ الصراع "الإخواني –الناصري" في ستينيات القرن الماضي.
ويؤكد في هذا الاتجاه ماجد مطاوع الباحث في علم الإجتماع السياسي أن حركة النهضة لا تتعامل بجدية مع حكومة الفخفاخ، وتبحث عن فرصة لإسقاطها منذ اليوم الأول، لأنها لم تنال الحصص الوزارية المهمة كوزارة العدل و الداخلية.
وقال في حديث لـ" العين الإخبارية" إن هذه الفرص دفعتها الرغبة الجامحة لراشد الغنوشي لفرض شريكه "ائتلاف الكرامة " في المشهد الحكومي بهدف خدمة أجندات محلية و دولية للإخوان.
ويتوقع مطاوع بأن غياب الانسجام بين مكونات الحكومة الواحدة، مع تواصل وتيرة التصريحات العدوانية بين أطرافها و تنامي التهديدات بالقتل تجاه القيادات القومية ستجعل حكومة إلياس الفخفاخ فاقدة لأدوات الإنقاذ الاقتصادي الاجتماعي، وقد تكون فاتحة لانهيارها قبل نهاية المدة الدستورية المفترضة في 2024.