نور الدين البحيري.. رجل المهام المشبوهة في دهاليز إخوان تونس
تتنامى خلال هذه الفترة أسئلة كثيرة عن دور البحيري في إثارة البلبلة داخل البرلمان التونسي، وصنع المؤامرات والدسائس
يصفه خبراء السياسة في تونس برجل المهمات المشبوهة في مسيرة إخوان تونس منذ ثمانينات القرن الماضي، وبالذراع القوية لراشد الغنوشي في هندسة الألغام بطريق الخصوم.. إنه رئيس كتلة "النهضة" نورالدين البحيري.
وتتنامى خلال هذه الفترة أسئلة كثيرة عن دور البحيري في إثارة البلبلة داخل البرلمان التونسي، وصنع المؤامرات والدسائس لحكومة إلياس الفخفاخ، وهندسة الصيغ السياسية لإسقاطها وتعويضها بـ"ترويكا " جديدة تجمع بين " ائتلاف الكرامة " و"حركة النهضة " و"حزب قلب تونس".
ولم يكتف البحيري بالتحرك داخل مساحة خصوم الإخوان فقط، و إنما يمضي جاهدا داخل حزبه لخدمة الأجندات الشخصية للغنوشي وعائلته، وهو يعتبر العصا الغليظة التي يضرب بها رئيس إخوان تونس كل معارضيه.
فشخصيات عديدة من داخل حركة النهضة تتهمه بقيادة غرفة عمليات خاصة للإطاحة بالحكومة، وبقيادة جيوش إلكترونية لتشويه خصوم راشد الغنوشي والتنكيل بهم على صفحات التواصل الاجتماعي
مهندس حكومة الظل
تقول فاتن الطالبي الناشطة في التيار القومي إن البحيري يقود جبهة برلمانية موازية لإسقاط كل المشاريع والقوانين المطروحة من قبل حكومة إلياس الفخفاخ، وهو الدور المناط له من قبل رئيس حركة النهضة.
وأضافت في تصريحات لـ"العين الاخبارية" أن خطة البحيري تتكون من ثلاثة خطوات، الأولى تضييق هامش التحرك أمام الفخفاخ، ومحاصرة رئيس الدولة، ثم تحشيد قوى برلمانية ضده، للوصول في النهاية إلى سحب الثقة وتغيير خارطة التحالفات الحكومية.
وبينت في معرض قراءتها لتحركات الرجل "الأخطر " في قائمة الإخوان بأن تقلد البحيري لوزارة العدل سنة 2012 مكنه من التعرف على عديد الملفات القضائية لخصوم حركة النهضة ، حتى أن الجمعية التونسية للقضاة اتهمته في وقت سابق بتدجين القضاء وتلفيق الملفات.
و تابعت: لم تكن صيحة النائبة عن حزب التيار الديمقراطي سامية عبو في وجه البحيري بالقول "ارفع يدك عن القضاء " سوى دليل على مخططات هذا الرجل الخمسيني الذي يمتحن المحاماة منذ الثمانينات وزرع الألغام في طريق معارضي الغنوشي .
اختراق القصر
يرى العديد من المراقبين بأن جبهة أخرى يشتغل عليها رئيس كتلة الإخوان البرلمانية وهي الإطاحة برئيس البلاد قيس سعيد، وذلك في إطار الصراع المفتوح بين الأخير وحركة النهضة.
وتكشف العديد من المصادر المقربة من الفريق الانتخابي لقيس سعيد أن البحيري حاول اختراق رئاسة الجمهورية من خلال الدفع باتجاه تعيين مستشارين يدينون بالولاء لشيخ الإخوان.
كما أوضحت هذه المصادر بأن الخطة كانت تهدف إلى التحكم في قصر قرطاج عبر مدير ديوان الرئيس السابق عبد الرؤوف بالطبيب، لأنه يعلم أن خدمة التنظيم الدولي للإخوان لا يكون إلا عبر"الاستيلاء" على المواقف الدبلوماسية الخارجية.
و لكن سرعان ما اتخذ قيس سعيد خطوة عكسية تتمثل فيما يسمى بتجفيف ينابيع الأخونة من القصر ، من خلال حملة إقالات طالت ثلاثة مستشارين في المجال السياسي والعسكري.
هو نفس الأسلوب الذي لعبه البحيري زمن الرئيس الأسبق منصف المرزوقي، حيث أحاطه بمستشارين يدينون بالولاء مباشرة لحركة النهضة ورئيسها راشد الغنوشي.
ويؤكد مراقبون أن مخططات البحيري أصبحت مفضوحة، وأن رياضة زرع الألغام في محيط خصوم الإخوان أصبحت مكشوفة أكثر عن ذي قبل، حتى باتت تحاصره الانتقادات والاتهامات من كل التيارات السياسية بما فيها أبناءً حركته.
وقد وصف الأمين العام لحركة الشعب القومية زهير المغزاوي، البحيري بالكاذب والمخاتل، ربما لأنه يعلم أنه يقف وراء ستار الأزمة السياسية التي تواجه الحكومة.
مهندس حل المكتب التنفيذي
إلى جانب ما سبق، تقول مصادر عديدة إن البحيري يلعب أيضا أدوارًا ضد أبناء حركته لإلغاء المؤتمر الانتخابي الذي يقضي بضرورة انسحاب الغنوشي من رئاسة حركة النهضة و اعتزال العمل السياسي.
ووفق مصادر مقربة من حركة النهضة، فإن البحيري هو صاحب فكرة حل المكتب التنفيذي وتأجيل المؤتمر الانتخابي لحزبه خدمة لمصالح الغنوشي الذي شارف على الثمانين سنة دون أن يبتعد عن سدة القيادة.
وهي فكرة من ضمن أفكار البحيري الذي لا يمكن أن يتعايش سياسيًا إلا في المناطق الآسنة وفي الأجواء والمناخات المظلمة ، حسب العديد من متابعي المشهد السياسي التونسي.