"عزلة الغنوشي".. الاستقالات تزلزل رأس الأفعى بتونس
استقالة 113 قياديا من داخل حركة النهضة زعزعت البيت الداخلي لإخوان تونس وزعيمهم راشد الغنوشي الذي احتكر السلطة داخل تلك الحركة لعقود.
ولم تعرف الحركة الإخوانية منذ تأسيسها قبل عقود رئيسا غير الغنوشي الذي ماطل في عقد مؤتمرها السنوي لاحتكار قيادتها، قبل أن يقوم بحل مكتبها التنفيذي.
وفجر أمس السبت، أعلن 113 عنصرا من الحركة الإخوانية بينهم قيادات بارزة على غرار سمير ديلو وعبد اللطيف المكي، استقالتهم عقب اجتماع مجلس الشورى.
وحمل المستقيلون، في بيانهم، الغنوشي مسؤولية "انهيار" صورة الحركة في عيون التونسيين، معتبرين أن قرارات الرئيس قيس سعيد الاستثنائية "لم تكن لتجد الترحيب من فئات واسعة من الشعب التونسي لولا الصورة المترهلة التي تدحرج لها البرلمان".
وأضاف البيان أن ما تقدم كان أيضا نتيجة "الإدارة الفاشلة للغنوشي الذي رفض كل النصائح بعدم الترشح لرئاسة البرلمان تفاديا لتغذية الاحتقان والاصطفاف والتعطيل".
واعتبر الموقعون أن الاستقالة الجماعية تأتي "بعد الإخفاق في معركة الإصلاح الداخلي" للحركة الإخوانية، متهمين الغنوشي بالانفراد بالرأي ورفض الإصلاحات.
وفي هذا السياق، اعتبر الكاتب والمحلل السياسي باسل ترجمان أن هذه الاستقالات تؤكد حقيقة أن الغنوشي الذي يندد ويستنكر بما يسميه بـ "انقلاب 25 يوليو على الدستور والديمقراطية"، لا يؤمن بالديمقراطية داخل بيته الصغير "حركة النهضة".
وأضاف في حديث لـ"العين الإخبارية" أن الاستقالات أتت على رفضه لمطالب الإصلاح التي تقدمت بها قيادات النهضة منذ مدة طويلة والتي سبقتها استقالات عدة لقيادات أخرى لأن الغنوشي رفض عقد المؤتمر السنوي للحركة ورفض أن يتخلى عن رئاستها ورفض احترام تراتبية المؤسسات المنتخبة داخله بوضع مكتب تنفيذي للحزب والذي أصبح يختار كما يشاء ويصادق على مجلس الشورى إضافة إلى غياب الشفافية المالية للحركة.
واعتبر أن هذه الأزمات أوصلت إلى هذه الاستقالة الجماعية وأظهرت حجم عزلة الغنوشي داخل حركة النهضة والتي حوّلها إلى حديقة خلفية يلهو بها رفقة أفراد عائلته.
وأكد أن ما جرى من استقالات ليس بتكتيك سياسي جديد للنهضة وإنما جاء بعد رفض الغنوشي لمطالب أعضاء حزبه منذ ما قبل الانتخابات التشريعية لسنة 2019 وسببها ما قام به بما أسماه بـ"الديمقراطية القاعدية" لانتخاب ممثلي المحافظات.
وتابع أن هذه الانتخابات شملت على امتداد 6 أشهر كل المكاتب القاعدية والمكاتب المحلية وتم إرسال القوائم الفائزة بتأييد القواعد لكن الغنوشي رماها وعين من يشاء حسب أهوائه الشخصية.
وأضاف: "فيما بعد كان من المقرر في شهر أبريل/ نيسان 2020 موعد انعقاد مؤتمر الحركة السنوي لكنه تم تأجيله، وفي عام 2021 لم يتم عقد المؤتمر أيضا شريطة تغيير الفصل الثلاثين للحزب والذي استنادا عليه يستمر الغنوشي في رئاسة الحركة لمدى الحياة".
وأكد "ترجمان" أن كل هذه الأزمات تسببت في استقالات عدد كبير من قيادات الحزب ، واصفا إياها بـ"بالاستقالات الجماعية المدوية".
يشار إلى أن حركة النهضة تراجعت في نتائج استطلاعات الرأي لشهر سبتمبر/أيلول الجاري إلى المرتبة الثالثة بـ12% فقط مقابل تقدم شعبية الرئيس قيس سعيد التي بلغت 90% من أصوات المستجوبين، حسبما كشفته شركة "سيغما كونساي" لاستطلاعات الرأي قبل أسبوع.
aXA6IDMuMTQuMjQ5LjE5MSA= جزيرة ام اند امز