يشهد كوكب الأرض تهديدات متصاعدة لأمن الدول والشعوب بسبب تداعيات تغير المناخ، الذي يعد مشكلة تؤرق دول العالم، المتقدمة أو النامية.
كوكبنا يتجه نحو الاحترار الكارثي، ما كان سببا في موجة فيضانات مدمرة ضربت مناطق مختلفة من العالم.
مثل هذه التداعيات الكارثية للتغيرات المناخية تدق ناقوس الخطر وتحذر المجتمع الدولي بأن شبحاً جديداً بات يخيم على العالم ويهدد بفناء ملايين البشر، يتخطى في قدرته أي مشكلات وأزمات سياسية أو اقتصادية، من هنا يظهر مفهوم "الأمن المناخي" باعتباره حجر الزاوية لفهم المخاطر الأمنية الناتجة بشكل مباشر أو غير مباشر عن تغيرات المناخ، والتي أصبحت حقيقة لا يمكن إنكارها أو التغافل عنها، لا سيما أنه لا توجد منطقة محصنة في العالم ضد الكوارث المناخية.
لا شك أن عدم التوصل إلى قواعد محددة تعزز قدرة العمل على الأمن المناخي سيؤدي إلى تدهور مؤشرات السلامة الجماعية، والتي تتعرض للخطر بسبب تغيرات يشهدها مناخ الأرض، ما يجعلنا نسلط الضوء عليها بشكل متزايد على أنها من أكثر التهديدات المحتملة على الأمن العالمي في القرن الحادي والعشرين، الذي يشهد ندرة في موارد الأرض في ظل تحولات سكانية هائلة، وكوارث طبيعية، وانتشار أوبئة وأمراض مُعدية، وجفاف وارتفاع منسوب مياه البحر، واحتباس حراري وذوبان جليد، ما سيدفع العالم نحو مزيد من الصراعات وعدم الاستقرار، ويهدد الأمن الإنساني والأمن القومي للدول.
هذه التحديات، التي من المفترض أن تواجهها قمة المناخ في جلاسكو، ترفع التوقعات نحو رغبة العالم في التعامل مع المشكلات المناخية، ومعرفة مدى ما سيقدمه زعماء العالم من التزامات جديدة لخفض الانبعاثات الكربونية وتمويل برامج التصدي للتغير المناخي، وذلك لحماية الطبيعة.
وفي بؤرة الاهتمام المناخي جاءت المبادرات السعودية والإماراتية بتعددها وتنوعها نحو تحقيق "الحياد المناخي" أولى المقدمات لإنجاح قمة المناخ المقبلة وفرصة لتسريع التحركات العالمية لمكافحة التغير المناخي، وتمثّل نموذجًا تقدّميًّا يُحتذى من بقية دول العالم.
لقد امتلكت السعودية والإمارات الإرادة والإدارة العملية الصادقة والواقعية لانتشال كوكب الأرض من الوهن وإنقاذه في أسرع وقت بمبادرات في الطاقة النظيفة والمتجدّدة تنتهي بحلول 2050، ما سيمكّن الدولتين من تحقيق انتقال سلس وقابل للتطبيق.
وتهدف مبادرات السعودية والإمارات إلى تحقيق الحياد الكربوني وخفض الانبعاثات من الغازات المسببة للاحتباس الحراري إلى الدرجة صفر، وهو الصفر الأهم والأغلى في التاريخ، الذي سيجعل العالم يتنفس الصعداء، وهو ما يترقبه سكان الكوكب في قمة جلاسكو باسكتلندا، التي تنطلق أول نوفمبر المقبل، فهذا الصافي الصفري هو الهدف الحاسم، حتى وإن كان طويل الأجل لكنه ليس صعب المنال.
السعودية والإمارات عمليًا تسبقان العالم في حماية الأمن القومي العالمي وسلامة الطبيعة، وتقودان حراكًا إقليميا لمواجهة تداعياته، وتقدمان ثقافة عالمية في حماية بيئة الأرض، بتأكيدهما ضرورة التعامل بجدية واهتمام مع المبادرات الخلاقة والمبتكرة، التي جاءت لتوحد الجهود، للتغلب على أزمة دولية تتطلب العمل من شركاء العالم معا للوصول إلى تحقيق الهدف المنشود، في ظل الكسل، الذي بدا واضحا لتحقيق هدف قمة باريس للمناخ في 2015.
لقد صار الطموح الأعلى في هذا الصدد ضرورة لا رفاهية، وذلك من أجل الوصول إلى الهدف الأبرز عالميا، وهو "صفر انبعاثات".
من هنا صارت النتائج المرجوة من قمة المناخ في جلاسكو شديدة الأهمية لحياة الأرض وسكانها، لأنها قد تشكّل تغيرا كبيرا في شكل العالم خلال العقدين الجاري والمقبل، كما أن الميزانيات المالية والمساعدات، التي سترصدها القمة للدول الفقيرة، قد تساعد كثيرا في تحقيق الهدف، الذي يبحث عنه الجميع.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة