الاقتصاد العالمي في 2023.. 5 تطورات نحو تأكيد الركود
تشير التوقعات إلى أنه لا يوجد مجال لتعافي الاقتصاد العالمي من أزمته الراهنة، مع استمرار التضخم المرتفع وتشديد السياسات النقدية.
بالإضافة إلى تداعيات الأزمة الروسية الأوكرانية التي لا تزال مستمرة وتلقي بظلالها على مختلف الاقتصادات.
خفض توقعات النمو العالمي إلى 2.7% في 2023
عوامل جميعها دفعت صندوق النقد الدولي إلى خفض توقعاته لمعدل نمو الاقتصاد العالمي في العام الجديد إلى 2.7% مقابل 3.2% من إجمالي الناتج المحلي خلال العام الحالي.
وجاء في تحليل أعدته مجموعة من محللي وخبراء مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن بقيادة ماثيو جودمان كبير نواب رئيس المركز للدراسات الاقتصادية، أن الاقتصاد العالمي سيسجل خلال العام المقبل أقل معدل نمو له منذ 20 عامًا باستثناء فترة الأزمة المالية العالمية عام 2009 وذروة جائحة فيروس كورونا المستجد عام 2020.
وقال المحللون في التقرير الذي نشره مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية تحت عنوان "5 أشياء ستحدث في العالم عام 2023" إن السؤال الأساسي المطروح في الولايات المتحدة هو هل سينجح مجلس الاحتياطي الفيدرالي "المركزي الأمريكي" في تحقيق "هبوط" سلس للاقتصاد يضمن خفض معدل التضخم دون الإضرار بنمو الاقتصاد، أم أن الركود الاقتصادي هو الطريق الوحيد لخفض معدل التضخم الذي وصل لأعلى مستوياته منذ 40 عاما.
في الوقت نفسه يتوقع المستثمرون ركود الاقتصاد الأمريكي خلال العام المقبل، في حين تبدو الأسواق في موقف غريب من رد الفعل السلبي على مؤشرات النمو المستمر للوظائف والأجور بما يعزز التضخم المرتفع، وقد يدفع مجلس الاحتياطي لرفع سعر الفائدة لأكثر من 5% خلال العام المقبل.
ولا يبدو الموقف أقل التباسًا بالنسبة للاقتصاد الصيني في العام الجديد، فالصين تخلت بشكل مفاجئ عن سياسة "صفر كوفيد"، وأصبحت الآن تركز على الاستقرار الاقتصادي. ومن المحتمل أن تشهد الصين نموًا في الاستهلاك المحلي مع تجاوز الموجة الحالية من الإصابات بفيروس كورونا. وقد تضطر الصين لإطلاق حزمة إجراءات تحفيز جديدة إذا أرادات نموا اقتصاديا بأكثر من 5% من إجمالي الناتج المحلي.
تداعيات الفائدة المرتفعة والدولار القوي
وسيظل العالم يعاني من تداعيات ارتفاع أسعار الفائدة وزيادة قيمة الدولار الأمريكي. وقد يتخلف الكثير من الدول النامية عن سداد ديونها بالعملات الأجنبية خلال العام المقبل، لأن تشديد السياسة النقدية الأمريكية قلص مستويات السيولة النقدية في الولايات المتحدة، وبالتالي تراجعت كميات السيولة النقدية التي كان يمكن استثمارها في أدوات الدين للدول النامية.
وإذا كانت تطورات الاقتصاد العالمي هي التطور الأول من التطورات الخمسة، فإن الشيء الثاني هو تطور العلاقات الاقتصادية الأمريكية مع دول آسيا. وتأمل إدارة الرئيس بايدن في جني بعض ثمار تقاربها الاقتصادي مع آسيا عبر "إطار العمل الاقتصادي للرخاء في المحيطين الهندي والهادئ" (IPEF)، بحلول منتصف نوفمبر من العام المقبل عندما يستضيف بايدن قادة منتدى التعاون الاقتصادي لآسيا والمحيط الهادئ "أبيك" في قمتهم السنوية بمدينة سان فرانسيسكو الأمريكية.
والتطور الثالث المنتظر في العام المقبل هو توسع إدارة الرئيس الأمريكي في فرض قيود على تصدير التكنولوجيا المتقدمة إلى الصين. ففي 7 أكتوبر الماضي أعلنت إدارة بايدن أن القيود على تصدير التكنولوجيا تستهدف حرمان الصين من الوصول إلى أحدث تقنيات أشباه الموصلات والمعدات اللازمة لإنتاجها.
وسيكون التطور الرابع المنتظر من نصيب سياسة تمويل التنمية والبنية التحتية في العالم، حيث تعد البنية التحتية العالمية مكونا رئيسا في السياسة الخارجية لإدارة بايدن خلال العام المقبل، مع سعي الإدارة لتعزيز مصداقية عدد كبير من المبادرات المرتبطة بالبنية التحتية ومنها "الشراكة من أجل البنية التحتية العالمية والاستثمار" و"شبكة النقطة الزرقاء" و"شراكة البنية التحتية الثلاثية" و"منتدى الأمن الرباعي".
ويتعلق أخر التطورات الخمسة المنتظرة في العام المقبل بتمويل جهود مكافحة التغير المناخي في العالم. وفي ضوء قانون خفض التضخم في الولايات المتحدة وما يتضمنه من حوافز ضخمة لمشروعات الطاقة النظيفة المحلية، من المحتمل تعزيز جهود زيادة الاستثمار في مجال التخفيف من حدة التغير المناخي والتكيف معه على مستوى العالم.
ولكن ستظل الأسئلة الكبيرة حول التمويل والآليات الخاصة بصندوق الخسائر والأضرار الذي تم الإعلان عنه خلال قمة المناخ العالمية "كوب 27" في مدينة شرم الشيخ المصرية في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، وعلاقة الصندوق بالتزامات تمويل المناخ في اتفاق باريس ودور مؤسسات التمويل الدولية في تمويل المشروعات ذات الصلة بالمناخ وغيرها من المصالح العام العالمية.