"نيويورك تايمز": العالم يهدر ثلث ما يزرعه سنويا
العالم يتخلص من 1.3 مليار طن من فضلات الغذاء سنويا، والولايات المتحدة وحدها تهدر ما قيمته أكثر من 160 مليار دولار من الأغذية.
يتخلّص العالم من 1.3 مليار طن من فضلات الغذاء سنويا، أو ما يعادل ثلث جميع المواد الغذائية التي يزرعها، والولايات المتحدة وحدها تهدر ما قيمته أكثر من 160 مليار دولار من الأغذية سنويا، ما يمثل دليلا صارخا على عدم المساواة في العالم.
وفي تقرير نشرته صحيفة "نيويورك تايمز" على موقعها الإلكتروني، قالت إن معرفة هذه الأمور مهمة لسببين على الأقل؛ أولا: أنه كلما قلت فضلات العالم، أصبح من الأسهل تلبية الاحتياجات الغذائية لسكان العالم في السنوات المقبلة، وثانيا: يمكن لتقليل فضلات الغذاء أن يقطع شوطا طويلا في الحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري.
- بالصور.. أول متجر لبيع بقايا الطعام في بريطانيا
- 10 بنسات.. سعر موحد لأغذية "منتهية الصلاحية" بمتجر بريطاني
وأشارت إلى أنه في البلدان الفقيرة، توجد معظم فضلات الطعام في المزرعة أو في طريقها إلى السوق، ففي جنوب آسيا، على سبيل المثال، تتلف نصف محاصيل القنبيط المزروعة، بسبب عدم وجود ما يكفي من التبريد، وفقا لما ذكرته روزا رول، الخبيرة المعنية بفضلات الأغذية وفقدانها في منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو).
أما الطماطم فتنسحق إذا كانت معبأة في أكياس كبيرة، وفي جنوب شرق آسيا، يفسد الخس في الطريق من المزارع إلى محلات السوبر ماركت في المدينة، ولا يلقى المستهلكون سوى القليل جدا من الأغذية في البلدان الفقيرة، لأنها ثمينة جدا.
وأوضحت رول أنه "في العالم المتقدم، الغذاء أكثر وفرة، ولكنه يكلف أقل بكثير، بمعنى ما لا يقدر الناس الغذاء لما يمثله".
لكن في البلدان الغنية، وخاصة في الولايات المتحدة وكندا، يتم التخلص من نحو 40% المواد الغذائية المهدرة من قبل المستهلكين.
وهذا الرقم، الذي أعلنته منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) هو نتيجة لعدة عوامل، حيث نشتري الكثير من الطعام، ولا ننتهي من أطباقنا، وننفق حصة أقل بكثير من دخلنا على الغذاء.
من جانبه، قال بول أ. بهرنز، أستاذ مساعد في مجال الطاقة والعلوم البيئية في جامعة ليدن بهولندا: "كلما تحصل على دخل أعلى، تصبح أكثر تبذيرا في فضلات الطعام".
ولفتت الصحيفة إلى أن الولايات المتحدة بأسرها تهدر أكثر من 160 بليون دولار من الأغذية سنويا، ووفقا لوزارة الزراعة الأمريكية، التي تتعقب الخسائر الأغذية، تمثل منتجات الألبان أكبر حصة من الأغذية المهدرة، بقيمة حوالي 91 مليار دولار.
وأوضحت أن فضلات وهدر الطعام لها بصمة كربونية ضخمة تعادل 3.3 مليار طن من مكافئ الكربون، وهذا ليس كل شيء، وفقا لتقرير صادر عن وزارة الزراعة في عام 2014، لفت إلى أن هذا يعني إهدار الكثير من المياه، أيضا أي ما يعادل 3 أضعاف حجم بحيرة جنيف.
بدروه قال جاسون كلاي، نائب الرئيس الأول المسؤول عن السياسة الغذائية في المؤسسة العالمية للحياة البرية، وهي جماعة للدعوة تتخذ من واشنطن مقرا لها، إن "الفضلات الغذائية هي قمة جبل الجليد، وهي المكان الأكثر وضوحا للبدء".
وقالت رول من منظمة الأغذية والزراعة (فاو)، إن بعض الإصلاحات الأساسية تحدث في قاع السلاسل الغذائية، حيث ساعدت صوامع الحبوب المعدنية في مكافحة الفطريات التي تدمر مخزونات الحبوب في بلدان إفريقيا، وفي الهند، تشجع وزارة الزراعة المزارعين على جمع الطماطم في صناديق بلاستيكية بدلا من أكياس كبيرة؛ فتنسحق وتتعفن أقل.
وفي قمة السلاسل الغذائية، تحاول محلات السوبر ماركت إحداث تأثير عبر تغيير ملصقات (صالح للاستعمال حتى) وجعلها محددة لمختلف فئات الأغذية لإثناء المستهلكين عن التخلص من الطعام الآمن للأكل أو محاولة بيع الفواكه والخضار المشوه بدلا من التخلص منها.
فيما تحاول بعض البلدان تقنين الفضلات الغذائية، وتطلب فرنسا من تجار التجزئة التبرع بالأغذية المعرضة لخطر الإطاحة بها، ولكن لا تزال آمنة للأكل، ويحث المشرعون في الاتحاد الأوروبي على تحقيق أهداف ملزمة للحد من هدر الأغذية بنسبة 50% بحلول عام 2030، ما يعكس هدفا إنمائيا للأمم المتحدة.
وهذا من شأنه أن يُحدث فرقا، ولكن ليس بقدر ما يعتقد المرء، وهي المسألة التي تناولها الدكتور بهرنز من جامعة ليدن في دراسة حديثة، تقول إن تقليل الفضلات سيكون له "على الأقل نفس تأثير تغيير الوجبات الغذائية أو أكثر".