ظاهرة تحدث في المغرب لأول مرة.. أحكام المناخ
في سابقة من نوعها سجل النظام الكهربائي المغربي في ليلة واحدة رقما قياسيا في استهلاك الكهرباء بلغ 7310 ميغاوات، بزيادة 0.8%
وأصدرت وزارة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة المغربية بلاغا اطلعت "العين الإخبارية" على تفاصيله، إن الاحتباس الحراري يؤثر على قطاعات اقتصادية حيوية من قبيل السياحة والزراعة والصيد، ويتسبب في زيادة استهلاك الكهرباء بشكل قياسي.
قالت الوزارة، إن النظام والكهربائي الوطني تمكن من تلبية هذا الحد الأقصى من الطلب على الطاقة، بفضل القدرة المتاحة في الذروة المسائية والبالغة 8300 ميغاوات، مع مساهمة مهمة لمصادر الطاقة المتجددة ومنخفضة الكربون.
وأفادت الوزارة، أن التوقعات المناخية تشير إلى أن عدد الأيام التي تتجاوز فيها درجة الحرارة القصوى 37 درجة مئوية ستزيد في جميع مناطق البحر الأبيض المتوسط، مع ارتفاع مضاعف في شمال إفريقيا، وجنوب إسبانيا، وتركيا، حيث سيتضاعف من 30 يوما إلى 60 يوما بحلول سنة 2050. ودعت وزارة الانتقال الطاقي إلى تعزيز مرونة النظام الكهربائي أمام المخاطر المناخية، من خلال عقلنة استخدام الكهرباء والمساهمة في الحفاظ على البيئة وتحقيق التنمية المستدامة.
النجاعة الطاقية هي الحل
وفي هذا السياق، صرحت ليلى بنعلي، وزيرة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة بالمغرب، أنه "بالإضافة إلى ضمان الأمن الطاقي للمملكة المغربية وتعزيز تكيف القطاعات الأكثر هشاشة أمام مخاطر التغيرات المناخية، ستساهم هذه الدعوة المتعلقة بالنجاعة الطاقية أيضا في التقليل من الفاتورة الطاقية الوطنية.
وأما محمد بنعبو، خبير في التغير المناخي، فقال في حديث مع "العين الإخبارية"، إن المغرب يعتبر من بين المناطق في العالم الأكثر تضررا بتغيرات المناخ، شأنه شأن العديد من الدول التي تسارع الخطى من أجل مواجهة الإشكاليات الجديدة على مستوى الأنظمة الطاقية، مما يفاقم الضغوط التي نواجهها بالفعل لتلبية متطلبات التنمية الاقتصادية والأمن الطاقي والرفاه الاجتماعي للسكان.
وتحدث بنعبو في هذا الصدد، درجات الحرارة المرتفعة المواكبة لموجات الحر الاستثنائية التي تعيش على إيقاعه المملكة المغربية أدت إلى زيادة الطلب على الكهرباء الخاص بالتبريد، مما أدى إلى إجهاد نظام الطاقة المنهك بالفعل في البلاد وفي مواجهة الطلب المرتفع، خصوصا يوم 11 أغسطس/ آب 2023 حيث وصلت إلى مستويات قياسية. وأشار خبير المناخ، أنه مع توسيع نطاق توليد الطاقة المتجددة لتلبية الطلب المتزايد على الكهرباء، والاستجابة للأهداف العالمية لخفض الانبعاثات الغازية، فإن الأنظمة الطاقية مطالبة بـتبني مزيد من المرونة في مواجهة التأثيرات السلبية المرتقبة للتغيرات المناخية.
ووفق المتحدث ذاته، فإن ارتفاع استهلاك الكهرباء من طرف المغاربة خلال موجات الحر يزيد من تعميق الضغط على أنظمة الطاقة، سواء من خلال الانتشار الكبير للأجهزة الكهربائية التي تحتاج الكهرباء للعمل، أو أيضا تزايد الطلب على أجهزة التكييف المنزلي أو الإداري من أجل التخفيف من حدة التغيرات المناخية.
وذكر بنعبو، بأن درجات الحرارة ما بين عامي 1980 و2022، زادت بمقدار 0.5 درجة مئوية لكل عقد من الزمن، أي أعلى بكثير من المتوسط العالمي، وبالتالي فإن تأثيرات التغيرات المناخية تتجاوز السكان والاقتصاد، وتصل إلى أنظمة الطاقة التي بدأت تصلها تداعيات الاحترار العالمي، سواء على مستوى زيادة الضغط على خدماتها، أو على مستوى تأثيرات هذه التغيرات على كفاءتها وطريقة عملها.
ضرورة تبني ثقافة ترشيد الطاقة
ومن جهته، قال عبد العالي الطاهري، الخبير في الطاقات المتجددة وتغير المناخ، لـ "العين الإخبارية"، إنه "عندما نتحدث عن ترشيد الطاقة في ظل هذه الظروف الاستثنائية وغير العادية والاعتيادية المتمثلة أساسا في الارتفاع المهول لدرجة الحرارة في المغرب لا يمكن الحديث عن ترشيد استهلاك الطاقة بقراءة مرتبطة بالسياسة العمومية لهذا القطاع في إطار التدبير الحكومي، بل هنا نتوجه للمواطن على مستوى آليات الواجب اعتمادها ".
ومن بين الآليات الواجب اعتمادها يقول الطاهري، تبني ثقافة ترشيد الطاقة في ظل هذه الظروف الاستثنائية، خاصة مع الترشيد غير المسبوق للطاقة الكهربائية في ظل هذه الأجواء الحارة".
ومن بين الاقتراحات الواجب اتباعها لتفادي الاستهلاك المفرط للكهرباء الاستغناء عن استعمال أجهزة التكييف وتعويضها بوسائل التبريد الطبيعية للمنزل، أو ضبط درجة الحرارة المعتدلة للمكيف بين 25و 27 درجة.
اقتراحات لعقلنة استعمال الكهرباء
ويقترح خبير الطاقة، أيضا تغيير المصابيح التي تستهلك الطاقة بشكل كبير، واعتماد المصابيح الصديقة للبيئة، الموفرة للطاقة وتنتج كميات أقل الاستهلاك الطاقي، كما ينصح باختيار المواطن للأجهزة الكهربائية ذات الاستهلاك القليل للطاقة وإن كان سعرها مرتفع.
ويفسر الطاهري، أن المصابيح الموفرة للطاقة رغم أنها باهظة الثمن، فإن تكلفة الاستهلاك تكون غير مكلفة.
وشدد المتحدث، على ضرورة استعمال مجموعة من الأدوات والآليات الكهربائية التي تساعد على ترشيد الطاقة، ناصحا في الوقت نفسه على إذابة الجليد المتراكم في المجمد "الفليزز"، على اعتبار أن الجليد يقلل من كفاءة التبريد، ثم تفادي فتح باب الثلاجة "المبردة" مرات عديدة.
ومن جهته، أبرز الطيب حمضي، طبيب باحث في السياسات والنظم الصحية، أنه رغم الأرقام القياسية المستهلكة في استهلاك الكهرباء خلال يوم واحد لم يكن هناك أي تأثير على قطاع الصحة والمستشفيات وتخزين الأدوية والعمليات الجراحية وإقامة المرضى بشكل مطلق.
وتابع الباحث في النظم الصحية، "الحمد لله لم يكن أي مشكل سواء في القطاع الصحي أو القطاعات الأخرى وحتى الساكنة المنزلية يعني لم يكن هناك إشكال ، لأنه عندما يكون إشكال كبير للكهرباء ، لأن في المغرب بات استعمال عدد من التجهيزات والآليات التي يمكن أن تكون بديلا خلال وقت ذروة استهلاك الطاقة".
ويوضح حمضي، أنه عند استهلاك الطاقة في وقت الذروة هناك حلان إما أن تستبق القطاعات الحكومية المعنية الذروة تفاديا لوجود أي خلل وتقوم بقطع الكهرباء بشكل مبرمج، لكن مع تفادي قطع الكهرباء على القطاعات الحيوية، والحل الثاني، أنه إذا لم يتم هذا الإجراء فإن انقطاع الكهرباء سيكون بشكل عشوائي.
مستشفيات تعتمد حلول بديلة لتفادي حالة الطوارئ
وأفاد الطبيب نفسه، أن "في المغرب لم نصل إلى انقطاع الكهربائي المبرمج ولا للانقطاع الكهربائي ككل لأنه لحد الساعة إنتاج الكهرباء مازال يستجيب للطلب".
ومن جانب ثان، أكد حمضي، أن المغرب مثله مثل باقي الدول لا يمكن أن يكون في منأى على هذا الإشكال، لأنه خلال وقت الذروة قدرة استهلاك الكهرباء تتجاوز الرقم المحدد، لهذا يقول تدعو القطاعات الحكومية المعنية إلى عقلنة استهلا ك الكهرباء في أوقات الذروة وتغير سلوك المقاولات مع البحث عن حلول بديلة في الوقت نفسه.
ولفت الخبير الطبي، أن استعمال الكهرباء في قطاع الصحة توجد حلول بديلة في المستشفيات التي تعتبر من القطاعات الحيوية، وتأخذ بعين الاعتبار أي خلل للكهرباء، مشيرا إلى أن المغرب اتجه نحو المستشفيات الجديدة من الجيل الجديد التي تساهم في استهلاك الطاقة بشكل عام وتستخدم الطاقة الشمسية وتخزنها، كما تبحث عن حلول ذكية داخل المستشفيات لمواجهة مشاكل الكهرباء وفادي حالات الطوارئ.
ووفق المتحدث ذاته، فإن المستشفيات الجديدة من الجيل الجديد تواكب هاذ الحاجبات.
وبخصوص الاحتباس الحراري الناتج عن التغير المناخي في العالم يؤثر على صحة الإنسان من عدة جوانب، منها على صحة المواطنين، كما يتسبب في نقص الماء والتغذية والمجاعة، ويؤدي الاحتباس الحراري أيضا إلى ارتكاز الأوزون أكثر ما يتسبب في أمراض الأنسجة الرئتين وأمراض الجهاز التنفسي والالتهابات وانتشار الأمراض التعفنية.
وأشار الطبيب عينه، أن الخبراء يتوقعون أنه بسبب الاحتباس الحراري، انتشار الأمراض التي تنتقل من شخص لآخر، ستكون في السنوات، وتسجيل وفيات بسبب موجات الحرارة والمخاطر الصحية الناتجة عنها، علما يقول إن أكثر من 7 مل ليون شخص يموتون سنويا بسبب تلوث الهواء.