التمويل الأخضر.. طوق النجاة من المناخ المتطرف
تعمل الحكومات والمنظمات في العالم والعديد من الشركات جاهدة لمواجهة تغير المناخ وتداعياته الكارثية على الكوكب، سعياً للوصول إلى الحياد الكربوني وصافي الصفر.
ويأتي قسم كبير من الزخم نحو الصفر من الكربون من دعم القطاع المالي على المستويين الوطني والدولي لما يسمى "الحوكمة البيئية الاجتماعية"، وهو مقياس يستخدم لتقييم الشركات الكبيرة من أجل إجبارها على الامتثال لأجندة تغير المناخ.
- القمة العالمية لطاقة المستقبل.. الأولوية لتحقيق أهداف COP28
- توابع تغير المناخ.. سر ارتباط الحرارة بتراجع قدرة الأخطبوط على الرؤية
ويسعى تحالف يضم أكبر المستثمرين المؤسسين في العالم أو ما يُعرف بمنظمة العمل المناخي "+100"، للتأكد من أن أكبر الشركات المسببة لانبعاثات الغازات الدفيئة في العالم تتخذ الإجراءات اللازمة بشأن تغير المناخ.
طوق النجاة
حسب تقارير دولية حديثة يمثل الإنفاق على الطاقة أكثر من ثمن الناتج المحلي الإجمالي العالمي، ويوفر النفط والغاز الطبيعي والفحم 84% من الطاقة في العالم، أي بانخفاض قدره 2% فقط عما كان عليه قبل 20 عاماً، فيما يستخدم النفط بنسبة 97% في جميع وسائل النقل.
وفي هذه النقطة تبدو الحاجة ملحة لاحتضان التطبيق العملي للانتقال إلى الطاقة المتجددة، وهو الأمر الذي لا يمكن تحقيقه على أرض الواقع دون دعم التمويل الأخضر لهذا التوجه الذي يُعد بمثابة طوق النجاة من المناخ المتطرف.
الجهود العالمية في هذا السياق تبدو حثيثة وغير كافية حتى اللحظة لمواجهة الطوارئ المناخية وحالة التطرف المتصاعدة في تغير المناخ، وتداعياته خاصة على الدول الفقير والأكثر احتياجا لتمويلات مواجهة تلك التداعيات من فيضانات وتصحر وحرائق غابات.
وعلى سبيل المثال يتطلع الاتحاد الأوروبي (EU) إلى فرض معايير الإبلاغ عن الاستدامة بقوة على جميع الشركات المتوسطة والكبيرة.
والهدف هو أنه بحلول نهاية هذا العقد، يتعين على الشركات الأوروبية أن تعمل على إنشاء نظام محاسبي جديد.
وبدلاً من تسجيل المعاملات المالية، سيقوم بدلاً من ذلك بتجميع البيانات المتعلقة بالمناخ والتلوث والتنوع البيولوجي والقضايا الاجتماعية، وسيكون التركيز الرئيسي بطبيعة الحال على "التلوث" بثاني أكسيد الكربون.
تحديات قائمة
رغم الحالة الملحة لمضاعفة التمويل الأخضر عالميا فإن العديد من التحديات تواجه الدول والحكومات حاليا للوصول للمستوى المرضي لهذا النوع من التمويل يتعلق بعضها بالهياكل المالية العالمية الحالية التي يبدو تحركا أبطأ بكثير من واقع تغير المناخ.
كما أن هناك تحديات اقتصادية وتقنية تتعلق بالتمويل الأخضر منها على سبيل المثال الطلب غير الكافي في السوق على المنتجات التي يفترض أنها صديقة للمناخ وهي حقيقة تهدد الجهود المناخية، ويمكن رؤية ذلك بشكل أفضل في سوق السيارات الكهربائية.
فالمركبات الكهربائية لا تعمل بشكل يوازي السيارات التي تعمل بالوقود التقليدي، فعلى سبيل المثال باعت شركة تأجير السيارات الشهيرة "هيرتز" ثلث سياراتها الكهربائية، واشترت مركبات ذات محركات الاحتراق الداخلي "لتلبية طلب العملاء"، كما تتكبد شركة فورد خسائر كبيرة في قسم السيارات الكهربائية، كما هو الحال مع شركة جنرال موتورز.
ورغم ذلك يفرض الرئيس الأمريكي جو بايدن أن 67% من السيارات الجديدة والشاحنات الخفيفة ستكون مركبات كهربائية بحلول عام 2032، ارتفاعًا من 7.6% في عام 2023.
مؤتمر طاقة المستقبل والتمويل الأخضر
قضية المناخ من القضايا الرئيسية التي ستخصص لها الدورة الحالية من "القمة العالمية لطاقة المستقبل" لعام 2024 بمركز أدنيك أبوظبي خلال الفترة من 16 إلى 18 أبريل/نيسان الجاري، لأول مرة مؤتمراً خاصاً.
سيتبادل كبار المديرين التنفيذيين من مجموعة من الصناعات خلال القمة الأفكار حول استراتيجيات خفض الانبعاثات، كما سيكون هناك أيضًا منتديان إضافيان ليوم واحد يركزان على التمويل الأخضر والتنقل الإلكتروني.
ويتناول المتحدثون جميع أشكال التمويل، بدءاً من المشاريع العالمية ووصولاً إلى الاقتصادات منخفضة الكربون؛ والجهود المبذولة للتشجيع على المسارات الإقليمية نحو التمويل المستدام؛ والحاجة إلى وضع تشريعات للتمويل المتعلق بالمناخ؛ ومتطلبات الارتقاء بالتمويل المستدام، بالإضافة إلى الفرص المتاحة أمام رواد الأعمال في القطاع.
وتحاول القمة استثمار نجاح مؤتمر الأطراف COP28 واتفاق الإمارات التاريخي الذي ساهم في صياغة مفاهيم جديدة لآليات مواجهة التغير المناخي، وإنفاذ تعهدات الأطراف المشاركة خاصة المتعلقة بتوفير التمويلات اللازمة لمواجهة التطرف المناخي.
مشاركة جميع الأطراف
نشرته شركة "استراتيجي آند" وفريق الاستشارات الاستراتيجية العالمي لدى "برايس ووتر هاوس كوبرز" مؤخرا تقريرا أشار إلى أن الاستثمارات الخضراء في القطاعات الستة الرئيسية لمنطقة الخليج العربي، بما فيها قطاع الطاقة المتجددة، يمكن أن تحدث تأثيراً كبيراً بحلول عام 2030.
وستسهم المنطقة حسب التقرير بما يصل إلى تريليوني دولار في الناتج المحلي الإجمالي التراكمي، من خلال توفير أكثر من مليون فرصة عمل واستقطاب الاستثمار الأجنبي المباشر.
ويشجع التقرير حكومات دول مجلس التعاون الخليجي التي تمتلك الإمكانات على التعاون مع المستثمرين الدوليين واستقطابهم من أجل إنشاء صندوق ثروة سيادية مستدام، يمكن أن يساهم في توفير منافع كبيرة لجميع الجهات المعنية.
ويقول شرجيل بشير، رئيس مكتب الاستدامة في بنك أبوظبي الأول: "يتطلب تمويل العمل المناخي بصورة فعّالة تعاوناً بين القطاعات العامة والخاصة، فعلى سبيل المثال يمكن للبنك دعم التزامات دولة الإمارات في مجال المناخ، من خلال الشراكات مع القطاعات التقليدية والناشئة. ويعتمد تحقيق صافي صفر انبعاثات كربونية، بحلول عام 2050، على عدة عوامل، في مقدمتها مشاركة جميع الأطراف، واتباع نهج مبتكر، وبذل جهود تعاونية على مستوى العالم".
aXA6IDE4LjIxNi40Mi4xMjIg جزيرة ام اند امز