غرينلاند.. هل تصبح مثل اسمها بسبب المناخ؟
تتعرض غرينلاند لتهديدات مستمرة؛ بسبب التغيرات المناخية، خاصة وأنها حساسة للتغيرات الحاصلة في المناخ.
عندما تفتح خريطة غوغل، وتبحث عن غرينلاند، سيأخذك محرك البحث إلى جزيرة كبيرة في المحيط الأطلسي، بالقرب من أمريكا الشمالية، لكن الغريب في الأمر لونها الأبيض، على الرغم من أنّ كلمة غرينلاند، تعني في اللغة العربية «الأرض الخضراء»، أما في حالة جزيرة غرينلاند؛ فليس هناك علاقة بين اسمها وواقعها، لكن تاريخها يكشف لنا أسرارها في الماضي، وأنها كانت فعلًا أرضًا خضراء في وقت من الأوقات، والذي كان يرجحه العلماء قبل 2 مليون سنة.
لكن ظهرت أدلة جديدة، تُشير إلى أنها كانت أرضاً خضراء في وقت أقرب من ذلك، خلال الاحترار المعتدل قبل 416 ألف عام مضى، ونُشرت الدراسة في دورية «ساينس» (Science) في 21 يوليو/تموز 2023.
حرب باردة
في أثناء القرن العشرين، تحديداً في فترة الحرب الباردة، والتي احتدم فيها التنافس بين الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفيتي، وراح كل منهما يطور تقنياته، وتنافسوا على الصعود إلى الفضاء وفي العلوم والتكنولوجيا، ذهبت مجموعة من الجيش الأمريكي في مهمة سرية إلى غرينلاند، وأقاموا معسكرًا في شمال غرب الجزيرة، وعُرف باسم «معسكر سنشري» (Camp Century)، كان الغرض المعروف من المعسكر هو إجراء بعض التجارب والأبحاث العلمية؛ لاختبار تقنيات البناء، لكن الحقيقة أنّ الأمريكيين كانوا يأخذون بعض العينات؛ لإجراء أبحاث متعلقة بالمناخ. ونقبوا لأعماق سحيقة تحت سطح الأرض، وسحبوا أنبوب طوله 12 قدمًا من التربة والصخور تحت الجليد. وأخذوا هذه العينات وحفظوها.
وقت الاستخدام
ظلت هذه الرواسب محفوظة لعقود حتى جاء عام 2017، عندما قررت مجموعة بحثية شغوفة البحث في هذه العينات، ولاحظوا أنّ الرواسب لم تكن جليدية فقط، بل كانت مصحوبة أيضاً بأوراق الشجر وطحالب، وهذه دلالات على أنّ هذه المناطق كانت عامرة في وقت ما.
كشف الستار عن الماضي!
السر في الفلسبار والكوارتز، وهما معدنان، ويوجد الفلسبار غالبًا في الرمال، بينما الكوارتز في بعض الصخور، كالرسوبية والنارية وغيرهما، ومن الطبيعي أنّ تتحرك بعض حبيبات الصخور أو الرمال مع هبوب الرياح أو حركة المياه، وتتعرض للشمس، ما يمنع لمعانها. بمرور الوقت، تُدفن هذه الرواسب تحت الجليد، وتتراكم إلكترونات حرة في بلورات معادن الكوارتز والفلسبار. وهذا المطلوب.
نقل الباحثون هذه الرواسب إلى غرفة مظلمة، وعرضوا الرواسب على ضوء أزرق أو أشعة تحت حمراء، ما ساعد في إطلاق هذه الإلكترونات من جديد، وتُعد هذه الإلكترونات مؤشراً لعمر هذه الرواسب، وتعطي زمناً تقريبياً لآخر مرة تعرضت فيها تلك الرواسب للشمس.
حساسية للمناخ
تقدم الدراسة الجديدة دليلًا على أنّ الرواسب الموجودة أسفل الغطاء الجليدي ترسبت عن طريق تدفق المياه في بيئة خالية من الجليد خلال فترة الاحترار المعتدلة، وهي المرحلة 11 من النظائر البحرية، من 424 إلى 374 ألف سنة مضت، ما تسبب في رفع مستوى سطح المياه من حول العالم.
يساعدنا البحث في ماضي غرينلاند في فهم مدى حساسيتها للتغيرات المناخية، التي تسببت في ذوبان جليدها خلال حقبة معينة في ماضيها. ومع الاحترار العالمي الذي يمر به العالم اليوم؛ فمن المتوقع ذوبان جليدها من جديد، والذي بدوره يؤدي إلى رفع مستوى سطح البحر، وهذا وحده كارثة قد تتسبب في غرق مدن، وتدمير نُظم بيئية كاملة.
aXA6IDE4LjIyNi45My4yMiA= جزيرة ام اند امز