مديرة "غرينبيس الشرق الأوسط وشمال أفريقيا" لـ"العين الإخبارية": COP28 فرصة مثالية
قالت البروفيسورة غوي النكت إن مؤتمر الأطراف COP28 لتغير المناخ فرصة مثالية لتطوير واعتماد آليات فعالة لصندوق الخسائر والأضرار.
وأوضحت المديرة التنفيذية لمنظمة غرينبيس الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، في حوار لـ"العين الإخبارية"، أن هذه الآليات الجديدة، بما فيها تحديد مصادر التمويل والتقييمات العادلة للخسائر والأضرار، ستسهم في تحقيق العدالة المناخية وتوفير الدعم الضروري للبلدان والمجتمعات المتأثرة بشدة بتغير المناخ.
وكشفت أن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من بين المناطق الأكثر عرضة للتأثيرات السلبية لتغير المناخ على مستوى العالم، لذلك يشكل مؤتمر الأطراف الثامن والعشرين لاتفاقية الأمم المتحدة بشأن تغير المناخ فرصة ذهبية لنا كدول متضررة في المنطقة.
وتأمل "النكت" تمويل التكيف وتحقيق الانتقال العادل نحو الطاقة المتجددة من خلال مساهمة الدول الغنية المسؤولة عن أكبر حصة من الانبعاثات التاريخية عبر الالتزام والتوسع في التعهدات السابقة لتمويل المناخ.
وإلى نص الحوار…
* ما استعدادات غرينبيس لمؤتمر الأطراف الثامن والعشرين؟ وما أبرز الأنشطة التي ستعمل عليها المنظمة قبل وفي أثناء وبعد COP28 في دولة الإمارات؟
في غرينبيس شمال أفريقيا والشرق الأوسط نتعاون مع صناع القرار، الشباب والمجتمع المدني المحلي، لمواجهة التحديات البيئية والمناخية التي تعاني منها منطقتنا، خاصّة حالة الطوارئ المناخية، ونعمل على تطوير حلول مستدامة تساعد على تحقيق التنمية العادلة والشاملة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ونُركز في عملنا بشكل خاص على تعزيز الانتقال العادل للطاقة بعيداً عن الوقود الأحفوري، حيث نقوم بتوفير منصات للحوار والتعاون مع الحكومات والمجتمع المدني والخبراء لتطوير سياسات واستراتيجيات الطاقة المستدامة.
كما نعمل على دعم وتعزيز آليات إنشاء صندوق للخسائر والأضرار المناخية، فهذا الصندوق مهم لتعويض البلدان والمجتمعات المتضررة من تداعيات الأزمة المناخية.
ونُطالب بأن يأتي التمويل من الدول الغنية والملوثين الرئيسيين مثل شركات النفط الدولية التي تُحقق كل عام أرباحاً خيالية، ونُطالبها بأن تتحمل مسؤولياتها، من الجهة الأخرى نعمل على تعزيز وزيادة الوعي العام حول النظام الاقتصادي البديل الذي يضع مصلحة الإنسان والبيئة فوق المصالح الاقتصادية الضيقة ويعطي الأولوية للصحة العامة، ويُحقق التوازن بينها، وذلك من حملات توعوية تستهدف الشباب وصناع القرار.
بالإضافة إلى ذلك تُخطط غرينبيس الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لإقامة النسخة الثانية من مخيم العدالة المناخية في لبنان هذا العام، تمّ تنظيم المخيم الأول بنجاح وشارك فيه حوالي 400 شاب وشابة من مختلف أنحاء دول الجنوب العالمي، يهدف المخيم إلى إنشاء وتعزيز مساحة تواصل وتبادل أفكار للجهات الفاعلة والمنظمة الشابة في المجال المناخي من جميع أنحاء دول الجنوب العالمي.
*يأتي مؤتمر COP28 في دولة الإمارات كثاني مؤتمر للأطراف بعد استضافة مصر الدورة السابقة، والثالث بعد المغرب التي استضاف المؤتمر عام 2016.. ما الذي يعنيه ذلك للدول العربية؟
تُعد منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من بين المناطق الأكثر عرضة للتأثيرات السلبية لتغير المناخ على مستوى العالم، وذلك بسبب التحديات الجغرافية والبيئية الخاصة بالمنطقة، مثل الجفاف المتزايد، ونقص المياه، والتغييرات الجذرية في الأنماط الجوية، التي تُحمّل هذه الدول أعباء كبيرة بالفعل، لذلك يشكل مؤتمر الأطراف الثامن والعشرين لاتفاقية الأمم المتحدة بشأن تغير المناخ فرصة ذهبية لنا كدول متضررة في المنطقة.
هذا يمنح الدول النامية، التي تتحمل المسؤولية الأقل عن الانبعاثات ولكنها الأكثر تضرراً من تأثيرات تغيّر المناخ، دوراً بارزاً ومحورياً، وتُعتبر مشاركة دول المنطقة في مؤتمرات COP فرصة مهمة لتعزيز التعاون الإقليمي في التعامل مع الكوارث المناخية وتطوير استراتيجيات للتخفيف من تأثيراتها.
ولكن يتعين علينا اليوم التركيز بشكل خاص على آليات التعويض عن الخسائر والأضرار المناخية، هذه الآليات تلعب دوراً حاسماً في ضمان التعويض للبلدان والمجتمعات التي تتأثر بالكوارث المناخية، لذلك ندعو الدول الغنية والمسببين التاريخيين للانبعاثات -مثل شركات النفط- إلى أن تتحمل مسؤولية التعويض عن الخسائر والأضرار الناجمة عن تغير المناخ.
كما يوفر هذا المؤتمر فرصة مهمة لنا جميعاً، للتأكيد على الحاجة المُلحة لدعم الانتقال العادل إلى الطاقة النظيفة والمتجددة، بعيدا عن الوقود الأحفوري كحل عملي وعلمي للحد من الانبعاثات.
* ما أبرز القضايا التي تسعى غرينبيس للضغط عليها في مؤتمر COP28؟
ينصب كل تركيزنا في غرينبيس الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بمؤتمر الأطراف (COP28) على العدالة المناخية من خلال العديد من المحاور الرئيسية، من أهم هذه المحاور هو الانتقال التدريجي والعادل للطاقة بعيداً عن الوقود الأحفوري، بما في ذلك النفط والغاز والفحم، نحن نؤمن بأنه يجب الاستثمار في مسارات تنموية بديلة بعيداً عن الوقود الأحفوري، ونتحدث هنا عن نموذج اقتصادي بديل يركز على الاستدامة، الرفاه والازدهار الشامل، بدلاً من النمو الاقتصادي المحدود بمؤشر الناتج المحلي الإجمالي.
بالإضافة إلى ذلك نعمل على تعزيز آليات لإنشاء صندوق الخسائر والأضرار والتأكد من أنه ممول من الشركات والدول الملوثة، المسؤولة تاريخياً عن أزمة المناخ والتي جنت أرباحاً خيالية على مدى عقود، والوفاء بتعهداتها المالية ومضاعفتها.
نحن نؤمن بأنه يجب على الملوثين التاريخيين أن يتحملوا المسؤولية عن تغير المناخ والخسائر والأضرار التي لحقت بالبلدان النامية والفقيرة، وبالتالي يجب أن يتم توجيه الموارد المالية إلى البلدان والمجتمعات الأكثر تأثرا للتكيف والتعافي من آثار التغير المناخي.
*اختتم مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ COP27 في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي باتفاق تاريخي، وهو إنشاء صندوق لتمويل "الخسائر والأضرار" للبلدان الضعيفة، وبناء على توصيات المؤتمر يقوم الصندوق الخاص بالخسائر والأضرار بالعمل على تشكيل لجنة بها 12 عضوا من الدول النامية و12 من الدول المتقدمة لوضع آليات الحوكمة ومصادر التمويل وآلية العمل.. هل تتوقعون أن يتم إقرار آلية في المؤتمر المقبل؟
نعم، نعتبر أنّ مؤتمر الأطراف ٢٨ لتغير المناخ فرصة مثالية لتطوير واعتماد آليات فعالة لصندوق الخسائر والأضرار، هذه الآليات الجديدة -بما فيها تحديد مصادر التمويل والتقييمات العادلة للخسائر والأضرار- ستساهم في تحقيق العدالة المناخية وتوفير الدعم الضروري للبلدان والمجتمعات المتأثرة بشدة بتغير المناخ، ومن المهم جداً أن يتم توجيه التعويضات بشكل صحيح لتمكين هذه البلدان من التعافي من الأضرار والخسائر التي لحقت بها.
بالإضافة إلى ذلك، يجب أن يتم توزيع الأموال المخصصة لصندوق الخسائر والأضرار بشكل عادل وشفاف، وأن يتم تحديد الأولويات بناءً على الاحتياجات الفعلية والأولويات للبلدان والمجتمعات المتأثرة، لذلك من المهم تحديد معايير عادلة وشفافة لضمان توزيع الموارد بطريقة عادلة تحقق كفاءة استخدام هذه الأموال في دعم التعافي.
بالنسبة لمن ينبغي تمثيله في هذا الصدد، فإننا نؤمن بأنه يجب توفير تمثيل شامل للبلدان والمجتمعات المتضررة بشكل كبير، ويجب تشجيع مشاركة الدول النامية والمجتمعات الأصلية والشباب والنساء، حيث إنهم غالبا ما يكونون أكثر عرضة لتأثيرات تغير المناخ.
* "لقد مضت 7 سنوات منذ اعتماد اتفاق باريس، ولم يتبقَ سوى 7 سنوات حتى عام 2030.. وهذا يعني لا يوجد سوى سبع سنوات لخفض الانبعاثات بنسبة 43% والحفاظ على طموحات اتفاق باريس"، لذلك هل ترين الدول الصناعية الكبرى قادرة على خفض انبعاثاتها؟ وما أبرز مطالبكم في COP28 من أجل تحقيق أهداف اتفاق باريس بالحد من الاحترار العالمي دون 1.5 درجة؟
نسعى في المقام الأول إلى التخلص التام من استخدام الوقود الأحفوري، ونطمح إلى التوصل لاتفاق في COP28 يشمل التخلص التدريجي ولكن سريع وعادل من جميع أشكال الوقود الأحفوري، بما في ذلك الفحم والنفط والغاز، بالإضافة إلى وقف تطوير المشاريع الجديدة للوقود الأحفوري، لنحقق بذلك خطوة جوهرية نحو تحقيق الاستدامة البيئية والتصدي لأزمة المناخ.
كما نسعى لتعزيز دور التمويل المناخي كأساس عام يركز على الملوثين التاريخيين، ونهدف إلى تحقيق تقدم ملموس في مسألة تعويض الخسائر والأضرار، وتمويل التكيف وتحقيق الانتقال العادل نحو الطاقة المتجددة من خلال مساهمة الدول الغنية المسؤولة عن أكبر حصة من الانبعاثات التاريخية عبر الالتزام والتوسع في التعهدات السابقة لتمويل المناخ.
علاوة على ذلك، سيشهد مؤتمر الأطراف COP28 أول تقييم عالمي للأداء للعمل للحد من كارثة تغير المناخ (Global Stocktake)، المطلب الذي تدعمه غرينبيس في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في COP28 هو أن يقدم تقييم الأداء العالمي تقييمًا واضحًا وقويًا للتقدم البطيء في الإجراءات المناخية حتى الآن والحاجة الملحة لتسريع الإجراءات للعودة إلى المسار الصحيح لتحقيق أهداف اتفاق باريس، بما في ذلك الحفاظ على درجة حرارة 1.5 درجة مئوية، وفقًا لتقرير IPCC AR6.
نحن نعمل على ضمان أن يتم تنفيذ هذه المطالب في COP28، وأن تتحول إلى إجراءات فعالة والتزامات قوية للحفاظ على مستقبل الأجيال القادمة.
* بخصوص الانتقال العادل للطاقة: من وجهة نظرك، ما الإجراءات التي يجب اتخاذها لضمان أن يكون انتقال الطاقة عادلا وبأسعار معقولة للجميع، خاصة أولئك الذين يعانون من أزمة الطاقة؟ وكيف يجب دعم الدول الفقيرة للتحول للطاقة المتجددة بدلا من الوقود الأحفوري؟
من وجهة نظرنا، تحتاج مسألة الانتقال العادل للطاقة إلى اتخاذ إجراءات مُعيّنة، وأن تتوفر الأموال اللازمة للمضي قدماً بها، وهذا الأمر صعب على دول المنطقة التي تُعاني من صعوبات مالية وأوضاع اقتصادية هشة، بالتالي من المهم أن تكون الدول الغنية قدوة في مجال الانتقال العادل للطاقة بسبب توفر المال والتكنولوجيا والخبرات وكل المقومات اللازمة لديها، لذلك تقع هنا على عاتق هذه الدول الغنية وشركات النفط الدولية التي لعبت دوراً كبيراً في كارثة تغير المناخ، أن تبدأ في هذه المهمة لتحقيق الانتقال الطاقوي من الوقود الأحفوري إلى الطاقة المتجددة والمستدامة وتقليل الانبعاثات، فالمطلوب اليوم أن تتحمل هذه الدول وشركات النفط مسؤولياتها تجاه الأجيال الحالية والمستقبلية.
أما بالنسبة لدول الجنوب العالمي التي تعاني بالأصل من صعوبات مالية، فإنّه من المهم أن تتلقى الدعم اللازم لتحويل وتنويع اقتصاداتها بعيدًا عن الوقود الأحفوري، يجب توفير التمويل والتكنولوجيا والتدريب اللازم لتسهيل هذا التحول إلى الطاقة المتجددة وتعزيز قدراتها في بناء اقتصاد متنوع ومُستقبل مستدام.
* ما رأيك في دور تقنيات إزالة الكربون في تحقيق أهداف اتفاقية باريس؟ وكيف يمكن دمجها في سياسات واستراتيجيات المناخ؟ ما الدور الذي يمكن أن تلعبه COP28 في دفع عجلة تطوير ونشر تقنيات إزالة الكربون؟
نحن نشدد على أنّ تقنيات إزالة الكربون ليست الحل الفعّال والمستدام لمواجهة أزمة المناخ، فعلى الرغم من الاستثمارات الهائلة في هذا المجال التي بلغت مليارات الدولارات، إلا أنّها لم تثبت جدواها على المستوى التجاري أو التقني بعد، ولا تمتلك أي دليل على نجاحها على نطاق واسع.
بالتالي.. يجب أن يكون التركيز منصبا على تطوير حلول الطاقة المتجددة والتحول العادل نحو الاعتماد على المصادر المتجددة بدلاً من الانشغال بهذه التقنيات التي تشتت الجهود عما يجب القيام به بالفعل لمواجهة أزمة المناخ.
إننا نعتبر أنّ الاستثمارات والجهود يجب أن تتركز بشكل أساسي على توسيع استخدام الطاقة المتجددة وتطوير حلول مستدامة وقابلة للتطبيق، إنها الخطوة الأساسية التي يجب أن نتخذها للقضاء على أزمة المناخ والحفاظ على كوكبنا للأجيال القادمة.
* ما توقعاتكم لمؤتمر COP28، وفي وجهة نظرك ما الدور الذي يجب أن تلعبه دولة الإمارات كدولة مستضيفة للمؤتمر لتحقيق أهداف العدالة المناخية؟
نعتقد بأنّ دولة الإمارات بصفتها الدولة المضيفة للمؤتمر تحتاج إلى أن تكون في طليعة الدول القيادية في مجال العدالة المناخية.
الأولوية الرئيسية يجب أن تتمحور حول الوصول إلى اتفاق طموح يركز على التخلي التدريجي عن الوقود الأحفوري بطريقة عادلة ومُنصفة، هذا الاتفاق إذا تم تحقيقه سيجعل من هذا المؤتمر حدثا تاريخيا.
تتمتع اليوم دولة الإمارات بفرصة كبيرة للتأثير وقيادة التغيير، وتكون قدوة ومثالا للدول الأخرى، عبر تعزيز التزاماتها المحلية للتخلي تدريجيا عن الوقود الأحفوري والتحول نحو الطاقة المتجددة بعيداً عن الحلول الخاطئة، هذا الالتزام المحلي المعزز سيظهر القيادة الحقيقية ويشجع الدول الأخرى على الانضمام إلى هذه المبادرة، إنّ أي تقدم وتحول حقيقي يتحقق في دولة الإمارات العربية المتحدة في هذا المجال سيكون له القدرة على ريادة التحول العالمي نحو عالم أكثر استدامة.
هذا الجهد ليس فقط لتحقيق التحول الطاقوي المستدام، ولكنه أيضاً خطوة ضرورية لتحقيق العدالة المناخية، وضمان مستقبل مستدام للأجيال القادمة.