مجموعة العشرين في 23 عاما.. تواريخ فارقة وقرارات استثنائية أنقذت العالم
تعد مجموعة العشرين، وهي تجمع لأكبر الاقتصادات في العالم، المنتدى الدولي الأول لمناقشة القضايا الاقتصادية، والاستقرار المالي في العالم.
تشكلت مجموعة العشرين عام 1999، وهي تجتمع بانتظام لتنسيق السياسة العالمية بشأن التجارة وقضايا أخرى، حيث تناولت القمم السابقة العديد من القضايا أبرزها جائحة COVID-19 والأزمة المالية لعام 2008 والبرنامج النووي الإيراني والحرب الأهلية السورية.
أدت الاجتماعات الثنائية على هامش القمة في بعض الأحيان إلى اتفاقات دولية كبرى، وتأتي الاستجابة القوية للأزمة المالية العالمية في عام 2008 كأحد أبرز إنجازات المجموعة، إلا أن تماسكها تلاشى منذ ذلك الحين، حيث انتقد المحللون استجابتها الباهتة لوباء كوفيد 19.
في عهد الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، اصطدمت الولايات المتحدة مع بقية المجموعة بشأن التجارة والمناخ وسياسة الهجرة، لكن الرئيس جو بايدن وعد بالعودة إلى التعاون متعدد الأطراف، وتحقيق اتفاقية عالمية جديدة بشأن ضرائب الشركات، لكن التوترات استمرت في النمو مع تباعد البلدان المرتفعة والمنخفضة الدخل بشكل متزايد حول القضايا الرئيسية.
وفي قمة إندونيسيا في الفترة من 15 وحتى 16 نوفمبر/تشرين الثاني، ستهيمن التداعيات الاقتصادية والإنسانية المستمرة للحرب في أوكرانيا على الاجتماعات.
ما هي دول مجموعة العشرين؟
مجموعة العشرين عبارة عن منتدى يضم 19 دولة من أكبر الاقتصادات في العالم، بالإضافة إلى الاتحاد الأوروبي.
البلدان هي الأرجنتين وأستراليا والبرازيل وكندا والصين وفرنسا وألمانيا والهند وإندونيسيا وإيطاليا واليابان والمكسيك وروسيا والمملكة العربية السعودية وجنوب أفريقيا وكوريا الجنوبية وتركيا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة، وتمت دعوة إسبانيا كضيف دائم.
في كل عام، يجتمع قادة أعضاء مجموعة العشرين لمناقشة المسائل الاقتصادية والمالية بشكل أساسي وتنسيق السياسات بشأن بعض القضايا الأخرى ذات الاهتمام المشترك.
ما أهمية مجموعة العشرين؟
تشكل دول مجموعة العشرين مجتمعة نحو 80% من الناتج الاقتصادي العالمي، ونحو 75% من الصادرات العالمية، ونحو 60% من سكان العالم.
ظلت هذه الأرقام مستقرة نسبيا بينما تقلصت المعدلات المقابلة لدول مجموعة السبعة (G7)، وهي مجموعة أصغر من الديمقراطيات المتقدمة، حيث تستحوذ الأسواق الناشئة على حصة أكبر نسبيا من الاقتصاد العالمي.
تم تشكيل مجموعة العشرين في عام 1999، في أعقاب الأزمة المالية الآسيوية، لتضم في اجتماعاتها وزراء المالية ومحافظي البنوك المركزية من عشرين من أكبر الاقتصادات الكبيرة والناشئة في العالم.
بعد عقد من الزمان، في ذروة الأزمة الاقتصادية العالمية في 2008، تم ترقية مجموعة العشرين لتشمل رؤساء الدول والحكومات.
ينسب العديد من الخبراء إلى مجموعة العشرين العمل السريع في أزمة 2008، وقالوا إنها "أنقذت نظاما ماليا عالميا في حالة سقوط حر".
في عامي 2008 و2009، وافقت دول مجموعة العشرين على إجراءات إنفاق بقيمة 4 تريليونات دولار لإنعاش اقتصاداتها، ورفضت الحواجز التجارية، ونفذت إصلاحات بعيدة المدى للنظام المالي، وفقا لـ"council on foreign relation".
منذ ذلك الحين، كافحت مجموعة العشرين لتحقيق نجاح مماثل في أهدافها المتمثلة في تنسيق السياسات النقدية والمالية، وتحقيق نمو أعلى، واستئصال الفساد والتهرب الضريبي.
العديد من المراقبين يشيرون إلى أن عضوية مجموعة العشرين تمثل ميزان القوى الدولي الحالي أكثر من تكتلات الدول التي تشكلت في وقت سابق، مثل مجموعة السبع.
ما أبرز القضايا التي تصدت لها المجموعة؟
ركزت مجموعة العشرين في البداية بشكل كبير على سياسة الاقتصاد الكلي الواسعة، لكنها وسعت نطاقها، وركزت قمة 2018 في الأرجنتين على التنمية العادلة والمستدامة.
بينما تناولت القمة السابقة في ألمانيا قضايا مثل الفساد وغسل الأموال والملاذات الضريبية الدولية.
قمة 2016 في هانغتشو الصينية شهدت إعلان الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما والرئيس الصيني شي جين بينج رسميا انضمام بلديهما إلى اتفاقية باريس بشأن المناخ.
رغم ذلك لا يزال التنسيق الاقتصادي والمالي هو محور جدول أعمال كل قمة، لكن قضايا مثل مستقبل العمل والإرهاب والصحة العالمية تفرض نفسها على المشهد.
أصبحت أجندة قمة العشرين أوسع في العقد الذي أعقب الأزمة المالية العالمية، عندما تمكنت مجموعة العشرين من تحويل انتباهها إلى ما هو أبعد من إدارة الأزمة الاقتصادية الحادة.
شكلت جائحة COVID-19 اختبارا كبيرا للمجموعة، وينظر إلى دورها بأنه فشل في التنسيق بين الدول، لكن من ناحية أخرى وافقت دول مجموعة العشرين على تعليق مدفوعات الديون المستحقة لها على بعض أفقر دول العالم، مما قدم مليارات الدولارات في شكل إعفاء.
على الرغم من أن تغير المناخ كان محور تركيز قمة روما 2021، فقد أسفر الاجتماع عن القليل من الالتزامات الملموسة بشأن هذه القضية. واتفقت الدول على الحد من انبعاثات غاز الميثان وإنهاء التمويل العام لمعظم محطات توليد الكهرباء الجديدة التي تعمل بالفحم في الخارج لكنها لم تقل شيئا عن الحد من استخدام الفحم محليا.
كما صادق قادة مجموعة العشرين على اتفاقية بين ما يقرب من 140 دولة لإصلاح نظام الضرائب الدولية على الشركات، مما يمهد الطريق لضريبة الشركات بنسبة 15% كحد أدنى.
بصفتها مضيفة عام 2022، سعت إندونيسيا إلى تأطير جدول الأعمال حول 3 ركائز لسياسة الاقتصاد الكلي بعد تفشي الوباء، الصحية العالمية، والتحول الرقمي، وانتقال الطاقة المستدامة.
ما هي نقاط الخلاف الرئيسية؟
أدت التوترات الجيوسياسية، التي تصاعدت بسبب الحرب الروسية في أوكرانيا، والمنافسة الاستراتيجية بين الصين والولايات المتحدة، إلى حالة من القلق والانقسام داخل المجموعة.
وأصبحت مشاركة روسيا في مجموعة العشرين مثيرة للجدل، حيث تسعى بعض الدول الغربية إلى استبعاد موسكو، على الرغم من معارضة أعضاء من بينهم الصين والبرازيل هذه الفكرة.
قد يواجه أعضاء مجموعة العشرين أيضا انقسامات حول كيفية معالجة الصدمات الاقتصادية التي تؤثر بشكل غير متناسب على الاقتصادات الناشئة، حيث أدت أزمة الطاقة الناتجة عن الحرب في أوكرانيا إلى ندرة الغذاء وارتفاع أسعار الطاقة، فضلاً عن الضغوط التضخمية التي ولّدت دولارًا أمريكيًا أقوى على حساب انخفاض قيمة العملات في الاقتصادات الناشئة.
نتيجة لذلك، يتجه المزيد من البلدان إلى المقرضين الدوليين من أجل الإنقاذ؛ طلبت أكثر من 100 دولة مساعدة طارئة من صندوق النقد الدولي منذ بداية الوباء.
وقفز إقراض صندوق النقد الدولي للاقتصادات المتعثرة إلى مستوى قياسي بلغ 140 مليار دولار في عام 2022، ومن المتوقع أن يرتفع.
قدمت مجموعة العشرين إطارا مشتركا لمعالجة الديون قبل قمتها لعام 2020، لكن 3 دول فقط، تشاد وإثيوبيا وزامبيا، طلبت تخفيف الديون بموجب هذا الإطار.
اصطدم التزام المجموعة طويل الأمد بنظام دولي قائم على مبادئ منظمة التجارة العالمية لخفض التعريفات الجمركية وغيرها من الحواجز التجارية مع المنافسة الاقتصادية المتزايدة بين القوى العظمى.
شن الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب حربا تجارية متعددة الجبهات شارك فيها العديد من أعضاء مجموعة العشرين، وفرض مجموعة من التعريفات الجمركية على الصين تركتها إدارة بايدن في مكانها إلى حد كبير.
كما اتبع بايدن إجراءات أخرى تهدف إلى تسريع "الانفصال" الاقتصادي عن الصين، في أغسطس/أب 2022، وقع على قانون CHIPS، الذي يشجع تصنيع التكنولوجيا المتقدمة في الولايات المتحدة. تبع هذا الإجراء ضوابط صارمة قيدت قدرة الصين على شراء رقائق معينة مصنوعة في أي مكان في العالم بمدخلات أمريكية.
لا يزال هناك أيضا خلاف داخل المجموعة فيما يتعلق بتغير المناخ، حيث أفادت تقارير أن الصين والهند وروسيا منعت اتفاقا بشأن التخلص التدريجي من استخدام الفحم ودعم الوقود الأحفوري في اجتماع لوزراء البيئة في يوليو/تموز 2021.
وبعد أزمة شرق أوروبا، نكثت ألمانيا ودول مجموعة العشرين الأخرى بوعودها السابقة بوقف تمويل مشاريع الوقود الأحفوري في الخارج.
ماذا يحدث على هامش القمم؟
تتميز مجموعة العشرين بالمرونة مقارنة بالمؤسسات المتعددة الأطراف الأخرى، وهو ما ظهر في اجتماعات سابقة، حيث تركز الاجتماعات الثنائية بين رؤساء الدول والحكومات غالبا على قضايا خارج جدول الأعمال الرسمي.
في هامبورج الألمانية، في عام 2017، التقى دونالد ترامب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لأول مرة، وعقد اجتماعات متعددة استمرت عدة ساعات وأثارت مخاوف بين حلفاء الولايات المتحدة داخل مجموعة العشرين.
في العام التالي، طغى اجتماع ثنائي مرة أخرى على قمة مجموعة العشرين، وهذه المرة بين ترامب والرئيس الصيني شي جين بينج. واتفق الزعيمان على إرجاء التهديد برفع الرسوم الجمركية.
واليوم استضافت قمة بالي 2022 أول اجتماع شخصي بين بايدن وشي منذ انتخاب بايدن في عام 2020.
يؤكد العديد من الخبراء على الآثار الجوهرية للعلاقات الشخصية بين القادة على إنشاء السياسة الخارجية. من خلال جمع الكثي، وتوفر قمم مجموعة العشرين فرصا نادرة لتطوير مثل هذه العلاقات وإعادة صياغة العلاقات الثنائية.
هل تلبي قمة بالي 2022 طموحات العالم، وتخرج بقرارات طموحة في ظل تحديات اقتصادية ومناخية تواجه كل الدول؟
aXA6IDUyLjE1LjIyMy4yMzkg جزيرة ام اند امز