ماذا ينتظر دول الخليج عند وصول النفط لـ 80 دولارا؟
توقعات الخبراء بشأن أسعار النفط تؤكد أن السعودية والكويت ستتجهان لتحقيق فائض بالموازنة، والإمارات تعزز فائض موازنتها.
أكد خبراء بقطاع المشتقات النفطية والاستثمار أن منظمة البلدان المصدرة للنفط "أوبك" تسعى إلى الاستفادة من المتغيرات التي تطرأ على الساحة العالمية، والتي تشمل الاضطرابات العالمية والإقليمية واحتمالية توقيع عقوبات أمريكية على النفط الإيراني، إضافة إلى ارتفاع الطلب الدولي على النفط، وذلك بهدف دفع الأسعار للإمام والوصول بخام برنت إلى مستوى 80 دولارا للبرميل في أسرع وقت ممكن، مقارنة بسعره الحالي المتداول أعلى 71 دولارا.
وهو الأمر الذي أكدت عليه أوبك في تقريرها الشهري خلال أبريل/ نيسان الجاري، إذ أوضحت أن فائض مخزونات النفط العالمية شارف على الانتهاء، وهو ما عزته إلى طلب قوي على الطاقة والتخفيضات التي تنفذها المنظمة على إنتاجها، مشيرة إلى أن التوقعات القوية للاقتصاد العالمي في 2018، والبيانات الإيجابية لمبيعات السيارات في الأشهر الأخيرة، وارتفاع استهلاك المنتجات النفطية في الولايات المتحدة على أساس سنوي في يناير/ كانون الثاني 2018، كلها عوامل تحفز أسعار النفط.
وفي ضوء ذلك رفعت أوبك توقعاتها لنمو الطلب العالمي على النفط في العام الحالي بمقدار 30 ألف برميل يوميا، إلى 1.63 مليون برميل يوميا.
وبحسب تصريحات الأمين العام لمنظمة أوبك، محمد باركيندو، لوكالة "رويترز" فإن هناك اتجاها داخل أوبك وشركائها من الخارج بقيادة روسيا لتمديد اتفاق خفض النفط حتى عام 2019، وذلك في ظل انقضاء الاتفاقية نهاية العام الجاري.
من جانبه، يقول محمد الأعصر، خبير المشتقات النفطية وأسواق المال، لـ "العين الإخبارية"، إن هناك نموا تدريجيا في الطب على النفط مع تحسن مؤشرات كل من الاقتصاد الصيني والأوروبي، يعزز من استعادة خام برنت مستوياته السعرية السابقة قبل انهيار الأسعار منتصف العام 2014.
ويعتبر الأعصر أن الانخفاض الذي شهدته السوق على مدار السنوات الأربع الماضية، تراجعًا استثنائيًا مؤقتا تحت ضغوط عمليات المتاجرة وتباطؤ في النمو الصيني والأوروبي وكذلك الأمريكي، ولكن الآن الأمور تتغير تمامًا وسط تحسن مؤشرات الطلب.
كما يوضح أن اتفاق خفض إنتاج النفط بواقع 1.8 مليون برميل يوميًا يقلص الفجوة بين فائض العرض والطلب، وهو معيار أساسي في استعادة أسعار النفط مستوياتها المعهودة تدريجيًا.
ولكن السؤال الأبرز الآن، ما هي الثمار التي يمكن أن تجنيها اقتصاديات دول مجلس التعاون الخليجي في حالة تسجيل سعر خام برنت 80 دولارا للبرميل؟.
تجيب التقارير الدولية والإقليمية على هذا السؤال، مع الأخذ في الاعتبار وضع موازنات الدول الخليجية للعام 2018 وسعر النفط المعتمد بالميزانية.
فعلى صعيد المملكة، فيشير تقرير لمصرف الراجحي، إلى أن ميزانية المملكة تم بناؤها على أساس سعر 54 دولارا للبرميل، وأن تعادل الموازنة يتحقق عند سعر 79.4 دولار للبرميل، في حين حدد البنك الأهلي التجاري سعر التعادل عند 71.5 دولار للبرميل مع إبقاء الإنتاج عند مستوى 10.1 مليون برميل يومياً نظراً لالتزام المملكة بخفض إنتاجها بناء على اتفاقيتها مع أوبك والمنتجين خارجها.
وقد حدد صندوق النقد الدولي سعر تعادل الموازنة السعودي عند 70 دولارا للبرميل، وهو ما يعني تفادي المملكة تكبد عجز مالي يقدر بـ 195 مليار ريال، يعادل 52 مليار دولار هذا العام.
الأمر أفضل حالاً على صعيد الموازنة الاتحادية الإماراتية لعام 2018، فهي تبلغ 51.4 مليار درهم للسنة المالية دون تسجيل عجز مالي، ما يعني فرصًا قوية لتحقيق فائض، وكذلك الأمر ذاته على صعيد موازنات كل إمارة على حده، ولاسيما أبوظبي صاحبة النصيب الأكبر من عائدات النفط.
وهو ما يتماشى مع تقديرات فيتش لسعر التوازن للموازنة الإماراتية عند 60 دولارا للبرميل، الأمر الذي يعكس الفوائض النقدية الضخمة التي ستتمتع بها البلاد.
وعلى صعيد الكويت، فهي الأخرى ستتحول من العجز المقدر بنحو 6.5 مليار دينار يعادل 21.5 مليار دولار بعد استقطاع نسبة الأجيال القادمة في موازنة العام المالي 2018/2019 إلى فائض، في ظل تقديرات الموازنة لسعر النفط عند 50 دولارا فقط، علمًا بأن الكويت تعتمد على النفط في توليد 60% من إيراداتها.
ربما تحقق سلطنة عمان فوائد اقتصادية أقل في حالة وصول خام برنت إلى 80 دولارا للبرميل، إذ تقدر مؤسسة التصنيف الائتماني فيتش سعر التعادل للموازنة عند 75 دولارا للبرميل، ولكن بشكل عام سيخلق تحسنًا كبيرا بموازنة العام الحالي التي اعتمدت سعر 65 دولارًا لبرميل خام برنت، علمًا بأن النفط يساهم بـ 70% من الإيرادات المتوقعة للعام الجاري.
وتتوقع موازنة العام 2018 تسجيل عمان إيرادات بقيمة 9.5 مليار ريال مقابل مصروفات مقدرة بـ 12.5 مليار ريال، ليبلغ العجز المتوقع 3 مليارات ريال.
أما البحرين، فهي أقل دولة بمجلس التعاون الخليجي استفادة من الانتعاشة المرتقبة في سعر النفط، حيث تقدر فيتش سعر التعادل عند 84 دولارا للبرميل، ولكن في النهاية ستقترب من سد عجز الموازنة لاسيما أن الإيرادات النفطية تسهم بـ 1.8 مليار دينار من الإيرادات المقدرة بـ 2.3 مليار دينار لعام 2018 بما يعادل 78.3%.
وما يضاعف ثمار أي ارتفاع في أسعار النفط، هي الخطوات الإصلاحية التي اتخذتها دول مجلس التعاون الخليجي، فيقول صندوق النقد الدولي إن الدول الخليجية نفذت خطط ضبط مالي تشمل تخفيضات في النفقات العامة والأجور كنسبة من إجمالي الناتج المحلي، فضلاً عن خفض النفقات الرأسمالية وزيارة الإيرادات غير النفطية لاسيما مع استحداث ضريبة القيمة المضافة والضرائب الانتقائية في بعضٍ منها.
ومن جهته، يعلق أيمن أبوهند، رئيس قطاع الاستثمار المباشر لأسواق الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بشركة كارتل كابيتال الأمريكية، بأن الاقتصاديات الخليجية ستستفيد بقوة من أي قفزات سعرية لخام برنت، بعد الإصلاحات المالية الجيدة التي تمضي في تنفيذها.
وأشار إلى تحول أي دولة من العجز في الموازنة للفائض سيترجم مباشرة إلى ارتفاع التصنيف الائتماني، مع التمتع بحرية أكبر في استمرار التوجه لأسواق الدين الدولية من عدمه، خاصةً أن الجدارة الائتمانية الأفضل حينها وتحسن الاحتياطيات النقدية الأجنبية ستمكنها من الحصول على تمويل بتكلفة أقل.