في السنوات الماضية زادت التحديات على دول منطقة الخليج العربي؛ فهناك دول غير مستقرة ظهرت في المنطقة وجماعات إرهابية أكبر همها زعزعة أمن الخليج وضرب استقراره
في السنوات الماضية زادت التحديات على دول منطقة الخليج العربي؛ فهناك دول غير مستقرة ظهرت في المنطقة وجماعات إرهابية أكبر همها زعزعة أمن الخليج وضرب استقراره، ولكن هناك تحديا من نوع آخر يهدد منظومة التنمية الخليجية، هذا التحدي يكمن في ضمان استمرار توليد وتوفير الطاقة تحت أي ظرف يلم بالمنطقة.
فاستقرار مستويات الرغد المعيشي وضمان التنمية الشاملة يعتمد اليوم بشكل أو بآخر على توافر الطاقة واستمرارها. فالدولة القادرة على توفير مستويات كافية من الطاقة في ظل تضخم الطلب ستضمن استمرار تطوير وتنمية قطاعاتها، كالقطاعات الصناعية والسياحية والطبية وحتى بنيتها التحتية. والدول المتقدمة في مجال البنية التحتية تجد نفسها تسير على خطين في مجال الطاقة.
الدولة القادرة على توفير مستويات كافية من الطاقة في ظل تضخم الطلب ستضمن استمرار تطوير وتنمية قطاعاتها.
الأول: بتوفير مشاريع تضمن تزويد الشبكة بالطاقة المطلوبة في الظروف الاعتيادية. والخط الثاني وهو الأهم من وجهة نظري: وضع خطط لتغذية الشبكة بالطاقة في الظروف الاستثنائية مثل وقوع عطل طارئ في إحدى محطات توليد الطاقة، لضمان عدم حدوث أي انقطاع سواء كان كليا أو جزئيا للطاقة في المنطقة المتضررة بالعطل.
هل حقاً استفادت الدول الأعضاء من هذا المشروع خلال الفترة المنصرمة أم لا؟
وبناءً على الرؤية الخليجية الموحدة لدعم التنمية الاقتصادية للدول الأعضاء، قررت دول المجلس أن تطلق مشروعا لربط شبكات الطاقة الخليجية. ففي عام ٢٠٠١م تأسست هيئة معنية للربط الخليجي بمسمى "هيئة الربط الكهربائي لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية" ومقرها في المملكة العربية السعودية وتحديداً في الدمام. مر المشروع بثلاث مراحل أساسية بدأت بربط شبكات الطاقة لكل من دولة الكويت والمملكة العربية السعودية ومملكة البحرين وصولاً لدولة قطر. ثم في المرحلة الثانية تم ربط شبكة دولة الإمارات بالشبكة الخليجية المنجزة في المرحلة الاولى. وأخيراً اكتمل العرس الخليجي للطاقة بربط شبكة الطاقة في سلطنة عمان بالشبكة الخليجية الموحدة.
على مدى الـ٢٥ سنة القادمة سيسهم مشروع الربط بتوفير ٣٣ مليار دولار للدول الأعضاء
ولعل البعض يتساءل، هل حقاً استفادت الدول الأعضاء من هذا المشروع خلال الفترة المنصرمة أم لا؟ وهنا دعوني أذكر لكم بعض الأمور تاركاً الجواب عن السؤال لكم بعد انتهائكم من قراءة هذه الفقرة. لقد تعاملت الهيئة مع نحو ٣٧٣ حادث توقف مفاجئ لمحطات توليد الطاقة في الدول الأعضاء دون حدوث أي انقطاع في الكهرباء لدى العميل أثناء الانقطاع المفاجئ لتلك المحطات، وفي عام ٢٠١٤م فقط، بلغ إجمالي المبالغ التي وفرتها الدول الأعضاء ٢١٤.٥ مليون دولار نتيجة الربط الخليجي. وفي العام نفسه بلغت قيمة التوفير في خفض الانبعاثات الكربونية ما يقارب ٨.٩١ مليون دولار. أما على مدى الـ٢٥ سنة القادمة سيسهم مشروع الربط بتوفير ٣٣ مليار دولار للدول الأعضاء، مما سيسهم في تنمية اقتصاد الدول الأعضاء وقطاعاتها الخدمية. وهذه قطرات من محيط المنافع التي حصلت عليها دول الخليج جراء ربط شبكات الطاقة. ومستقبلاً تتجه الهيئة كما ذكرت في رؤيتها نحو ربط الشبكة الخليجية مع بعض الدول المجاورة وصولاً إلى الأقاليم الأخرى في آسيا وأوروبا وإفريقيا لتحصل الدول الأعضاء على فوائد أكبر من المشروع الخليجي.
هذا المشروع الضخم إلى جانب دوره في التنمية والتقدم وضمان مستقبل أفضل للمنطقة، يوجه رسالة للجميع مفادها أن دول الخليج أقوى في توحدها ليس فقط تحت قبة سياسية واحدة بل في جميع مجالات الحياة.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة