توافق بـ"أبوظبي الاستراتيجي" على قيادة خليجية للشرق الأوسط
ملتقى أبوظبي الاستراتيجي السادس شهد انطلاق جلسة "منطقة الخليج.. القدرات والاحتمالات" في يومه الثاني والختامي.
سجل اليوم الثاني والختامي من "ملتقى أبوظبي الاستراتيجي السادس"، الإثنين، إجماعاً من الخبراء والمشاركين على أن منطقة الخليج العربي باتت بمثابة القائد للشرق الأوسط.
وانطلقت اليوم فعاليات جلسة "منطقة الخليج: القدرات والاحتمالات" بمشاركة نخبة من الخبراء، أبرزوا خلالها القدرات التي يتمتع بها الخليج العربي والتي تؤهله لقيادة المنطقة.
النزاعات والتنمية
وتوقع الدكتور الشيخ عبدالله بن أحمد آل خليفة، رئيس مجلس أمناء مركز البحرين للدراسات الاستراتيجية للطاقة، الإثنين، أن يشكل مجلس التعاون الخليجي كتلة سياسية متماسكة تمثل مركزاً إقليمياً للابتكار والتنمية المستدامة.
وقال الدكتور الشيخ عبدالله بن أحمد آل خليفة: "إذا استمرت معدلات النمو الاقتصادي على ما هو عليه اليوم، فستصبح كتلة مجلس التعاون الخليجي سادس أقوى اقتصادات العالم".
وحذر من أن زيادات النزاعات في منطقة الشرق الأوسط تؤثر على خطط التنمية المستدامة، لافتاً إلى استضافة البحرين لمجموعة العمل الخاصة بأمن الملاحة البحرية والجوية بمشاركة 30 دولة لوضع أرضية مشتركة لحماية الممرات المائية.
وأشار رئيس مجلس أمناء مركز البحرين للدراسات الاستراتيجية للطاقة إلى أن مشروع إيران النووي يهدد النمو والتطور في المنطقة ويفاقم النزاعات فيها، موضحاً أن القمة الخليجية المقبلة ستواكب جميع التطورات الإقليمية في المنطقة.
3 مخاطر خليجية
من جانبه، أوضح سعد العجمي، وزير الإعلام الكويتي الأسبق، أن أمن بلاده مرتبط بالبعد الخليجي والعربي في المقام الأول.
ومضى العجمي قائلا: "إقليميا نحن أمام 3 حالات الأولى تمثل خطرا وهي إيران، والثانية نراها كتحدٍ وهي تركيا، والثالثة هي الصراع المستمر مع إسرائيل، ويجب ألا نعول على الولايات المتحدة كحليف أساسي".
وأضاف: "زيارات رؤساء الصين وروسيا والهند الأخيرة لدول الخليج العربي تفتح الأبواب أمام استثمارات ضخمة لموارد المنطقة".
وشدد على أن الكويت شاركت بقوة ضمن التحالف العربي في اليمن واستضافت محادثات السلام، مضيفاً: "السفير الكويتي لدى طهران لا يزال موجودا في بلادنا، ولن يعود بعد اكتشافنا لخلية تجسس إيرانية في البلاد".
ونبه في الوقت نفسه أنه لا يمكن لأي مشروع عربي أن ينهض دون وجود مصر، فهي من الأضلاع الأساسية للمعادلة العربية.
الخطر الإيراني
من جانبه، أكد جميل الذيابي، رئيس تحرير صحيفة "عكاظ" والمشرف العام على صحيفة "سعودي جازيت"، أن تماسك منظومة مجلس التعاون الخليجي يعني أن الجميع على الطريق الذي يقود إلى مستقبل أفضل.
وقال: إن "اتجاه دول الخليج إلى الذكاء الاصطناعي دليل على نزعة قوية للتفكير في مستقبل الأجيال، ومجلس التعاون لا يزال منظومة صلبة، لكن ثمة الكثير من الأهداف التي لم تتحقق بعد مثل التكامل والوحدة".
ونوه إلى رغبة بعض دول الخليج العربي في مشاريع التكامل والوحدة، فيما يحاول آخرون عرقلتها، قائلا: "المواطن الخليجي محصن بولائه ودفاعه عن وطنه ومعرفته بالمشاريع الوطنية الحقيقة".
ولفت الذيابي إلى أن طهران تعمل بأفكار توسعية في سوريا وهيمنة كاملة تعمل على إقصاء المشروع الوطني لهذا البلد، لكن في اليمن فقد تم تطهير أكثر من 85% من الأراضي اليمنية من احتلال إيران وأذيالها الحوثيين.
واعتبر أن إيران تشكل خطرا جسيما على المنطقة والممرات المائية الدولية فيها، مؤكداً أن دول الخليج لا تنقصها القوة والتسليح الحديث لمواجهة أي أخطار.
قيادات الخليج
أما الدكتور عبدالخالق عبدالله، أستاذ العلوم السياسية والمختص في الشؤون الخليجية، فأكد أن الخليج وقيادته الحالية أكثر ثقة بنفسها وقدراتها من أي وقت آخر، مضيفاً: "عندما نستعرض خارطة القوى في الشرق الأوسط نجد أن دول الخليج العربي هي الأكثر تأهيلا لقيادة المنطقة".
وقال "إن حصيلة التحولات العالمية خلال العقدين الأخيرين تصب جميعها في صالح الخليج العربي"، مؤكداً أن دوله استفادت كثيرا من التحولات المعرفية والاقتصادية ما جعلها مركز الثقل العربي الجديد.
وواصل حديثه، قائلا: "الخليج العربي أصبح مصدرا للنفوذ بعد أن كان مستقبلا له، وقيادته للمنطقة جاءت لتبقى، وأهم سمة من معالمها أنها ترفرف بجناحين قويين سعودي وإماراتي".
ورأى أستاذ العلوم السياسية أن التنسيق السعودي الإماراتي هو جديد لحظة الخليج العربي الحالية وقد جاء ليبقى، مضيفاً: "وجودنا في منطقة صعبة وبجانب جار عدائي هو أكبر التحديات التي تواجه دول الخليج".
وأشار إلى أن دول الخليج تحملت مسؤوليات جسيمة خلال العقدين الماضيين من بينها إعادة الاستقرار والاعتدال للمنطقة.
وأوضح أن دول الخليج تتحمل مسؤولية الأمن القومي العربي نيابة عن 16 دولة تعيش أوضاعا مأساوية.
القوة الناعمة
في حين رأت الدكتورة ابتسام الكتبي، رئيسة مركز الإمارات للسياسات، أن القوة الحقيقة للدول تشمل الناعمة والصلدة وتقنيات الذكاء الاصطناعي، موضحة أن الإمارات تتمتع بهذه القوة ولديها قوة الذكاء الاصطناعي.
وقالت: "من ينظر إلى القوة بمفهومها الشامل هو من يستطيع أن يحتل مكانة متقدمة في المنطقة، فامتلاك القوة الخشنة وحدها ينتج الاستبداد والحروب، كما أن الاكتفاء بالقوة الناعمة وحدها يجعل الدول نهبا للأعداء".
ونبهت إلى أن التحدي الذي يواجه الشرق الأوسط حالياً يتمثل في عدم وجود توازن للقوى في المنطقة، داعية إلى خلق هيكل أمني واضح ومتفق عليه لتلبية مصالح جميع الأطراف في الخليج العربي.
ويسلط ملتقى أبوظبي الاستراتيجي السادس الذي ينظمه مركز الإمارات للسياسات بالتعاون مع وزارة الخارجية والتعاون الدولي، وبرعاية الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية والتعاون الدولي الإماراتي، الضوء على خارطة القوة بالعالم، ويمهد لرسم رؤى المستقبل.
وتسعى الدورة السادسة لـ"ملتقى أبوظبي الاستراتيجي" إلى تكريس استمرارية، هدفه من أجل بلورة فهْم لواقع النظامَين الإقليمي والدولي وتحولات القوة فيهما، من خلال جلسات ونقاشات تجمع، على غرار النسخ السابقة، نخبة واسعة ومتنوعة من السياسيين وصناع السياسات والأكاديميين والخبراء البارزين.
كان اليوم الأول من فعاليات "ملتقى أبوظبي الاستراتيجي السادس" قد شهد الإعلان عن إطلاق أكاديمية الإمارات للسياسات.