ليته كان نظاما عادلا يراعي شعبه ويحقق لهم حياة كريمة في ظل دولة غنية مصدرة للنفط، ولكنه اختار أن يعيش شعبه في مآسٍ إنسانية كبيرة.
لطالما وقف النظام الإيراني ضد أي تعاون أو اتحاد بين دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية؛ فهذا النظام يضعف حقا عندما يرى الخليجيين أكثر قربا وتجانسا ووحدة، ويعمل بكل ما لديه من أجل منع تلاقي الخليجيين واتحادهم؛ لذلك لا غرابة أبدا عندما نرى شخصا مثل أمير عبد اللهيان المساعد الخاص لرئيس مجلس الشورى الإسلامي الإيراني وهو ينتقد ما سمّاه باصطفاف السعودية والإمارات والبحرين في منتدى دافوس الاقتصادي بسويسرا.
ما سمّاه عبد اللهيان «الخطأ الاستراتيجي» في تغريدته عن الدول الخليجية الثلاث وفي ذلك المنتدى، هو في الحقيقة الأصل بين دول تجمعها عوامل مشتركة كثيرة، لذلك ليس مستغربا أن تقف تلك الدول على خط واحد متجانس ومتحد، بل الغريب ألا يكون كذلك، ولكن لأن إيران ونظامها يدركان أن تلك المواقف الموحدة بين السعودية والإمارات والبحرين تعني المزيد من القوة فيما بينها، وتعني بالمقابل أيضا، ضعف النظام الإيراني الذي يمر بأحرج فترة في تاريخه بعد انتفاضة شعبه ضده والتي لا تزال مستمرة.
وبما أننا ذكرنا الشعب الإيراني، فالمستغرب ليس تجانس واتفاق دول الخليج العربي الثلاث أو حتى الست عطفا على العوامل المشتركة العديدة فيما بينها كالدين واللغة والعادات والتقاليد وصلات القربى، وإنما الغريب بقاء دولة مركبة مثل إيران تضم مختلف الأعراق والقوميات واللغات تحت نظام حكم واحد، ويا ليته كان نظاما عادلا يراعي شعبه ويحقق لهم حياة كريمة في ظل دولة غنية مصدرة للنفط، ولكن هذا النظام اختار أن يعيش شعبه في مآسٍ إنسانية كبيرة من فقر وبطالة، وألقى بأمواله في الخارج لتنفيذ أجنداته الاستعمارية في دول عربية جارة لإيران للسيطرة عليها.
إن كان النظام الإيراني يرى أن هناك «خطأ استراتيجيا» في تقارب وتجانس السعودية والإمارات والبحرين؛ فنحن نراه بالتأكيد قوة وهو الأصل بين دولنا الخليجية، وإذا كان النظام الإيراني يعتقد أن الصحيح أن ترتمي دولة مثل قطر في أحضانه، فنحن نعتبره شذوذا سياسيا وخطأ كبيرا.
طبعا عبد اللهيان ذكر في تغريدته الجوار ومراعاة إيران لحقوق جيرانها العرب، واستشهد بوقوف إيران ضد احتلال صدام للكويت، وهذا أيضا من باب التدليس والمزايدة التي نعرفها جيدا عن النظام الإيراني؛ فإيران لم تقف مع الكويت لأنها جارة عربية مسلمة، ولكنها وقفت ضد صدام حسين الرئيس العراقي السابق الذي حارب إيران لـ8 سنوات، ثم إن سقوط نظام صدام كان من أهداف النظام الإيراني حتى يستطيع مد نفوذه للعراق والسيطرة عليها، وهذا ما حصل لاحقا بعد عام 2003.
ثم إن للجار حقوقا، فهل راعت إيران حق الجوار بينها وبين البحرين؟ ألم تحاول دائما السيطرة على البحرين وتعتبرها محافظة تابعة لها؟ ألا تزال مستمرة في تجنيد بحرينيين خائنين وتدربهم عسكريا وتهرب الأسلحة لهم في البحرين، وتفعل الأمر نفسه مع خونة سعوديين من المنطقة الشرقية، وهي نفسها التي احتلت جزرا تابعة لدولة جارة لها وهي الجزر الإماراتية الثلاث، ثم أليس النظام الإيراني يتبجح دائما باحتلاله لـ4 عواصم عربية؟ ومنها دولة جارة لإيران وهي العراق، فعن أي جوار يتحدث عبد اللهيان هذا؟ ومهما يكن مفهوم الجوار عند هذا النظام فهو بالتأكيد ليس الجوار الذي نعرفه كمسلمين.
إن كان النظام الإيراني يرى أن هناك «خطأ استراتيجيا» في تقارب وتجانس السعودية والإمارات والبحرين؛ فنحن نراه بالتأكيد قوة وهو الأصل بين دولنا الخليجية، وإذا كان النظام الإيراني يعتقد أن الصحيح أن ترتمي دولة مثل قطر في أحضانه، فنحن نعتبره شذوذا سياسيا وخطأ كبيرا ترتكبه دولة شقيقة أضاعت بوصلتها وذهبت إلى من يعتبرهم التاريخ أكثر حقدا وبغضا وعداوة للعرب وهم الفرس والأتراك.
ولكن علينا أن نفهم أيضا، أن إيران قد تكون مقبلة على أدوار مختلفة في المرحلة المقبلة؛ فهي ستعمل على تسليط الضوء أكثر على دول الخليج العربي، من أجل تخفيف الضغط عنها وما تتعرض له من أزمة كبيرة سببها انتفاضة الشعب الإيراني ضد نظام الحكم وشملت كل الأقاليم الإيرانية، وإن كان هناك خطأ استراتيجي لدولنا العربية فيتمثل في عدم دعم هذه الثورة والوقوف مع الشعب الإيراني ضد نظام قمعي قام طوال 40 عاما على اضطهاد هذا الشعب وظلمه.
نقلا عن "الوطن البحرينية"
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة