حماس عليها أن تنحاز لقضية شعبها، وألا تكون أداة في أيدي أنظمة تدعي الممانعة كما يحدث في كل أزمة مع إسرائيل
في تصريح لرئيس حركة حماس في قطاع غزة يحيى السنوار أدلى به الأسبوع الماضي، قال في رد على شاب فلسطيني: «إن النظام القطري (زعلان) من المصالحة الوطنية التي تمت أخيراً بين حركة حماس ومنظمة فتح، برعاية مصرية وعربية، تريد الخير والسلام للشعب الفلسطيني في مواجهة الأزمات السياسية والاقتصادية والأمنية التي يعاني منها الشعب الفلسطيني، وتجعله ممزقاً في ملفات مصيرية، وخصوصاً في عملية السلام في الملف الفلسطيني، ولا شك أن هذا الاتفاق سيكون ورقة مهمة في حال تم الدفع بعملية السلام على أساس المبادرة العربية من قبل القوى الدولية، وعلى رأسها إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب».
محاسن الأزمة الخليجية والعزلة التي تعيشها قطر، أنها أظهرت انعكاسات إيجابية عملية على الصعيد العربي، ويأتي في مقدمتها الملف الفلسطيني وهذه الانفراجة التي حدثت أخيراً، التي نتمنى أن تتم وتُنفّذ بنودها، وخصوصاً إدارة قطاع غزة من قبل السلطة الفلسطينية.
الغريب أن النظام القطري، ومن خلال أمواله وخطابه الإعلامي، دائم الاستغلال وبشكل عاطفي وتهييجي للشعوب العربية ضد حكامها بتفريطهم في القضية الفلسطينية، وهذا يتماهى مع السياسة الإيرانية تجاه القضية الفلسطينية، التي فقط تهدد وتزبد وترعد بالتهديد ومسح إسرائيل من الخريطة، ولكن في الواقع هذا الخطاب يتلاشى دائماً بعد كل مشكلة فلسطينية، سواءً بين الفصائل الفلسطينية أم مع إسرائيل، والنتيجة النهائية دائماً أن من يُقتل وتُدمّر منازله ويُشرد هم الفلسطينيون، والشعوب العربية للأسف تنجرف مع هذه الخطب الرنانة من قبل إيران.
الآن، النظام القطري يستنسخ هذا السلوك الإيراني، فهذه الدوحة الحاضنة، الأم للقيادات الإخوانية، ومنها بعض قيادات حماس، وتحاول أن تلوي ذراعهم وتهددهم بقطع المساعدات المالية التي تدفع للموظفين في قطاع غزة.
هذا المسؤول من منظمة حماس كشف وفضح الدور التخريبي للنظام القطري في ملف القضية الفلسطينية، وباعتقادي أن فك أو تهذيب العلاقة بين النظام القطري وحركة حماس ليس بالأمر الهين، ولكن نحتاج إلى قيادات من تنظيم حماس تنحاز إلى شعبها بعيداً عن الخلافات العربية، التي تستغلها الدوحة في محاولة منها للعب دور إقليمي، هو أكبر من قدراتها ورؤيتها، وعلى حساب قوى عربية أخرى، كالدور المصري والأردني والسعودي، وهذه القوى لها سياسات ثابتة في مناصرة القضية الفلسطينية، ليس لتحقيق مصالح ضيّقة، أو تحقيق نصر وهمي هنا أو هناك.
لا يوجد شك لديّ في أن من محاسن الأزمة الخليجية والعزلة التي تعيشها قطر، أنها أظهرت انعكاسات إيجابية عملية على الصعيد العربي، ويأتي في مقدمتها الملف الفلسطيني وهذه الانفراجة التي حدثت أخيراً، التي نتمنى أن تتم وتُنفَذ بنودها، وخصوصاً إدارة قطاع غزة من قبل السلطة الفلسطينية. على الملف الليبي نشهد محادثات صعبة بين القوى الليبية في العاصمة التونسية، ولا شك في أن قطع المال القطري بسبب المقاطعة العربية أضعف وصول هذا المال إلى العديد من التنظيمات الإرهابية في ليبيا وسورية، مما أضعف وتيرة الإرهاب، وبدأنا نشهد عملاً حقيقياً للوصول إلى حلول سياسية تخرج المنطقة من الفوضى التي تعيشها منذ سنوات، وقطر ليست ببعيدة عن نشرها وتبنيها، وخصوصاً من خلال خلط الأوراق في خطابها الإعلامي، فهي تهاجم القوى الاستعمارية تارة، وتنسى أن من تهاجمه له أكبر قاعدة عسكرية في المنطقة، وللأسف أن شعوب المنطقة تندفع وتصدّق مثل هذا الخطاب المتناقض.
حماس عليها أن تنحاز لقضية شعبها، وألا تكون أداة في أيدي أنظمة تدعي الممانعة كما يحدث في كل أزمة مع إسرائيل، وتتركها والشعب الفلسطيني يدفعون ثمن عنتريات لا تقدم ولا تؤخر في مسيرة الوصول إلى حل واقعي للقضية الفلسطينية. لا شك في أن مسألة امتلاك السلاح من بعض التنظيمات الفلسطينية خارج إطار السلطة الفلسطينية، هو عامل مدمر لحلحلة الملف الفلسطيني، ويضعف المواقف العربية الساعية إلى مساعدة الشعب الفلسطيني في أي سيناريو مستقبلي للحل.
نقلا عن "الحياة" اللندنية
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة