تستقبل دول الخليج عاماً جديداً بمعطيات جديدة وتطورات متسارعة شهدتها المنطقة عام 2021 أسهمت في تغيير الملامح السياسية والاقتصادية والأمنية للمرحلة، فتجاوزت دولُ الخليج خلافاتِها البينية وقفزت في سياستها الخارجية على التباينات السياسية في علاقاتها مع الدول
كما شهدت المنطقة قفزات اقتصادية من خلال توقيع الاتفاقيات الاقتصادية والتوافقات الخليجية في قمة الرياض، وكذلك تنسيقها الأمني عالي المستوى في مواجهة ملفات ملحة، أبرزها الملف النووي الإيراني المفتوح على كل الاحتمالات.
وكانت القمة الخليجية الثانية والأربعين في الرياض، والتي عقدت في 14 من ديسمبر الماضي، بداية مرحلة من التوافق الخليجي تتأسس فيها العلاقات الخليجية-الخليجية على التعاون والانطلاق نحو المستقبل.
وقد شهد عام 2021 إعادة تشكيل للمشهد الخليجي، ففي الخامس من يناير عُقدت في العُلا قمةُ المصالحة الخليجية، حيث دشنت دول مجلس التعاون عهداً جديداً من الوفاق وتغليب المصالح، وأُعلن رسمياً عن انتهاء الأزمة الدبلوماسية التي اندلعت بين قطر من جانب ومصر والسعودية والإمارات والبحرين من جانب آخر في يونيو 2017، وشهدت الساحة الخليجية طوال العام جهوداً دبلوماسية وسياسية لتعزيز التعاون وإعادة بناء الشراكات، فأنهت المصالحة ملف الخلاف المذكور، إلى جانب ظهور انفراج في العلاقات التركية مع كل من الإمارات ومصر.
استمرت جهود التقارب الخليجي الإيراني في عام 2021، وعُقدت أربع جولات من المحادثات بين السعودية وإيران برعاية الحكومة العراقية، بدأت في إبريل ووُصفت بأنها "ودية" و"استكشافية"، وينتظر أن يتم تحديد موعد لبدء الجولة الخامسة.
كما شهدت العلاقات الإيرانية الإماراتية تقارباً تُوِّج بزيارة سمو الشيخ طحنون بن زايد آل نهيان، مستشار الأمن الوطني، لإيران في السادس من ديسمبر، وكانت الزيارة الأولى من نوعها لمسؤول منذ عام 2016، وقد جاء حاملا دعوةً رسميةً للرئيس الإيراني لزيارة الإمارات.
التقارب الخليجي الإيراني بشكل عام يحمل دلالة لافتة على رغبة دول المنطقة في تغيير سياساتها تجاه القضايا الإقليمية بما يخدم مصالحها المشتركة بهدف جسر الهوة وتعزيز التعاون الإقليمي. دبلوماسية بناء الجسور التي تبنتها الدول الخليجية في عام 2021 ظهرت جلياً في قفزات التقارب التي شهدتها العلاقات الإماراتية التركية عقب زيارة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، لأنقرة في 24 نوفمبر الماضي وتوقيع حزمة من الاتفاقات الاقتصادية بين الجانبين، شملت التعاون في مجالات الاقتصاد والتكنولوجيا والطاقة والبيئة. كما أعلنت الإمارات عن تأسيس صندوق بقيمة 10 مليارات دولار لدعم الاستثمارات في تركيا.
ألقى فيروس كورونا للعام الثاني بظلاله على المشهد الداخلي الخليجي، فشهدت دول الخليج فترات إغلاق، وطُبقت أقصى التدابير الاحترازية، وتفاوتت الدول الخليجية في مستوى الانتشار والاحتواء، لكن بقيت أجواء التفاؤل مسيطرةً، لا سيما مع ارتفاع نسب تطعيم السكان والمقيمين في دول الخليج.
كما شكّل انطلاق "إكسبو 2020 دبي" قاطرة أمل لتجاوز الفيروس ومتحوراته.
ورغم الأجواء الضبابية، يحمل عام 2022 الأمل بتجاوز الوباء وآثاره.
كان 2021 عام طي الخلافات وتجسير الفجوات، وسيكون 2022 عام ثمار التقارب وبناء تحالفات جديدة وتأسيس صفحة جديدة للأمن الإقليمي.
نقلا عن الاتحاد الإماراتية
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة