مقومات السعادة كثيرة ومتعددة، ومن الظلم أن يتطرق المتحدث عن السعادة للمال فقط، ناسيا أو متناسيا جوانب كثيرة.
تشير الدراسات المتخصصة في السعادة إلى أن سعادة الفرد لها مسببات عدة، ولا ترتكز على سبب واحد، وهنا نتحدث عن حياة الأفراد بمجملها، دون التركيز على جانب واحد فقط، ولعل أبرز تلك الدراسات هي الدراسة الشهيرة التي قامت بها جامعة هارفارد، التي امتدت لأكثر من 80 عاما؛ حيث أشارت الدراسة إلى أن أهم سبب في تحقيق سعادة الفرد هو وجود "أصدقاء جيدين"، وذلك مقارنة بالمال والنجاح.
بعيدا عن المثاليات والشعارات المنمقة، وقبل أن نندفع بالقول "المال سبب السعادة"، لا بد أن نعي جيدا التركيبة النفسية للإنسان، والتي تؤثر أو تتأثر بما يدور حولها من حركات ووقفات ومواقف على مدار اليوم، كالحالة الاجتماعية والصحية، والشعور بالاستقرار والأمان والمحبة، ومستوى دخل الفرد، وتوافر مقومات الحياة الكريمة الأخرى، كالتعليم والوظيفة ووسائل المواصلات الجيدة والمسكن، وذلك بالإضافة إلى الاعتقاد الديني والإيمان الراسخ المُنتج للقناعة والرضا بالقدر خيره وشره.
نحتاج بين الحين والآخر إلى أن نوضح بعض ما التبس على الناس، بأن مقومات وأسباب السعادة متعددة، لا يمكن حصرها في جانب مادي واحد، وفي الوقت ذاته، لا يمكن التغاضي عن أهمية مستوى دخل الفرد في توفير حياة اجتماعية مناسبة له يستطيع من خلالها توفير احتياجاته اليومية.
إذا مقومات السعادة كثيرة ومتعددة، ومن الظلم أن يتطرق المتحدث عن السعادة للمال فقط، ناسيا أو متناسيا جوانب كثيرة تؤثر في مستوى سعادة الفرد، بل قد تجعل من المال لا قيمة له بدونها، فما قيمة الملايين دون الشعور بالأمن والاستقرار الاجتماعي وتوافُر الرعاية الصحية والتعليم الجيد؟ وما فائدة الدراهم دون وجود منظومة عمل حكومي متطورة، ونظام قضائي عادل، وبيئة صحية، ومجتمع متجانس ومتآخٍ؟
النقاش المحتدم حاليا في وسائل التواصل الاجتماعي، ما بين مدافعٍ عن المال ومتجاهلٍ لكل أسباب السعادة الأخرى، وبين راضٍ ومقتنع بأن سعادة النفس البشرية هي مرحلة متقدمة من الرضا والقناعة، وبأن الإنسان يعيش منذ ولادته حتى مماته متقلبا بين أفراح وأتراح، هو نقاش لن ينتهي، ما دام طرفا الحوار لم يجلسا على طاولة واحدة، ليضعا أسباب السعادة الحقيقية، ويقيّما الأولويات التي قد يحتاج إليها الفرد، ويقارناها بما هو موجود في دولتنا الحبيبة، وما قد نحتاج إليه من تطوير وتحسين في الخدمات الحكومية.
لسنا هنا في معرض دفاع عن وزير أو وزارة، ولا أعتقد أن أي مسؤول حكومي يحتاج لكاتب ليدافع عن عمله وأدائه، بل حري بإنجازاته والأرقام أن تتحدث عن نفسها، ولكننا نحتاج بين الحين والآخر إلى أن نوضح بعض ما التبس على الناس، بأن مقومات وأسباب السعادة متعددة، لا يمكن حصرها في جانب مادي واحد، وفي الوقت ذاته، لا يمكن التغاضي عن أهمية مستوى دخل الفرد في توفير حياة اجتماعية مناسبة له، يستطيع من خلالها توفير احتياجاته اليومية.
وفي المقابل.. فتجربة دولة الإمارات في تعيين مسؤولٍ حكومي يشرف على ملف السعادة وجودة الحياة، هي استكمال لنموذج العمل الحكومي الإماراتي الفريد، الذي يضع جودة حياة الأفراد وسعادتهم في صميم العمل الحكومي.
نقلا عن "البيان"
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة